آراء

ثورة أيلول مستمرة رغم اختلاف الزمان والشخوص

Yekiti Media

الساعة 11,30 قبل منتصف ليلة 10\11 مارس 1970, خرج صدام حسين رئيس وفد الحكومة العراقية المفاوض مع القيادة الكُردية برئاسة الخالد ملا مصطفى البارزاني إلى فناء الدار الذي كان ينعقد فيه مفاوضات اتفاقية آذار, وأطلق النار من مسدسه الشخصي من شدة فرحته وغبطته بعد التوصل إلى الاتفاق, هكذا وصف شكيب عقراوي المشهد “في كتابه سنوات المحنة في كُردستان “.

توقيع اتفاقية آذار التي أقرّت بالحكم الذاتي للشعب الكُردي كنتيجةٍ مشرّفة لثورة البيشمركة الأبطال بقيادة البارزاني والتي اندلعت في أيلول 1961 حقّق فيها البيشمركة انتصارات كبيرة ولقّنوا الفرق والالوية والجحافل العسكرية دروساً وسطروا ملاحم تاريخية بطولية تدخل على أثر تلك الخسائر التي لحقت بالجيش العراقي ليونيد بريجيف سكرتير الحزب الشيوعي السوفيتي آنذاك عبر إرسال بريماكوف الخبير في الشؤون العربية ومنطقة الشرق الأوسط لإنقاذ حكومة البعث الانقلابية 1968 في دليلٍ واضح على قوة الثورة ونجاحها .

ثورة أيلول اندلعت كردّ فعلٍ للسياسة الفردية لعبد الكريم قاسم وتنصّله من الوعود التي قطعها للشعب وإنحرافه عن النهج الديمقراطي الشعبي للثورة، وسيطرة القوى القومية والشوفينية على زمام الأمور في الجمهورية الفتية من خلف الستار، الأمر الذي أدّى إلى إرباك العملية السياسية وغيّر من مسارها الشعبي الثوري الى حكم فردي استبدادي، فتحوّلت نعمة الإنجازات التي تحقّقت في بداية الثورة للشعب إلى نقمة، وتمّ مصادرة الحريات الثقافية والسياسية، حيث زجّ في السجون المناضلين من الشخصيات الوطنية والديمقراطية ومن ضمنهم القيادات الكُردية الذين تعرّضوا لأبشع صنوف التعذيب.

محاربة الكُرد ومحاولات خلق الفتنة ضمن صفوفه من خلال تسليح العشائر وفصائل أخرى كانت ضمن الخطط التي أعدّها عبدالكريم قاسم والسلطات الانقلابية التي تلته في استمرارية للشوفينية وإلى محاولة التطهير العرقي من قبل السلطات المتعاقبة لمحو هوية شعب أصيل قُدّم قادته أبطالاًً أبان ثورة 1958 بقيادة عبدالكريم قاسم قبل تنصّله وسيره نحو الدكتاتورية.

الثورة المجيدة كانت عنوان مقاومة وعنوان إرادة شعب لن تنكسر وستدوم حتى نيل حقوقه الكاملة دون نقصان مهما تعاقبت الانظمة ومهما تغيّرت الحكومات والدليل شاخص للأبصار فالثورة مستمرة ” وإن كانت في تجسيدٍ مختلف “رغم تعرّضها لنكسات وخيانات كلّفت مرتكبيها حروب وكوارث والآن تُعاد الكِرة في زمان مختلف من قادة و رؤساء حكومات يملكون نفس الموروث في ظل بقاء القضية المحقة ومن خلفها قادة و أبطال مدافعون عنها لا تلين هممهم حتى نيل المراد في تحقيق حقوق الشعب الكُردي كاملة كشرط وجودي لبعث الأمن والاستقرار في عموم المنطقة وفي مقدمتها العراق.

هيئة تحرير جريدة يكيتي

منشور في جريدة يكيتي- العدد278

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى