آراء

جماعة الاخوان المسلمين – الوجه الاخر لداعش

د. زارا صالح
التحضيرات والجولات المكوكية على قدم وساق في العديد من عواصم دول القرار لجمع اكبر حشد ممكن من التحالف لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا ، وباريس ستكون غداً الاثنين احدى المحطات الهامة لعقد مؤتمر بهذا الشأن لبحث آليات التنسيق والتمويل ومحاولات الخروج بإجماع دولي عبر مجلس الأمن رغم صعوبته في الوقت الذي عمق داعش من حجم التحديات بالنسبة لبريطانيا وأمريكا بذبحها الرهينة البريطانية ديفيد هينز العامل في الحقل الإغاثي والإنساني في مخيمات اللاجئين السوريين.
مقابل ذلك كله هناك الدول الداعمة والراعية لنظام الاسد وعبر روسيا وإيران والصين تسعى جاهدة لعرقلة اي قرار صادر من مجلس الأمن يجيز ضرب (داعش) وذلك تحت حجة” خرق السيادة الوطنية” رغم موافقتها المبطنة ونشوتها في صحة ادعاءات النظام السوري منذ بداية الثورة السورية بأنها تحارب الإرهاب . انها توافقات توزيع الأدوار بين طرفي الصراع على سوريا، لهذا لم تدخر قطر جهدا لإرضاء حاضنتها الخليجية وأمريكا بالطلب من قيادات الاخوان المسلمين المصرية مغادرة أراضيها باستثناء رئيس آلاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي الذي أعلن صراحة رفضه محاربة داعش مؤكدا بانه( من الخيبة ان يعادي الانسان صديقه ويصادق عدوه)، تزامن وتوافق هذا الموقف مع تصريحات جماعة الاخوان المسلمين السورية وعلى لسان اكثر من مسؤوليه أيضاً بأنها ترفض الضربة الامريكية والحلف الدولي ضد داعش في إشارة لها بانه من الاولى محاربة النظام رغم انها ومن خلال الائتلاف السوري التي هي محركها قد أعلنت داعش كذراع ومتحالف مع نظام الاسد وطبعا هذا موثق بالأدلة وعلى الارض ، لكنها رغم ذلك ترفض الحرب على داعش وهذا ما يضع الجماعة موضع الشك او بالأحرى هي عمليا تقف في خانة خدمة النظام بما ان تنظيم الدولة الاسلامية هو عمليا الذراع التكفيري والظلامي لنظام الاسد وان الحرب عليه من الناحية العملية هو أضعاف للنظام ولعل هذه الازدواجية في موقف الاخوان المسلمين يصب في مصلحة النظام (الذي يعلن رسميا رفضه ضرب داعش دون موافقته وانخراطه في الحلف الدولي ولكنه في قرارة نفسه يشعر بالنصر لصحة نظريته في محاربة الإرهاب كما يدعي).
قيادات الاخوان المسلمين السورية التي سيطرت على المجلس الوطني السوري وبعدها الائتلاف السوري من خلال تكتيك واستراتيجية تشكيل أذرع عديدة لها وتحت مسميات ومنظمات حقوقية، اغاثية، تنسيقيات وتجنيد شخصيات وغيرها والادعاء بأنها مستقلة وليست لها صلة بالجماعة عملت كالاخطبوط في فرض أجندته وإملاءات الأطراف الدولية الداعمة لها وهي بذلك ساهمت بشكل أساسي في خطف الثورة السورية وإخراجها من سلميتها متناقضة مع مزاعمها في تبني خرافة(الاسلام المعتدل) ومحاولاتها في إيهام المجتمع الدولي والشارع السوري بانها تتبنى الطرح المدني وقيام دولة مدنية تعددية لتكون مدخلا لتسويق إسلامها السياسي الذي تمخض في نهاية المطاف بالحلف الداعشي ونهجه التكفيري والذي صنعه النظام وقدمه للعالم كخيار أقبح وأكثر إجراما منه.
سياسة النعامة احيانا والاختباء وراء الشعارات المدنية والديمقراطية لجماعة الاخوان لم تعد تنطلي على الشعب السوري كذلك لأطراف عدة من المعارضة السورية بعد حقيقة موقفها الداعم لداعش عمليا وكشف المستور في الإساءة للثورة السورية التي قدمت آلاف الشهداء على مذبح الحرية ليأتي من يقتات على دمائه ويدعي تمثيله ثم يرفض الحماية الدولية وضرب أذرع النظام من خلال التحالف الدولي الذي يقوده أمريكا. ثم ما هو موقف قيادة الجماعة التي تقيم في بريطانيا منذ عشرات السنين من إعدام عامل الإغاثة البريطاني هينز على يد داعش ؟ هل تحس بحراجة موقفها وهي التي رعتها حكومة المملكة المتحدة طيلة سنوات أقامتها ؟ ؟؟؟
لايخفى على السوريين حقيقة داعش كجزء من النظام الاسدي والذي يحاول العودة بسوريا الى عصور ما قبل الجاهلية وفرض خلافتها بحد السيف وثقافة النحر وقطع الأطراف وتقسيم المنطقة عمليا بعد اعلان الخلافة الأبي بكر البغدادية ، هذا ما لم يكن يوما حلما سوريا منذ انتفاضة أطفال درعا بان يستفيقوا يوما من سبات وقمع الاستبداد البعثي – الاسدي اكثر من خمسة عقود ليجدوا أنفسهم يحكمون برقاب السيوف وجماعات الذبح الحلال للبشر ومجاهدي تورا بورا !!!
حرية وكرامة السوريين ارتقت بمطلب إسقاط النظام وبناء أسس الدولة العلمانية التعددية التشاركية ليكون وطنا لأول مرة لجميع مكوناته وتكون القطيعة مع النظام الدكتاتوري وبطبيعة الحال فان جميع أشكال الاستبداد مرفوضة وان اعادة انتاج النظام على شاكلة داعش او تحت عباءة (الاسلام المعتدل) والدولة المدنية شعارا وخلافة إسلامية سعيا كما هو نهج جماعة الاخوان المسلمين، هذا المسعى غريب عن بنية الأغلبية من الشعب السوري على تعدد اعراقه وثقافاته وأديانه التي ترفض العودة الى الوراء بعد كل ما جرى وبجري بحقهم على يد نظام بشار وزبانيته من الشبيحة وداعش وهو يعلم أيضاً حجم التخاذل الدولي وفشلها في حمايته لكنها مع أية خطوة تدعم مساعيه وتضعف النظام واجنحته من القوى الظلامية وقاطعي الرؤوس والحالمون بالحور العين غريزة….
نقلاً عن موقع شاهدون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى