آراء

تاريخ العقوبات الأمريكية لم تسقط الأنظمة الإستبدادية

 

فرحان مرعي

في تاريخ العلاقات الأمريكية ، نماذج عديدة من العقوبات ضد الدول الاستبدادية أو تلك الدول التي اختلفت معها سياسيا واقتصاديا وايديولوجيا، وخاصة ضد الدول الشيوعية السابقة، فتعرضت كوبا إلى أطول حصار أمريكي في التاريخ، بدأ عام ١٩٦٠ حتى عام ٢٠١٩، حيث صوتت الأمم المتحدة بإنهاء الحصار بأغلبية كبيرة ١٨٧ دولة من أصل ١٩٣ دولة، بلغت خسائر كوبا، وخلال الحصار ١٥٠ مليار دولار، ولكن هذا الحصار لم يؤدي إلى سقوط نظام كاسترو، الذي مات موتة طبيعية وخلفه أخوه راؤول كاسترو.
منذ عام ١٩٧٩ ضربت أمريكا حصاراً ضد إيران بعد احتجاز الرهائن الأمريكيين، وحظر تجاري كامل منذ عام ١٩٩٥، وحظر بيع المعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم، بدلاً من أن تضع هذه العقوبات حداً لهذه الدولة الاوتوقراطية الدينية،بل تمددت مثل الأخطبوط في خمس دول عربية بمثابة منتدب، وتمادت في استعباد شعبها أكثر فأكثر رغم اندلاع عدة انتفاضات داخل إيران.
ومع العراق، فرضت أمريكا حصارا خانقا ضدها، منذ عام ١٩٩٠ على خلفية الغزو العراقي للكويت واستمر الحصار مدة ثلاثة عشرة عاما، ولم تسقط طاغية العراق إلا بعد حرب ضده من التحالف الدولي.
ومنذ سنوات أيضا تخضع كوريا الشمالية لعقوبات دولية وامريكية بسبب برنامجها النووي وتجاربها الصاروخية رغم ذلك لم يسقط النظام، ولم يتخلى عن برنامجه النووي ولم يلتفت إلى شعبه الذي يعيش كما لو أنه على كوكب آخر .
وبعد عشر سنوات تقريبا، من الحرب المدمرة في سوريا، والاقتتال الداخلي والطائفي، وانهيار شبه كامل للدولة السورية ومعاناة الشعب السوري التي أصبحت مأساة دولية، ورغم ذلك وبدلاً أن تجبر أمريكا والدول والمتحالفة معها إجبار النظام المتهالك على التخلي عن السلطة واللجوء إلى الحل السياسي وإعادة البناء والتعمير وإنهاء الأزمة الإنسانية في سوريا، تفتقت الذهنية الأمريكية على فرض عقوبات على النظام وازلامه وبعض من كياناته الاقتصادية والعسكرية، تحت يافطة عقوبات قيصر، وبحجة إجبار النظام على قبول الحل السياسي، وهي تعلم،( أمريكا) ، أن هذه العقوبات لن تسقط النظام، وكما تعلم أن المتضرر الوحيد هو الشعب، والأزمة ستدوم أكثر فأكثر، وما يعانيه الشعب اليوم خير دليل، حيث وصلت الأزمة الاقتصادية إلى أعلى درجات الإنهيار ولم يعد الشعب يحتمل، وتفشي الجوع في البلاد، وأكثر من ٩٠ ٪ يعيش تحت خط الفقر.
تاريخ هذه الانظمة واضح، لا تسقط بالأزمات الاقتصادية ولا العقوبات ولا تتصالح مع شعوبها، بل هي مستعدة بالإستقواء بالأجنبي والإحتلال وأن لا تتنازل لشعبها، وهي لن تستسلم إلا عندما تقتحم الدبابات أبواب القصور الجمهورية، لذلك من السخرية والاستهتار بالشعوب، والإنسانية أن تلجأ الدول الكبرى إلى فرض عقوبات إضافية عليها وهي معاقبة في الأساس من حكوماتها الإستبدادية ،التي تقمعها ليل نهار.

المقال منشور في جريدة يكيتي- العدد 276

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى