آراء

تفنيد (الاسباب) الشائعة والساذجه لظاهرة الارهاب

عبدالغني علي يحيى
يرجع بعضهم ظاهرة الارهاب في المجتمعات العربية و الاسلامية إلى غياب الديمقراطية والعدالة والحريات إلى جانب تفشي الفقر والجهل فيها، في وقت ينتشر الأرهاب في دول اوروبية وامريكية ذات التقاليد الديمقراطية العريقة والتي تتوفر فيها تلك المفردات السامية جميعا فضلاً عن العمل بمبادئ حقوق الأنسان بل والرأفة بالحيوان كذلك. والجالب للأنتباه أن اعداد الملتحقين بداعش في الديمقراطيات الغربية تفوق بكثير اعداد الملتحقين به في العديد من الدول الاسلامية، فلقد اشارت احصائية أمريكية إلى وجود نحو (20) الف اوروبي وأمريكي يقاتلون في صفوف داعش في العراق وسوريا. أضف إلى ذلك أن كردستان الديمقراطية تعرضت على مدى أكثر من (24) عاماً إلى عمليات ارهابية كثيرة في حين ان دولاً تخلوا من الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية بالمرة مثل ايران والسعودية لايطالها الأرهاب إلا نادراً. وقبل قيام النظام الديمقراطي في كردستان. فأن نظام صدام حسين الفاشي لم يشهد ظاهرة الأرهاب الذي ظهر وتنامى في العراق التعددي الحر بعد سقوط ذلك النظام.
ويرد بعض آخر الظاهرة موضوع المقال إلى منع الأحزاب الاسلامية من مزاولة النشاط العلني والقانوني، لكن الغريب في الامر أنه نتيجة لأنفتاح بعض الدول العربية والاسلامية على الأسلام السياسي والذي حصل في العراق ومصر ودول أخرى فأن الأرهاب استفحل وتنمر اكثر فأكثر.
ويرى آخرون ان خطب الجمعة ومناهج المدارس الدينية فآنتشار الكتب الأسلامية، من أسباب ظهور الأرهاب وانتشاره غير أن هذه الحجة سرعان ماتنهار، إذا علمنا ان خطب الجمعة تلقى في كل يوم جمعه ومنذ نحو (14) قرناً، كما أن المدارس في العالم الأسلامي كانت دينية في البدء (كتاتيب) وسبقت جامعة المستنصرية ببغداد الجامعات الرسمية العلمانية في العالم العربي. ومع هذا لم يظهر الأرهاب في المجتمعات العربية والاسلامية في السابق بالرغم من أن الخطاب الديني الاسلامي يومذاك كان أشد تشنجاً وتطرفاً وحتى تخلفاً مقارنة بالخطاب الديني الاسلامي اليوم.
وعند نفر رابع، أن الفقر والحرمان في الدول العربية والاسلامية أحد اسباب الظاهرة لذا يتجه الناس الى الاحزاب الاسلامية أو المنظمات الدينية المتطرفة المتشددة والعنفية ولكن والحالة هذه لماذا لم يتوجه هؤلاء إلى الأحزاب الشيوعية والماركسية الأشد تعبيراً عن مصالح وآمال الفقراء والكادحين. ثم اذا كان في البلدان العربية والاسلامية فقر و حرمان واللذان يشكلان، حسب الذرائع الواهية، أرضية خصبة لظهور الأرهاب، فهل ان المجتمعات الأوروبية والأمريكية والاسترالية فقيرة بدورها؟ علماً ان المئات من المسلمين يفرون شهرياً من بلدانهم الى البلدان الغربية طلباً للرزق و الأمان . ان شعب كردستان من أسعد وارفه شعوب منطقة الشرق الأوسط واكثرها حرية ومع ذلك سجل التحاق (500) شاب كردي بداعش.
ويذهب نفر خامس، إلى أن تنكر الغرب للأسلام وانتصاره لاسرائيل عليه أدى إلى بروز التشدد الديني في العالمين العربي والأسلامي، غير ان اساءات التنظيمات الأرهابية والأسلامية المتطرفة الى الاسلام ومقدساته، تفوق اية اساءة خارجية إليهما ، ليس هذا فحسب بل ان العالم غير المسلم لايسئ الى الاسلام بالقدر الذي يسيئ الاسلام المتطرف إليه، ففي العراق ودول اسلامية اخرى بلغت الاساءات الى مقدسات المسلمين وعلى يد المسلمين انفسهم حد تفجير اضرحة الرسل والانبياء وقتل شبه يومي لرجال الدين الاسلامي، فهل حصل هكذا شيء لمقدسات المسلمين في الغرب أو اسرائيل؟ كلا والف كلا، ان المسيئين الى الاسلام والدين الاسلامي هم المسلمون انفسهم وليس غيرهم، وإذا انهار هذا الدين في يوم من الايام مثلما انهارت الشيوعية ففتش انذاك عن المسلمين وليس عن غيرهم.
فئة سادسة تعتقد بقوة ان الكتب الدينية الاسلامية من المتهمة بالتشجيع على العنف والكراهية وراء ظاهرة الارهاب، وكأنها لم تسمع بالكتب العلمانية وأفلام الكاوبوي و المئات من افلام الجريمة والرعب كأفلام مصاصي الدماء والاموات الاحياء..الخ، والتي تدخل الى دور المواطنين بسهولة وبشكل يومي، فلماذا يقع المواطن تحت تأثير كتب وثقافة التشدد الديني ولا يقع تحت تأثير ثقافة التشدد العلماني؟
يجب البحث عن أسباب اخرى وجيهة تقف وراء ظاهرة الارهاب.
لقد أدى انهيار دكتاتوريات هتلر وموسوليني وفرانكو وسالازار في اوروبا الى قيام نظم ديمقراطية حرة محلها، كما نجم عن سقوط الانظمة الشمولية في الاتحاد السوفيتي السابق ودول اوروبا الشرقية التي كانت تسير في ركابه الى قيام انظمة ديمقراطية حرة محلها أيضاً. بيد أن الذي حصل ويحصل في العالمين العربي والاسلامي هو العكس فبعد سقوط نظم بن علي وعلي عبدالله صالح ومبارك وصدام حسين، فان شعوب تلك النظم بدلاً من أن تنعم بالراحة والاستقرار، فأن ماسمي بالربيع العربي أدخلها في نفق مظلم لن تستطيع الخروج منه بسهولة. اكرر، ان هنالك اسباباً غير التي عرضنا لها بالنقد تقف وراء ظاهرة الارهاب في البلدان العربية وبعض من البلدان الاسلامية، وعلى الباحثين، البحث عنها وتسليط الاضواء عليها، ولقد قيل (اذا عرف السبب بطل العجب) وبطل الارهاب..
Al_botani2008@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى