آراء

اليوم العالمي للمرأة.. صفحات مشرقة للمرأة الكُردية

بيناهي عبد القادر
يصادف يوم 8 مارس من كل عام يوم المرأة العالمي لتشجيع المساواة بين الجنسين ودفع المرأة للإنطلاق نحو ميادين العمل المتنوعة ورغم الجهود التي تبذل في هذا الإتجاه من قبل منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمنظمات الدولية ذات الشأن، لاتزال هناك مساحة فاصلة بين المرأة والرجل بما في ذلك الدول المتحضرة، وقد تم الإحتفال بعيد المرأة العالمي لأول مرة في 8 مارس 1909 بأمريكا نتيجة إضراب عاملات صناعة الملابس في نيويورك حيث تظاهرت النساء تنديداً بظروف العمل القاسية.

وقد اعتمدت منظمة الأمم المتحدة اليوم العالمي للمرأة لاول مرة وعلى المستوى الرسمي سنة 1977 ليتحول هذا التاريخ إلى رمز لنضال المرأة وحقوقها.

فالمجتمع الكُردي وتركيبته الشرقية وتغليب ميزة الذكورية عليه شأنه شأن بقية مجتمعات المنطقة لم يرضخ للعادات التقليدية وتعقيداتها، بل شقت طريق التاريخ وأستطاعت أن تصل إلى مراتب عليا سياسياً وعسكرياً، وكنموذج موثق من هذه الحالات الناصعة في التاريخ الكُردي نذكر:

عادلة خان من حلبجة: هي زوجة عثمان باشا، زعيم عشيرة بكزاده الذي عينته الحكومة العثمانية قائمقاماً لمنطقة شهرزور، وقد بدأت عادلة خان تدريجياً بتولي السلطة وعندما توفى زوجها 1909, بنت عادلة خانم قصرين جميلين في حلبجة وهو مالم يكن له نظير حتى في السليمانية، كان لها حدائق مشجرة وفق الطراز الفارسي ، وبذلك حولت حلبجة إلى مركز تجاري هام، كذلك أنشأت محكمة كانت هي رئيسة فيها.. بقيت عادلة خانم مسيطرة بقوة وأصبحت سلطتها دون منازع حتى وفاتها 1924.

حبسة خان النقيب: وهي أبنة معروف البرزنجي وأبنة عم محمود ملك كُردستان من مواليد السليمانية1891 وعرفت (حبسة النقيب) نسبة إلى والدها معروف البرزنجي الذي كان آنذاك (نقيباً) من الدولة العثمانية، فكانت حبسة خان تمتلك مكانة خاصة، حيث كانت تحل مشاكل النساء وتقدم لهم مساعدات مالية وبذلك نالت مكانة إجتماعية بارزة بين نساء عصرها، وبعدها تحول بيتها إلى مركز كُردي اجتماعي لإحياء المشاعر الوطنية لكل من يلجأ إليها، ولقد تأسست أول جمعية نسوية في 28-6-1930 تحت اسم (جمعية نساء الكُرد) بإشراف مباشر من السيدة حبسة النقيب وتعتبر هي الجمعية الأولى التي دافعت عن حقوق المرأة من القرن الماضي على مستوى الشرق الأوسط، وقامت بتأسيس مدرسة لتعليم النساء الكُرد داخل أحد بيوتها التي وهبته من أجل القضاء على الجهل آنذاك.

توفيت السيدة حبسة إثر مرض عضال بتاريخ 12-4-1953 ودفنت في مقبرة سيوان.

ليلى قاسم: طالبة السنة الرابعة من كلية الآداب بجامعة بغداد كانت أصعب رقم في معادلة البعث لإذلال الشعب الكُردي في وطنه.. ليلى قاسم مواليد 1950 في قرية بان ميل التابعة لقضاء خانقين، وكانت أول فتاة من قريتها التحقت بالدراسة، أثناء محاكمتها قال لها المجرم صدام حسين: سأعدم والدتك وأخاك ووالدك فردت البطلة ليلى:
ليكن في معلومك أن والدتي هذه ليست أمي الوحيدة بل أن كل أمهات كُردستان هن أمهاتي وإن كل بيشمركة كُردستان هم أخوتي وآبائي.. عندها هددها صدام حسين بقطع لسانها وقلع عينيها فقالت له: افعل ماتشاء فأنا لست خائفة منك، فأنت صدام حسين وأنا ليلى أبنة البارزاني.

فتم أعدامها من قبل النظام البعثي العنصري يوم 12-5-1974 لإتهامها بالعمل السياسي (المعادي) والسير على نهج البارزاني، ومن وقتها أصبحت ليلى أنشودة الكُرد في جميع أجزاء كُردستان.

وأخيراً فأن المرأة الكُردية تبوأت مناصب رفيعة سياسياً وعسكرية في وقتنا الحالي وتقاتل جنباً إلى جنب مع الرجل للذود عن تراب كُردستان ولها تمثيل في الكثير من الهيئات و المحافل الدولية ذات الشأن بالقضية الكُردية، ومن هنا لابد لها أن تقوم بخطوات أكثر جدية وخاصة في مجال الثقة والسعي للمزيد من الإنخراط بالحالة المجتمعية وتحمل مسؤوليتها تجاه شعبها وقضيتها وأن تشارك في صياغة القرارات المصيرية التي تخدم شعبنا.

 

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “٢٧٢”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى