آراء

تضحيات الكورد و عطاءات المؤتمرات

بين الفينة و الأخرى يخرج علينا بعض الشوفينيين و أبواق الدعايات الإعلامية ليساووا بين الضحية و الجلاد بين المطالبين بالحقوق و بين الإرهابيين ليغضوا عن إرهابهم و قتلهم للآمنين بكل وسائل العنف و الأسلحة و يتهموا الآخرين بالإنفصال و التبعية السياسية و العسكرية ليضعوا بذلك أولويتهم في محاربة أصحاب الحق المغتصب و المظلومين منذ عشرات السنين الذين يعانون إرهاب الدولة العراقية و التركية و السورية و الإيرانية و أدواتهم في المنطقة  لينسوا محاربة داعش و القوى الإرهابية و هكذا يصبح من يطالب بحقوقه القومية المشروعة عنفاً و الإعتقالات التي تجري كل يوم في المناطق الكردية في تركيا و قصفهم بالطائرات تبادل العنف و أضحى المطالب بالحق و المدافع عن النفس إرهابياً تلاحقه القوى الأمنية و يزج في غياهب السجون أو تنصب له المشانق كما في إيران، كما أصبح صاحب الخطب الرنانة و الذين باعوا الضمير و الوجدان و قبلها الأوطان و أصبحوا خدماً لمخططات غيرهم و ما يحدث تحت سلطة الهمج و العنصرية المخفية و الطائفية و التي أصبحت جرائمهم طافية على السطح و الذين عملوا بفكرهم العنصري هذا و حقدهم في استباحة دماء غيرهم أصبحوا يوصفون بالديمقراطيين و حماة الأقليات و حافظي حقوقهم.
الجميع يخاف من القضية الكوردية و لذلك يصفهم الجميع بأنهم إنفصاليون و يسعون إلى تقسيم البلدان التي يعيشون فيها و ينسون بأن الكورد هم أصحاب النضال السلمي الذين يرفضون العنف و يدينونه عكس الأنظمة التي تحكم المنطقة منذ عشرات السنين التي زرعت الفتنة و الحقد و الكراهية بين شعوب المنطقة حتى أصبح صغيرهم قبل كبيرهم ينعت الكرد بالإنفصال و التقسيم و إتهامهم بتنفيذ المخططات الخارجية( جمال خاشقجي نموذجاً) الذي يناقض نفسه و يتهم حزب الإتحاد الديمقراطي بأنه موال للنظام السوري و مدعوم من قبله من جهة  و من جهة أخرى يأتي في آخر مقالته و يتهم الحزب بأنه إنفصالي ، و كم كنت أتمنى أن تكون هذه حقيقة مع اختلافي الكبير لنهج الحزب المذكور و تصرفاته و لكنه في الحقيقة لا يوجد حتى في عناوينه العريضة أسم الكردي فيه، و نحن بدورنا نستطيع أن نتهم الخاشقجي بأنه عميل إقليمي يعمل لمصلحة الدول الغاصبة لكردستان بما فيها النظام السوري.
و بما أننا نحن الكورد أصحاب قضية عادلة و نطالب بحقوقنا المشروعة لم يقف إلى جانب هذا الحق إلا عدداً قليلاً يحصى على أصابع اليد من الطبقة المثقفة العربية خصوصاً و المسلمة عموماً و هذا مكان لخيبة الأمل عند الكردي عندما يجد الطبقة (المثقفة) أو التي تعتبر نفسها مثقفة على الأقل في تصادم مع حق تقرير المصير لأمة يبلغ تعدادها الملايين في حين يطالبون بحقوق الإنسان و يقدمون أنفسهم على أنهم محرري الشعوب،جميع الدول و الأنظمة الأقليمية يتحدثون عن الإرهاب و يدينونه و يرصدون الأموال في سبيل القضاء عليه و لكنهم نسوا بأن من ينصح الآخرين بمحاربة الإرهاب في النهار هم أنفسهم من يدعمون الإرهابيين في الليل و هكذا إذاً يجب الإعتراف و التقبل بأن من يرفض العنف هو أكبر داعم للإرهاب (إيران- قطر- السعودية- العراق-الإمارات) و لكن كل واحد منهم يقدم إرهابه على أنه أرحم من إرهاب الآخر فهذا معتدل و ذاك متشدد، و من بدل أن يبحثوا عن الحلول يبحثون عن أقرب الطرق للهروب من واقعهم المتخلف و هو إتهام الآخرين بالإنفصال أو العمالة و هذا إن دل على شئ إنما يدل على غباء سياسي و إعلامي ليخفوا النار تحت الرماد مرة أخرى و يعملوا على تزييف الحقائق و يكون همهم تسجيل نقاط على الآخرين في معركة مضمونة مع معارضة ضعيفة هزيلة لا تملك من قراراتها إلا الموافقة على ما هو مطلوب منها.
سجل الكورد بدماء شبابهم و شيوخهم البطولات و تحرير عالم نسب فيما بعد للعرب عندما كان الجميع عاجزين عن تحرير القدس و بينما كان الذين يقدمون أنفسهم على أنهم حملة راية الإسلام يركضون خلف الجمال و البعير و يبحثون عن العهر و النفاق كان الكورد يقودون الجيوش في أرض المعارك من صلاح الدين إلى إبراهيم هنانو و يوسف العظمة و لكننا مع ذلك تعرضنا إلى أبشع أنواع الظلم و الإضطهاد و الحقد و العنصرية على أيدي من يعقدون المؤتمرات هنا و هناك، و لا زالوا يطالبوننا بتأجيل حقوقنا إلى المستقبل غير المنظور حتى تقوى شوكتهم و يكرروا عملية أسلافهم في إنكار الحقوق القومية للكرد وإصدار المراسيم الشوفينية و بدء عمليات الإبادة و التطهير ضدهم.
مروان سليمان
14.12.2015

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى