آراء

الوحدة الكردية هل ستكون العصا السحرية؟

ليلى قمر

ما بين اختلاف الرأي وانعدام الثقة وعنجهية القرارات تبلورت رؤية الأطراف الكردية المتواجدة في الخط السياسي والعسكري في درب واحد كان من المفترض بأن تكون أهدافها هي توحيد القوى السياسية والعسكرية ، وذلك للحد من العراقيل أمام الهدف المقدس ، هذا الهدف الذي بات حلما يتوارث من  جيل لآخر ، والذي يتجسد بتحرير الأرض والشخصية الكرديتين من اية هيمنة  حيث أن كردستان بمفهومها الجغرافي كوحدة أرض وشعب كان شعارا فضفاضا أستوعب تحت بنوده آنذاك ولتنزلق الى هلامية الفحوى ومعها استنزف آلاف الشباب كطاقة هادرة سخروا كقوة عسكرية قاتلت واستشهدت في منظومة( حزب العمال الكردستاني في تركيا) وبعد سقوط عشرات الآلاف من الشهداء ، خفت هذا الشعار وفقد بريقه ، لابل أصبح وبالا وارثا ثقيلا في ذهنية الذين تبنوه ، وبناء عليه تحولوا إلى  شعار جديد مطاط يتمدد إلى اللانهاية من الشعارات والركائز المحبطة ، وعليه اصبح الشعب الكردي وكامل مناطق كردستان سوريا ساحة  قوية انطلق منه حزب العمال الكردستاني  باسم وهدف جديد ، واستطاع التحكم بزمام الأمور  إثر تحالفه الخفي المعلن مع النظام في دمشق ، وبناءً عليه هيمن وبقبضة حديدية مجددا على القرار والإرادة الكردية . هذه الهيمنة التي توضحت أهدافها مع بدايات تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي وتحديد مهامه وطروحاته  ، والتي لخصت في مصطلح ( الأمة الديمقراطية) و ( إخوة الشعوب) هذا الشعار الفضفاض  الذي استطاع في الظاهر استيعاب كل المكونات المتواجدة في كردستان سوريا ، لكنه فشل في البناء الذاتي ، ولم يستطيع وضع يده في يد أخيه الكردي الشريك الاساسي له ، وتفرد في السلطة واجتز في المطالب الكردية ، لابل قزمها ، وجعلها من أواخر اهتماماته ، على قاعدة أولوية محاربة الإرهاب بزعم الحفاظ على أمن المنطقة ، وهي في الحقيقة ذات أساليب نظم الاستبداد التي تسعى وبإجراءات ممنهجة الصنع في إيجاد مسوغات لقمع   أي صوت أو حركة سياسية تنادي وتعمل من أجل كرامة الإنسان وحقوقه ، وحيث ان الخط السياسي الكردي في سوريا ، ومنهجية التعامل البيني ، الذي يختلف تماما عن أساليب حزب الاتحاد الديمقراطي ، ناهيك عن الخلاف في الطرح السياسي جذريا معها ، هذه العوامل كانت من اهم الأسباب التي دفعت ال ب ي د إلى ممارسة القمع والاستفراد بالقرار ، في سعي للهيمنة على كامل الشارع الكردي ، أضف إلى ذلك ، قضايا وممارسات أخرى دفعت بغالبية شعبنا للتوجه صوب الهجرة والشتات ، وعززت هذه الهجرات مؤخرا بعد الغزو التركي المدعومة من ميليشيا ما تسمى بالجيش  الوطني – وعليه تم تقطيع أوصال مناطقنا وزاد من معاناة شعبنا ، ومع كل ذلك  توقع جميعنا ان يقوم هذا الحزب بإعادة النظر في كل المسببات التي أدت بنا كشعب إلى هذه المآسي ، وأن تعود من جديد إلى أبسط مقومات التشارك في حمل ومواجهة هذه التحديات الجديدة ، فتطرح وحدة الصف الكردي كخيار ضروري جدا ، لا كطرح مستهلك ، بقدر ما هو مطلب رئيسي ، ولكن شعار اللعب على المتناقضات العالمية ، ورياح تحالفاتها المبنية أساسا على المصالح وأهداف كل طرف دولي منغمس في الأزمة السورية ، وبقايا نشوة القوة عند البعض من أطرها ، كل هذا يوحي بأن نسبة من سيعرقل وحدة الصف ستكون أعلى إن لم تتم إعادة مصلحة شعبنا الكردي في سوريا الى الأولويات مع قضية الديمقراطية في الوطن ، إن وحدة القرار أصبح مطلبا جماهيريا ملحا ، هذه الوحدة التي يتوجب ان يشمل الشقين السياسي والعسكري ، وان تؤسس لبنية متينة  حتى لا نقول ترتكز على توافقات سابقة ( هولير واحد واثنان واتفاقية دهوك ) ، ومن المؤكد إن لم تتأسس على هذه الأرضية ، أي مصلحة شعبنا الكردي في سوريا ، دون إهمال البعد الكردستاني من نواحي المشورة والمساعدات اللازمة ، وبالتأكيد  نحن نلاحظ أيضا مدى ما يتعرض له قسد من الجميع دولا واصدقاء في خاصية العلاقة مع حزب العمال الكردستاني ، والذي لم يبق طرف إلا وقدم النصيحة لفك الارتباط معها ، وللحد من صراع الأجندات ، والتركيز بدلا عنها في الاحتكام الى الشارع الكردي في كردستان سوريا والذي أثبت دائما وفاءه لكل اجزاء كوردستان ، هذا الوفاء الذي يجب ان يؤسس ويدفع منظومة( حزب العمال الكردستاني ) وبعد كل الذي جرى ، أن يدفع حزب الاتحاد الديمقراطي لتبني مطالب شعبه ويناضل لأجلها وفي سبيلها ، وأخيرا وها نحن في مواجهة كل مآسينا ؟ ثمة أسئلة لابد لنا جميعا من مواجهتها:

أليس الاحتكام للشارع الكردي في كردستان سوريا والانطلاق منه لتكوين الشخصية الكردية السورية هو الأصح؟

عوائل الشهداء وعوائل المختطفين ومجهولي الأمكنة ألا يفترض أن يوضح ب ي د في جردة حساب يكشف فيه عن مصائرهم؟

الاختلاف في الرؤى أمر صحي لكنه يجب أن يتحد مع نقيضه وعلى ارضية الصراع لما فيه مصلحة القضية

وحدة الصف التي باتت حلما توازي حلم التمتع بالكرامة الإنسانية ، والحق بالإقرار ان مصلحة شعبنا فوق كل شيء .

وعلى أرضية هذه المسلمات ، قد نستطيع تجاوز عقلية التفرد من جهة والانطلاق في النضال وفق مقتضيات مصلحة شعبنا ، لا الخوض في متاهات حروب  لا ناقة لنا فيها ولا جمل .. لأنه وببساطة شديدة : شعبنا الكردي لم ولن يقبل الهيمنة وفرض أجندات على حساب قضاياها الرئيسية.

 

المقال منشور في جريدة “يكيتي” العدد 268

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى