بيان بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لتأسيس المنظمة الآثورية الديمقراطية
Yekiti Media
يستذكر أعضاء المنظمة الآثورية الديمقراطية (ܡܛܟܣܬܐ) ومؤيدو نهجها الديمقراطي السلمي ومبادئها السياسية القومية والوطنية، ومعهم شركاء وأصدقاء المنظمة في الوطن والمنطقة والعالم، يـستذكر هؤلاء جميعا الخامس عشر من تموز يوم إعلان تأسيس أول فصيل سياسي يظهر بين صفوف السريان الآشوريين في تاريخهم الحديث، بالكثير من الشعور بالفخر والاعتزاز لما تمثله المنظمة الآثورية الديمقراطية من تاريخ يشع بالنضالات والتضحيات الكبيرة على مر السنوات الخمسة والستين من عمرها.
لقد جاءت ولادة المنظمة الآثورية بشرى خلاص قومي لشعب حيّ أصيل تم استهدافه واضطهاده وتهجيره مرارا، ونفذت بحقه جرائم إبادة ممنهجة بغية محو وجوده من الخارطة السياسية لشعوب المنطقة، وإخراجه من التاريخ بعد محاولات إخراجه من الجغرافيا، خصوصا في أعقاب جريمة الإبادة الجماعية (سيفو) التي تعرض لها في العام 1915 والمذابح التي تلتها في سيميل وصوريا وغيرها.
منذ تأسيسها في العام 1957 على أيدي النخبة الواعية من أبناء الأمة بمختلف انتمائاتهم الكنسية والطائفية، خاضت المنظمة الآثورية صراعات مريرة على جبهات متعددة دفاعا عن فكرها السياسي النير وطروحاتها القومية الوحدوية السامية، ونهجها الانفتاحي الذي جاء سابقا لعصره لما يمثله من منحى ثوري وانقلابي على المفاهيم الاجتماعية والثقافية والدينية البالية آنذاك. فكر تقدمي في مواجهة التخلف والانقسام العشائري والطائفي بين أبناء الامة الواحدة آنذاك. هذا كله ناهيك عن الحرب الشعواء التي شنتها في الآن نفسه الانظمة الاستبدادية على المنظمة وقيادييها الذين طالهم الاعتقال والتعذيب على مر العقود الستة الماضية.
نجحت المنظمة الآثورية الديمقراطية خلال سنوات عمرها الخمسة والستين على مستويات عديدة، وحققت مكاسب كبيرة لقضية السريان الآشوريين، كما أخفقت في مجالات أخرى بطبيعة الحال، إلا أن قياداتها المتعاقبة، سواء في الوطن أو في فروع دول المهجر، بقيت ملتزمة بتحمّل مسؤولياتها نحو جماهيرها وأصدقائها، وحمل قياديوها وأعضاؤها لواء العمل السياسي من أجل تعزيز الانتماء القومي وفق مفاهيم عصرية، وإحياء التراث الشعبي والمحافظة عليه، وتشجيع وإحياء اللغة الأم، وإنشاء جمعيات وأندية ومراكز ثقافية في المهجر، وإطلاق مؤسسات تعنى بشؤون الشباب وشؤون المرأة، وأخرى تعنى بالشأن الحقوقي والإغاثي وغيرها من المجالات. في الحقيقة لقد حمل رجال ونساء وشباب المنظمة الآثورية على مرّ العقود السابقة مشعل النور الذي به اهتدى الكثير من أبناء شعبنا، وقاموا بأدوار فاقت في الكثير من الأحيان قدراتهم وقدرات شعبهم، في ظل غياب أي اعتراف بوجود هذا الشعب في أوطانه الأصلية، وتغييب لغته وتراثه عن المشهد الثقافي والإعلامي فيها.
ولأن المنظمة الآثورية كانت السباقة دائماَ في رؤاها وطروحاتها السياسية، فقد كانت خياراتها في المفترقات المصيرية الكبرى تضع بعين الاعتبار معيارا واحدا ووحيدا، وهو مصلحة الشعب السرياني الآشوري وقضيته القومية كجزء من قضية النضال الوطني الديمقراطي، بالتوازي والتكامل مع مصالح الشعب السوري وتوقه المستمر للحرية ولبناء دولة ديمقراطية علمانية على أسس المواطنة الكاملة والمتساوية. فقد دأبت المنظمة على إطلاق المبادرات التي من شأنها ترتيب البيت الداخلي السرياني الآشوري، وتقريب وجهات النظر بين أحزابه السياسية العاملة على الساحة السورية، ليس آخرها الجهود الحثيثة التي تكللت بتوقيع وثيقة تفاهم مع حزب الاتحاد السرياني و بالإعلان عن تأسيس لجنة التنسيق والتشاور بين حزب الاتحاد السرياني والحزب الآشوري الديمقراطي والمنظمة الآثورية الديمقراطية.
بالتوازي مع مسار حراكها على الصعيد القومي قدمت المنظمة الآثورية الديمقراطية خطابا وطنيا عقلانيا بعيدا عن الشعبوية والمناكفات السياسية والمصالح الحزبية، كرسته بالممارسة من خلال انضمامها لاعلان دمشق للتغيير الديمقراطي، وانحيازها لثورة الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة، وبمساهمتها في تأسيس المجلس الوطني السوري والإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، فكان خطابها محط تقدير واحترام لدى الكثير من قوى وشخصيات وأطر المعارضة السورية، بل لدى الكثير من الدول والشخصيات التي تعنى بالشأن السوري. كما تمكنت المنظمة من نسج علاقات أخوية وسياسية متينة مع قوى وأحزاب وشخصيات المجلس الوطني الكردي، وتمتين أواصر الأخوة والتعاون مع العشائر العربية وتعبيراتها السياسية كتيار الغد والمجلس العربي، الأمر الذي تمخّض عنه ولادة جبهة السلام والحرية، التي جاءت استجابة سياسية لحاجة ملحة فرضها الواقع المأساوي الذي يعيشه شعبنا السوري عموما، ومنطقة الجزيرة السورية خصوصا.
ختاما، فإننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، قيادة وقواعد، نجدّد العهد لأبناء شعبنا في عيد التأسيس مستذكرين بخشوع رفاق الدرب الذين رحلوا عنا، بأن نكون ضميرهم الحي في كل الأزمنة، وصوتهم الصارخ في كل المحافل، حتى نحقق حلم الحرية لسوريا وشعبها بكل أطيافه وتلاوينه، ليكون الغد القادم أجمل بكثير، ولينعم أطفالنا بالسلام والحرية والاستقرار بعيدا عن أنياب الاستبداد ومخالب الإرهاب التي فتكت بأحلامنا على مدى السنوات والعقود الماضية.
سوريا 14/07/2022
المنظمة الآثورية الديمقراطية
المكتب التنفيذي