آراء

الواقع الكردي …….. أمال منتعشة يشوبها الحذر

احمد دارا
أحداث متسارعة ووقائع متغيرة وتحولات مبهمة تسيطر على المشهد السياسي الدراماتيكي في منطقة الشرق الاوسط الملتهب بوطيس الفوضى الخلاقة ومفرزاتها الأيديولوجيا الداعشية ومن لف لفها من الجماعات المدجنة التي تمارس أرهابها متسترة بعباءة الاديان بزعامة تنظيم داعش التي تمكن بفترة قياسية من اجتياح مناطق شاسعة في العراق وسوريا وبسط نفوذه عليها تحت مسمى (الدولة الاسلامية) لتدخل معها المنطقة المنهكة أصلا في دوامة الصراعات السلطوية العقائدية والتناحرات المذهبية الطائفية وما تلاها من تصفيات وتهجيرات قسرية ممنهجة طالت الابرياء ناهيك عن حالة الشرخ المجتمعي والاختلال البنيوي الفكري الذي نتج عنها.أذ لا يخفى ان حالة الغليان الفوضوي التي تعيشها أكثرية بلدان المنطقة اليوم توحي بأقتراب حقبة جديدة تتضح معالمها شيئا فشيئا وتحمل بين طياتها بوادر تغيير جيوسياسي يطال الحدود المرسومة وفق سايكس بيكو المنتهية الصلاحية وذلك عبر مراحل ممنهجة ومتتالية تبني خارطة المنطقة المستقبلية على انقاض الواقع الحالي الذي تئن تحت وطأته المنطقة والذي بات بأمس الحاجة الى أعادة تأهيله وضبط احداثياته بما ينسجم ومتغيرات المرحلة الوليدة وهندسته وفق معايير جديدة تراعي تطلعات الشعوب وحقوقهم المشروعة بما يتواءم وحالة التوازنات الدولية والاقليمية الراهنة. وما يهمنا ككرد من جملة ما يحدث وما سيحدث هو موقع القضية الكردية ضمن قائمة الاحداث ومصيرها في حسابات اللاعبين الدوليين ومألاتها المستقبلية على ضوء المستجدات الحاصلة .حيث تبدو مؤشرات التفاؤل مرتفعة لدى عموم الكرد فيما يتعلق بوضعهم المستقبلي و ازالة الغبن الذي لحق بقضيتهم طوال عقود خلت وخاصة بعد عودة القضية الكردية الى مسرح الاحداث الدولية من نافذة مواجهة داعش والتصدي لوحشيته في جبهة مفتوحة على امتداد الاراضي الكردستانية بمساندة قوات التحالف الدولي وما تلاه من انتصارات تزامنت مع نشاط دبلوماسي كثيف كانت سمته الابرز التغيير الذي عبر عنه الرئيس البرزاني خلال مشاركته بمؤتمر ميونخ الامني موضحا ان حدود سايكس بيكو تمحى بالدم معلنا عن دخول القضية الكردية حقبة جديدة من عهدها تحتم علينا تنسيق الموقف والطرح الكرديين وخاصة في روج افا والعمل على بناء خطاب سياسي وطني عام وتبنيه داخليا ودوليا والخروج من حدود الحالة الحزبية الضيقة الى فضاء الحالة الوطنية الواسعة على الاقل في المرحلة الراهنة.اذ تشير الدلالات الظاهرية لمجرى الاحداث والسياسة الدولية الى اهتمام غير مسبوق بالمسألة الكردية وتؤسس كما يرى البعض لعهد كردي جديد بامتياز سيصطدم على مايبدو بمعارضة اقليمية تركية ايرانية كانت بدايتها التصريحات القادمة من انقرة والمعارضة لأقامة كيان كردي في سوريا على غرار اقليم كردستان العراق مرورا بمثيلاتها من بعض المواقف العربية ورغم انها تندرج في سياق ردود الافعال الشفوية الاولى على تغير وتطور الموقف الغربي اتجاه الكرد الا انها توجب الوقوف عند مدلولاتها وما تثيره من تساؤلات عن مدى قدرة الجراح الامريكي المشرف على عملية تشريح المنطقة ونجاحه في ترويض مواقف تلك الدول وسياساتها اتجاه الكرد وهل سيكمل المهمة الى النهاية ويحيي الامال الرازحة تحت الرماد..؟ أم انه سيحذو حذو سابقتيه فرنسا وانكلترا ويكرر سيناريو لوزان ؟…مخاوف منطقية يتعين على الكرد التيقظ لها والاستفادة من تجارب التاريخ الحافل بها كي لا يقعوا فريسة لشراك لعبة الامم مرة اخرى وايهامهم بالوعود البراقة الى حين انتهاء معركتهم مع داعش . فمجريات المرحلة الحساسة تستدعي التعامل معها بحكمة و حذر بالغ بعيدا عن العواطف ودغدغة الشعورالقومي الذي عانينا منه سابقا وحاضرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى