انتفاضة آذار الكُردية… شرارة الثورة السورية
هيئة تحرير جريدة يكيتي، بقلم : اسماعيل رشيد
في 12 آذار من عام 2004 انتفض أبناء و بنات الشعب الكُردي في سوريا بكلّ فعالياته وأحزابه ، وكانت يقظة الروح والضمير الكُردي ضدّ جبروت النظام وبطشه ، فتوحّدت حناجر الشباب الكُردي الثائر بصرخة ، لا للظلم والاستبداد، نعم لحقوق شعبنا الكُردي المضطهَد..
ملعب قامشلو كان الشرارة ، وتجسّدت فيه روح التضحية
ورفض الذل ، الشعب الكُردي انتفض من ديريك شرقاً إلى عفرين، وصولاً لدمشق و غيرها غرباً و جنوباً ، فكانت انتفاضة الشعب الكُردي العارمة بامتيازٍ احتجاجاً مدوّياً ضدّ الظلم والطغيان ، الذي مارسه النظام ، فسقط شهداء وجرحى، و جرت اعتقالات همجية..
انتفاضةٌ أصابت نظام البعث بالهستيريا، ووصفها بالطوفان في ظلّ العاصفة الكُردية غير المحسوبة ، التي فاجأت النظام والمحيط، لكن استطاع النظام إخمادها بالقتل والترهيب،في ظلّ صمت بقية مكوّنات الشعب السوري، و في ظروفٍ لم تسعف الكُرد للاستمرارية ، لكنها حقّقت مكاسب هامة لكلّ السوريين، أبرزها ، كسر حاجز الخوف من القمع الذي كان يمارسه النظام ضدّ شعبنا، حتى قيل عن الانتفاضة الكُردية بأنها كانت ( بروفا ) للثورة السورية المباركة ، فهي بحقّ كانت البداية الحقيقية للثورة السورية التي بدأت في آذار عام 2011 ، واستطاعت الانتفاضة أن ترتقي بالقضية الكُردية إلى مجال الاهتمام الدولي .
لقد كانت الانتفاضة تحوّلاً نوعياً يُضاف إلى نضالات الشعب الكُردي عبر السنوات الفائتة ، فقد أثبتت بأنّ القضية الكُردية هي قضيةٌ وطنية بامتيازٍ ، و هي قضية شعب أصيل يعيش على أرض أجداده ، وليست قضية قوم مهاجر وطارئ كما كان يروّجها بعض القومويين العنصريين من المحسوبين على الأخوة من المكون العربي السوري ، بل هي – القضية- النتاج المرّ لتراكمات التقسيم الممنهَج للمنطقة ، ونتاج عجز الحكومات المتعاقبة على معالجتها وطنياً، لابل نتاج تنكّرها لكلّ ذلك من خلال ممارسات تمييزية عدوانية واستثنائية بحقّ شعبنا، واتّباع سياسة فرّق تسُد للحدّ من تنامي النضال الوطني الديمقراطي ، فسياسة النظام اتجاه القضية الكُردية لم تتغيّر وهي ثابتة منذ عقود، مبنية على الإنكار لقضية هذا الشعب المحبّ للحرية و التعايش الأخوي .
انطلاقة انتفاضة آذار كانت بداية مرحلةٍ جديدة وتطورٍ نوعي في النضال السلمي لمواجهة سلطة الاستبداد ، ومن هنا نرى ضرورة التكاتف الكُردي ،ورصّ الصفوف ، والتفاعل مع قوى الثورة و المعارضة الوطنية السورية الديمقراطية، وفق رؤيةٍ سياسية واضحة ،حول القواسم المشتركة لحفظ حقوق الجميع ، وكلّ ذلك لن يتحقّق من دون انتقالٍ سياسي وفق مرجعية الأمم المتحدة، وتنفيذ قراراتها ذات الصلة بالشأن السوري ، و هنا لا بدَّ من التذكير بأنّ تدويل القضية الكُردية وتفاعلاتها الحالية هي امتداد طبيعي لانتفاضة 12 آذار ، انتفاضة الدروس و العبر والتاريخ ، فالمرحلة مفصلية تتطلّب بذل كلّ الجهود وعدم تفويت الفرصة أمام المبادرات الدولية لتوحيد الموقف الكُردي، وإنقاذ ماتبقّى من مناطقنا، كونه السبيل الوحيد لإبعاد شبح الحرب عن مناطقنا وعودة آمنة للمهجّرين إلى مناطقهم و إعطاء زخم لقضيتنا أمام المحافل الدولية، لنيل حقوق شعبنا المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية..
وفاؤنا لشهداء انتفاضة 12آذار يكمن في تثبيت حقوق شعبنا دستورياً، من خلال الجهود السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها المجلس الوطني الكُردي والمتفاعل مع أطر قوى الثورة والمعارضة السورية وبإشرافٍ أممي لإنهاء حقبة الاستبداد والنظام المركزي الاستئثاري الاستبدادي ، والتأسيس لدولة اتحادية تعددية تضمن حقوق كافة المكونات السورية ، ومنها شعبنا الكُردي، عندها سنكون أوفياء لتضحيات وشهداء انتفاضة 12 آذار .
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 284