أخبار - كُردستانشريط آخر الأخبار

تركيا.. الاستمرار في سياسة عقاب أربيل قد يفضي إلى مخاطر عكسية

Yekiti Media– كشف تقرير بمركز الجزيرة للدراسات، نقلًا عن مصادر وثيقة الصلة بالحكومة التركية، بأن الأخيرة لن تسمح بسيطرة القوات العراقية على إقليم “كُردستان”، بأية صورة من الصور، وأن الاتصالات بين أربيل وأنقرة استُؤنفت من جديد.
واعتبر التقرير أن هذا التطور يشير إلى أن أنقرة، كما واشنطن، باتت تدرك أن الاستمرار في سياسة عقاب أربيل قد تفضي إلى مخاطر عكسية، وإلى متغيرات استراتيجية على المستويين العراقي والإقليمي.
ولوحظ أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، توقف عن تصريحاته، التي استمرت منذ عقد استفتاء 25 سبتمبر/أيلول 2017، وحتى ما بعد استعادة القوات العراقية كركوك، المندِّدة برئيس الإقليم مسعود بارزاني وسياسته.
وقد أفادت مصادر ذات مصداقية في أربيل، بعد أيام قليلة من خسارة الإقليم لكركوك، أن بارزاني أبلغ الأميركيين أنه ما لم يتلقَّ دعمًا صريحًا من واشنطن، فإنه مضطر للانتقال إلى الجانب الإيراني.
والمؤكد أن عددًا من مستشاري بارزاني باتوا على قناعة بأن ليس أمام أربيل من سبيل للحفاظ على ما تبقى سوى التسليم لإيران. ولم يكن خافيًا أنه في حال استسلام حكومة الإقليم لإيران وحلفائها في بغداد، فإن النفوذ في شمال العراق (مناطق العرب السنة) برمته سيُحسم لصالح إيران.
وحتى الوجود التركي العسكري المحدود في بعشيقة، الذي يبدو أن بغداد تغضُّ الطرف عنه في المرحلة الحالية، لن يكون من الصعب التخلص منه، بعد أن تفقد القاعدة العسكرية التركية غطاء أربيل، وتسيطر القوات العراقية على الشريط الحدودي التركي-العراقي.
أما السُّنَّة العرب في شمال العراق، فلن يعود باستطاعتهم الجدل مع المجموعة الشيعية الحاكمة، بعد أن حققت بغداد نصرًا ساحقًا على تنظيم الدولة وعلى الإقليم الكُردي، معًا.
وتتمتع تركيا بنفوذ كبير نسبيًّا في اقليم وفي معظم الشمال العراقي؛ أولًا: لعلاقات بارزاني الوثيقة مع أنقرة والتسهيلات التي قدمتها تركيا للإقليم خلال السنوات العشر الأخيرة؛ وثانيًا: لتوجه أغلب التركمان السُّنَّة والسُّنَّة العرب، الذين يمثِّلون أغلب سكان شمال العراق، نحو أنقرة منذ ما بعد 2003.
وهذا ما يفسر سعي إيران المستمر للإطاحة ببارزاني، وحفاظ طهران على علاقات وثيقة مع قيادة الاتحاد الوطني. ولكن، وبالرغم من الجهود الإيرانية الكبيرة في الشمال العراقي، لم تستطع طهران، في مواجهة النفوذين الأميركي والتركي، تأمين خط اتصال بري آمن ودائم، يربط الغرب الإيراني بسوريا.
وقد تتطور هزيمة بارزاني ومعسكره إلى تغيير في موازين القوة في اقليم كُردستان، ينعكس على التدافع الإيراني-التركي من أجل النفوذ في الجوار العربي، وعلى المساعي الأميركية لدفع المشروع التوسعي الإيراني إلى الخلف.
حول كيفية إفشال مساعي إيران لبسط نفوذها الكامل على العراق
مع الأسبوع الأخير من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تراجعت المخاطر التي تهدد إقليم كردستان العراق واستعادت القيادة الكردية بعض معنوياتها.
ولم يأت السبب خلف التغير الملموس في وضع الإقليم من تماسك قوات البيشمركة الموالية لأربيل، وحسب، بل ومن انعطافة ملموسة في الموقفين التركي والأميركي.
ويأتي ذلك بعد أيام من سيطرة القوات العراقية الاتحادية على محافظة كركوك، حيث لم يكن ثمة شك في أن وضع إقليم كردستان برمته أصبح مهددًا، وأن دوائر راديكالية في بغداد وطهران دعت إلى حسم وضع الإقليم عسكريًّا والإطاحة برئيسه مسعود بارزاني بالقوة.
وبحسب تقدير موقف نشره مركز الجزيرة للدراسات، فإنه لم يعد ثمة شك، في المستويين القريب والمتوسط، في أن مشروع الدولة الكردية المستقلة في شمال العراق قد انتهى.
لم يفشل مشروع بارزاني للاستقلال لأن موازين القوى لم تكن لصالحه، وحسب، بل أيضًا لأن الطبقة السياسية الكردية الراهنة لا تبدو جاهزة لتأسيس دولة مستقلة. طبقة سياسية جُلُّها غارق في الفساد وصراعات الثروة والنفوذ لا تستطيع تحمل أعباء الاستقلال.
وربما كانت استقالة بارزاني من رئاسة الإقليم الكردي، يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 2017، وقرار برلمان الإقليم بتوزيع صلاحياته على رئاسة الحكومة والبرلمان، أول المؤشرات على استجابة بارزاني للضغوط الداخلية والإقليمية، التي حمَّلته مسؤولية الأزمة التي يعيشها الإقليم منذ ما بعد استفتاء 25 سبتمبر/أيلول 2017.
لن يختفي بارزاني من الساحة السياسية الكردية، بالطبع، وهو لا يزال رئيسًا للحزب الديمقراطي الكردستاني، كما أن رئيس الحكومة، نيجرفان بارزاني، ليس سوى ابن شقيقه. ولكن أحدًا لا يمكن أن يتجاهل الدلالات الرمزية لاستقالة رئيس الإقليم.
بصورة أو أخرى، تحمل الاستقالة معنى اعتراف القيادات الكردية في أربيل بأن مسعود بارزاني لم يعد رجل المرحلة، القادر على الخروج بالإقليم من المخاطر التي تهدده. ولكن عواقب فشل مشروع بارزاني لن تظل محصورة بحدود الإقليم، على أية حال.
إنْ تحركت أنقرة لترميم العلاقات مع أربيل، وأكدت واشنطن موقفها بعدم المس بحدود الإقليم، وتحركت أنقرة وواشنطن معًا للضغط على بغداد من أجل إطلاق عملية تفاوض واسعة النطاق لإصلاح الدولة العراقية وبناء نمط جديد من العلاقات بين كافة مكونات الشعب العراقي، فربما يمكن الحفاظ على بعض من توازن القوة في الشمال العراقي، وإفشال مساعي إيران لبسط نفوذها الكامل على العراق.
بغير ذلك، سيكتشف الأميركيون سريعًا أن مراهنتهم على تعاون العبادي في جهود دفع إيران خارج العراق ليست أقل وهمًا من مراهنتهم السابقة على المالكي للعب الدور نفسه.
كما سيكتشف الأتراك أنهم، وبمحض إرادتهم، سلَّموا العراق برمته لإيران. وحتى على مستوى التأثير داخل كردستان العراق، ستظل إيران تتمتع بولاء الاتحاد الوطني. بينما تخسر تركيا ذراعها الكردية المتمثلة في بارزاني وحزبه.
والأسوأ من ذلك، بالطبع، أن تقرِّر أربيل الالتحاق بخيار السليمانية والذهاب إلى الجانب الإيراني من خارطة القوة.
المصدر: ترك برس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى