آراء

تداعيات التكرير البدائي للنفط في مناطق سيطرة إدارة ب ي د

م / اسماعيل رشيد

يتوزّع إنتاج النفط في سوريا على ثلاث مناطق رئيسية، تشمل الأولى محافظة الحسكة والتي كان إنتاج حقولها يزيد عن 220 ألف برميل يومياً من النفط الثقيل عام 2010 , والثانية محافظتي دير الزور والرقة والتي كانت تنتج نحو 140 ألف برميل يومياً من النفط الخفيف ، فيما كان باقي الإنتاج يتوزّع على حقولٍ صغيرة في محافظتي الرقة وحمص وبمجموع نحو 15 ألف برميل يومياً.

وبعد عام 2011 ونتيجة الأزمة السورية خسر النظام معظم الحقول الكبرى في محافظتي الحسكة ودير الزور منذ عام 2012 , واحتفظ بالسيطرة على مصفاتي حمص وبانياس، وهذا مادفع بالمجموعات المسلحة التي سيطرت على الحقول النفطية إلى تكريره بطرق بدائية.

وكانت لقوات قسد التابعة لإدارة ب ي د حصة الأسد من هذه الحقول ، وتستثمر هذه الحقول بطرق بدائية دون مراعاة المخزون الطبقي وطرق الحفاظ على الإنتاج ، معتمدةً على استنزاف هذه الآبار وإنتاجها بالطاقة القصوى لغايات ربحية بحتة، ولم تلجأ أو تسعى لبناء مصفاة تكرير نظامية او آلية مناسبة للتكرير ،بالرغم من الإيرادات الجيدة لثمن النفط وبتكاليف إنتاج لاتصل نفقاتها إلى 25% كما كان سابقاً ، من عمليات حفر وتحسين الآبار ومعالجتها و توريد المعدات، ناهيك عن كتلة الموارد البشرية العاملة.

يتعرّض الوسط الذي تعيش فيه مناطق تكرير النفط في مناطق إدارة ب ي د، و بطرق بدائية لكارثة بيئية ستحدث خللاً في التوازن البيئي نتيجة العشوائية وربما آثارها السيئة ستمتدّ لعقود.

إنّ أخطر الغازات التي تنتج عن عملية التكرير البدائية ( الحرّاقات ) هي غاز الكبريت وأول أوكسيد الكربون السامّين ، وهي مسرطنة ( جلدية وتنفسية ) وانتشرت بشكلٍ غير مسبوق في مناطق وجود الحرّاقات ، فالتلوث الإشعاعي المرافق لحرق النفط يؤثّر على المياه السطحية والجوفية، ولايمكن التخلص منها بطرق بسيطة ، وهي بحاجة إلى عمليات وتقنيات متطورة ، وبحسب تقريرٍ لمنظمة (باكس للسلام ) الهولندية المعنية بأبحاث عن النزاعات والسلام،أصدرته في 2014 عن تسريبات نفطية بالقرب من محطة تل عدس ( حقل رميلان ) طالت أضرارها أراضٍ تقدّر مساحتها ب 18 ألف m3 , وتتصاعد من ريف مدينة تربة سبية( القحطانية) 30 كم شرق القامشلي أعمدة الدخان من عشرات الحرّاقات البدائية ، ويتمّ تفريغ النفط في أحواض مكشوفة، ومعالجتها بطرق بدائية دون مراعاة أبسط قواعد السلامة المهنية (safty)
لايوجد إحصائية دقيقية لكلي إنتاج النفط من مناطق سيطرة إدارة ب ي د ، ولكن حسب المعطيات والمؤشّرات لاتقلّ عن 80 ألف برميل يومياً.

إنّ غياب المهنية والمنهج العلمي لاستخراج وتكرير النفط سيسبب في إماهة وهجر الكثير من الآبار مستقبلاً ، وتلوث المياه السطحية والجوفية والتربة الزراعية وتداعياتها الخطيرة جداً على جميع مكونات الطبيعة ، ففي الدول التي تحترم مواطنيها وبيئتها يُعتبر قسم السلامة المهنية من أولويات اهتماماتها وخاصةً على صعيد النفط.

إنّّ استمرار التكرير العشوائي للحقول النفطية في مناطق سيطرة إدارة ب ي د ينذر بكارثة بيئية حقيقية في الوقت الذي لاتولي أيّ اهتمامٍ جدّي ومسؤول بحياة البشر ، بقدر مايهمّها جني الأرباح السريعة مهما كانت التداعيات والنتائج.

المقالة تم نشرها في جريدة يكيتي عدد 292

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى