بعد الإعلان عن «قوة فضائية» أميركية.. تنافس دولي للفوز في «حروب النجوم» المقبلة
Yekiti Media
تنذر دعوة الرئيس دونالد ترامب إلى إنشاء «قوة فضائية»، بتصعيد منافسة شديدة الخطورة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا، لا يستطيع أحد أن يستوعب عواقبها.
– سبق صيني
في 11 يناير (كانون الثاني) عام 2007، جلس القائد الأعلى للقوات الجوية الأميركية ويليام شيلتون على رأس طاولة في مركز القيادة بقاعدة فاندنبرغ للقوات الجوية في كاليفورنيا، مستخدما هاتفين في وقت واحد. آنذاك، كان شيلتون يشغل منصب القائد المسؤول عن تعزيز «الوعي الظرفي» – أي الدراية بما يجري من الأمور – للقوات العسكرية الأميركية في الفضاء، وبدا أن الوضع في ذلك الوقت يتدهور بسرعة.
كانت المخابرات الأميركية تتلقى منذ أيام كثيرة، إشارات على أن الصين تحضر لإجراء اختبار صاروخي قريب في الفضاء الخارجي. عند الساعة 2:28 من بعد ظهر ذلك اليوم، أظهر الرصد الأميركي أن صاروخاً باليستياً انطلق من مركز إطلاق «قمر شيتشانغ الصناعي» الصيني، الموجود في جبال مقاطعة سيتشوان. وصل الصاروخ إلى مدار الأرض المنخفض، أي نحو 804.6 كيلومتر (500 ميل) فوق سطح الأرض، وبدا أنه يقترب من قمر صناعي صيني قديم للأحوال الجوية… بعدها، أظهرت التلسكوبات وميضاً هائلاً. وبعد بضع دقائق، بدأت شاشات الرادار بتعقب سحابة متنامية من الحطام قذفت 3 آلاف قطعة من الشظايا على الأقل. فقد فجر الصينيون لتوهم قمراً صناعياً في الفضاء.
هذه الخطوة، أي إطلاق صاروخ من الأرض ليضرب هدفاً فضائياً يتحرك بسرعة 17 ألف متر/ الساعة، لم تكن إنجازا تقنياً مذهلاً فحسب، بل عكست أيضاً درجة من الجرأة يشهدها الفضاء للمرة الأولى منذ عقود.
– تدمير الأقمار الصناعية
وعلى الرغم من التقلبات الجيوسياسية، فإن الأقمار الصناعية الأميركية كانت تتحرك حول الأرض بأمان تام لعقود من الزمن. فقد تم منذ عام 1985 اعتماد حظر عالمي واحد وغير رسمي لاختبار الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، حيث شكلت هذه السنوات فترة من السلام الذي تلا الحرب الباردة، حكمتها سيطرة أميركية لا تقبل الشك.
ولكن وفي العقد الذي شهد الإطلاق الصيني الناجح الأول لاختبار صاروخ مضاد للأقمار الصناعية، تحول هاجس شيلتون إلى حقيقة: كل شيء في الفضاء تغير. فقد انطلق سباق تسلح سري وضارٍ بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، وشمل كوريا الشمالية أيضاً، ولكن بوتيرة أقل. أما موضوع السباق فكان: ابتكار وسائل أكثر وأفضل لتعطيل أقمار الخصم الصناعية. على الأرض، بدأت القوات العسكرية بإعادة تدريب طيارين، ورواد فضاء، وقوات عسكرية على نماذج لا تعتمد على نظم الملاحة «جي بي إس» وغير قابلة للفشل، كالملاحة الفضائية.
والمؤكد أن أي حرب روسية – صينية – أميركية في الفضاء ستنتهي بشلل الاقتصاد العالمي وتعطيل البنى التحتية. وتحول التحضير لحرب فضائية سريعاً إلى أولية للجيش الأميركي، إلا أن الأولوية الطارئة هي التوصل إلى كيفية تفادي هذه الحرب.
صحيح أن تكنولوجيا الملاحة الفضائية شهدت تحسناً ملحوظاً، ولكن دقة تقنية «جي بي إس» تطورت بدورها.
تستخدم القوات العسكرية تقنية «جي بي إس» اليوم للتحرك في شوارع الدول الأجنبية؛ كما تعتمد عليها طائرات الدرون لبرمجة خطة طيرانها من على بعد آلاف الأميال. ولأن أقمار «جي بي إس» الصناعية تشكل عماد نظام الولايات المتحدة لمراقبة النشاطات النووية، تعتمد واشنطن على هذه الأقمار لرصد نشاط كوريا الشمالية في إطلاق الصواريخ النووية.
ولكن «جي بي إس» لم تعد الآلية الوحيدة لتحديد المواقع الجغرافية حول العالم. فقد نشرت روسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي، أو بدأت العمل على تطوير مجموعتها الخاصة والكاملة من أقمار الملاحة الفضائية، لضمان عدم حاجتها للاعتماد على نظام الولايات المتحدة. ولكن هذا يعني أيضاً، أنه، وفي أوائل لحظات الحرب، ستكون أقمار الخصم الصناعية في مرمى الاستهداف الأولي. مضى على تشغيل أنظمة «جي بي إس» التقليدية العاملة اليوم عقدان ونصف من الزمن. وأي عطل تتعرض له هذه الأنظمة يهدد بإغراق الاقتصاد العالمي في الفوضى.
– شظايا فضائية
بدأ الفضاء فعلاً يبدو كأنه ساحة حرب، حسب تصور خبراء «وايرد.كوم»؛ إذ إنه يتعرض وبشكل متزايد للانفجارات التي تؤدي إلى تطاير الشظايا. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من مائة مليون شظية من حطام الانفجارات تتسرب إلى المدار الأرضي. وتفيد تقديرات أخرى بأن اختبار الصين المضاد للأقمار الصناعية عام 2007 خلف نحو 150 ألف شظية جديدة، عدد كبير منها أصغر من أن يتم تعقبه. وفي عام 2013، أصابت بعض هذه الأجزاء قمراً صناعياً روسياً، مما يهدد بزيادة المخلفات التي تتسرب إلى المدار الأرضي. ومع توسيع بعض الشركات التجارية العاملة في الفضاء مثل «سبيس إكس» و«بلو أوريجين» خطط السياحة الفضائية، سيشهد المدار الأرضي مزيدا من الازدحام بالمخلفات والمركبات الفضائية. يقول العلماء إن كثافة الأجسام التي تدور حول الكوكب ستصل إلى مرحلة معينة تعرف باسم «تأثير كيسلر»، الذي يؤدي إلى تكون مجرى من المخلفات المتفجرة؛ بمعنى آخر، سيكون المدار بكامله معرضاً للانصهار.
ومن الأمور المربكة حول الحطام الفضائي أيضاً أنه ليس دائماً عبارة عن مخلفات فقط. وينفذ برنامج عسكري أميركي بعنوان «شبكة المراقبة الفضائية» عمليات تعقب ومراقبة كل قطعة من الحطام الفضائي التي تفوق الكرة اللينة حجماً. ويصل عدد هذه القطع حالياً إلى نحو 20 ألف جسم، تشمل كل شيء من أجزاء الأقمار الصناعية القديمة إلى معززات الصواريخ المهملة، والكماشات التائهة أثناء جولات رواد الفضاء. ومن الظواهر العجيبة أن أحد المخلفات الفضائية المفترضة التي أطلق عليها الجيش الأميركي اسم «جسم 2014 – 28E» بدأت عام 2014 بالتحرك بشكل غريب. وبدأ هذا الجسم، الذي تبين أنه روسي المصدر، بتأدية مناورات معقدة.
– اختبارات عالمية لصواريخ مضادة للأقمار
اختبرت الولايات المتحدة صاروخها الخاص المضاد للأقمار الصناعية عام 2008، واستهدفت قمراً تجسسياً كان في طور الخروج من المدار. كما عملت روسيا مراراً على اختبار ما يعرف بصاروخ «نيودول PL – 19 الباليستي» المباشر، الذي يستطيع استهداف الأجسام الفضائية، إلا أنها لم تجر أي اعتداء حي على أي قمر صناعي في المدار.
وفي العقد الذي استهدفت فيه الصين قمرها الصناعي الخاص بالأرصاد الجوية عام 2007، وسّعت بكين نشاطها في المدار الأرضي عبر عدة اختبارات لصواريخ باليستية. كما أجرت 3 من الأقمار الصناعية الصينية «عمليات على مسافات قريبة» شبيهة بتلك التي نفذها الجسم الروسي «2014 – 28E».
– شظايا ومخلفات وأجسام فضائية
> 20 ألف قطعة من المخلفات الفضائية التي تفوق الكرة اللينة حجماً.
> 500 ألف قطعة من المخلفات بحجم الكريات الزجاجية الصغيرة أو أكبر بقليل.
> 4300 عدد الأقمار الصناعية الموجودة في الفضاء.
> 72 في المائة من الأقمار الصناعية معطلة.
> 1.4 مليار دولار تكلفة تراجع عمل وتدهور الأقمار الصناعية التجارية بسبب المخلفات الفضائية.
> 2000 عدد الأجزاء التي يمكن تعقبها، والتي نتجت عن انفجارات الأقمار الصناعية الكبرى عام 2009.
> 160 مليونا العدد المقدر لقطع المخلفات الصغيرة التي لا يمكن تعقبها.