آراء

انسحاب المجلس الوطني الكُردي من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية: قرار استراتيجي لحماية القضية الكُردية وتوسيع الحضور السياسي

المحامي اكرم شمو

لم يكن انسحاب المجلس الوطني الكُردي من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مجرد خطوة سياسية عابرة، بل كان قراراً استراتيجياً نابعاً من اختلاف جوهري في الأهداف والمهام بين الطرفين.

فمنذ تأسيسه، ربط الائتلاف، كغيره من بعض الكيانات والتنظيمات، وجوده بسقوط النظام، وعندما فقد نفوذه وتراجع دوره السياسي، اندمج في الإدارة الحالية لقناعته بأن مبرر وجوده قد انتهى.

أما المجلس الوطني الكُردي، فقد تأسس لتحقيق هدف مختلف، وهو إيجاد حل للقضية الكُردية وتثبيت حقوق الشعب الكُردي دستورياً. ورغم تقاطع هدف إسقاط النظام بين المجلس والقوى الوطنية السورية، فإن وجود المجلس لم يكن مرهوناً بهذا الهدف وحده، بل كان قائماً على نضال طويل بدأ منذ أكثر من سبعين عاماً عبر الحركة السياسية الكُردية في سوريا.

كان بقاء المجلس داخل الائتلاف في هذه المرحلة يعني تلاشي دوره مع كيان فقد مبرر استمراره، ما كان سيؤدي إلى إضعاف موقفه السياسي وربما إنهائه كما حدث مع مكونات أخرى داخل الائتلاف.

وعليه، كان الانسحاب خطوة حتمية وضرورية للحفاظ على استقلالية المجلس واستمراريته في الساحة السياسية السورية، حيث لا تزال قضيته المركزية قائمة ولم تُحسم بعد.

كما أن انسحاب المجلس لم يكن تراجعًا عن دوره السياسي، بل كان بحثاً عن فضاءات وتحالفات أوسع وأقوى تخدم هدفه الأساسي في ضمان حقوق الشعب الكُردي وتثبيتها في الدستور السوري، ضمن إطار وحدة البلاد، ورفع الظلم التاريخي الذي عانى منه الأكراد في سوريا.

ومن هذا المنطلق، يعمل المجلس على توحيد الصف الكُردي من خلال الحوار مع مختلف القوى والأحزاب الكُردية ومنظمات المجتمع المدني، كما يسعى إلى تعزيز حضوره الوطني عبر الانفتاح على الحوار مع مختلف القوى الوطنية السورية، بما في ذلك القوى العربية الديمقراطية، والدروز، والعلويين، والمسيحيين، وسائر المكونات، بهدف بناء جبهة وطنية قوية تضمن حضوراً سياسياً فاعلاً في الحوارات المتعلقة بمستقبل سوريا.

بهذا التوجه، يثبت المجلس أنه لا يبحث عن تحالفات شكلية أو ظرفية، بل يسعى إلى بناء شراكات سياسية حقيقية تعزز الحل الوطني الشامل، بما يضمن حقوق الجميع في إطار دولة ديمقراطية عادلة، ويؤكد أن القضية الكُردية جزء لا يتجزأ من الحل السوري العام، وليست قضية منفصلة عن بقية المكونات السورية.

انتهت
١٣ / ٢ / ٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى