حاويات القمامة باتت وسيلة تعيل الفقراء في المدن الكُـردية
Yekiti Media
مشاهد العبث بالنفايات نكاد نراها جميعاً كل يوم تقريباً، فقد كثرت في السنوات الأخيرة ظاهرة “نبش القمامة” نتيجة تردي الظروف المعيشية الصعبة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار معظم السلع الغذائية والتجارية مقابل وصول معدلات البطالة إلى أعلى مستوياتها.
وانتشرت في السنوات القليلة الماضية ظاهرة خطيرة في مدن وبلدات كُـردستان سوريا ألا وهي ظاهرة نابشي القمامة، وهم الأشخاص الذين يقومون بنبش القمامة لجمع كل ما له قيمة من حديد ونحاس وألمنيوم و أوراق وبلاستيك وأخشاب وأشياء أخرى لغرض الاستفادة منها على المستوى الشخصي واستعمالها أو ليتمّ الاستفادة منها تجارياً من خلال بيعها وغالباً ما تكون الضحية المباشرة لهذا العمل هي شريحة الأطفال، و ذلك بسبب ظروف الحياة الصعبة التي دفعتهم ليكونوا ضحايا الفقر.
هذه المظاهر باتت منتشرة من الحسكة إلى عامودا وقامشلو وصولاً إلى كركي لكي وديرك.
في الحسكة يعمل عبدالله 14 عاماً منذ ساعات الصباح الأولى ويتجه إلى مكبات النفايات العشوائية أو تلك التابعة للبلديات لعله يجد ما هو ثمين من وجهة نظره ، لكي يبيعه ويحصل على المال
يقول عبدالله في لقاء مع مراسل يكيتي ميديا في الحسكة أنّ سبب قيامه بهذا العمل ،إنه يعيش ضمن عائلة فقيرة مكونة من خمسة أفراد وهو أكبرهم ووالده متوفّي، وانه يعيل عائلته ولا يمتلك حرفة يعمل بها فاضطرّ إلى ممارسة هذه المهنة
وزادت الظاهرة في الآونة الأخيرة وزاد معها غضب المجتمع منها ، وذلك لما تسبّبه من انتشارٍ للروائح الكريهة بالإضافة إلى منظرها غير اللائق، حيث يقوم النبّاشون بفتح الأكياس ونثرها على أطراف الحاويات وأماكن تجمّع القمامة، مما يؤدّي إلى انتشار الجراثيم والذباب والأمراض المتنقلة في الهواء.
وفي عامودا قال الطفل حسين، ليكيتي ميديا: أحياناً نتعرّض للضرب والطرد منقبل عمّال النظافة التابعين للبلدية وذلك لأننا نقوم بنبش الحاويات ،حيث نضطرّ لنثر القمامة على أطراف الحاوية لأنّ النبش ليس له نقطة للبدء منها فنضطرّ لقلب محتويات الحاوية رأساً على عقب مما يتطلّب جهداً إضافياً للعامل لتنظيف المكان ولكن هذا مصدر رزقنا ودخلنا فما عسانا نفعل غير ذلك؟ مضيفاً: قد يصل الأمر بهم إلى وقوع بعض المشادات اللفظية أو الخلافات بينهم وبين بعض الأطفال أحياناً للمنافسة على جمع أكبر قدرٍ من الأشياء التي قد يُستفاد منها ، وهذا ما يخلق الفوضى في بعض الأحيان
تقول السيدة زينب وهي من أهالي مدينة عامودا ليكيتي ميديا :إنها يومياً و منذ الصباح الباكر ترى ثلاثة أطفال ينبشون في حاوية القمامة المركونة أمام منزلها، وإفراغها والبحث في أكياس القمامة عن كلّ ما يمكن الاستفادة منه، «كالبلاستيك والمعادن والورق والكرتون» وغيرها ، وهذا ما يسبّب نوعاً من الغضب لديهم، فالوضع أحياناً لا يُطاق بسبب الروائح الكريهة .
بدوره أوضح المختص التربوي والاجتماعي “يوسف احمد” ليكيتي ميديا عن الآثار التي تترتّب على نفسية الطفل فقال :إنّ عمل الطفل بشكلٍ عام وخاصةً الأعمال الناتجة عن الحاجة وفقر الحال، كجمع القمامة يبعده عن الحياة المطلوبة لعامة الأطفال ، والتي هي مزيج من اللعب والتعلم في جو أسري ومجتمعي آمن مما ينتج لديه أزمات نفسية مستقبلاً ، ويحطّم بناء الشخصية لديه، وينمّي فيه الكثير من الغضب و الحقد الموجّه نحو المجتمع الذي لم ينصفه والذي يُعدّ عمله تعدياً على براءة عمره.
فالكثير من التجار الذين يحصلون على ما يجمعه هؤلاء الأطفال مقابل مبلغٍ بسيط من المال همهم الوحيد هو الربح، حيث يتفقون مع هؤلاء النابشين أن ينتشروا في معظم الأحياء المأهولة بحاويات القمامة ، يعملون منذ ساعات الصباح الباكر ولعدة ساعات متواصلة، وهم يُعتبرون من أكثر الفئات عرضةً للأمراض ، فربما يُجرح أحدهم أو يتعرّض للحرق نتيجة حرق القمامة في بعض الأحيان، بالإضافة لتعرّضهم لكثيرٍ من الأمراض الجلدية والتنفسية، وذلك بسبب الروائح الكريهة وتشكل الغازات السامة ،فيعتبرون وسطاء في نقل الأمراض إلى الأطفال الآخرين ، لكن المهتمّين بهذا العمل يسعون نحو الربح دون التفكير في العواقب التي قد تحدث لهذا النابش.
الجدير بالذكر أنّ مثل هذه الظواهر الاجتماعية لا تخلو منها الأحياء الفقيرة في المدن السورية,في ظلّ الأوضاع الراهنة وما تشهده المدن السورية من حالة الفقر والفوضى وتردي الواقع الاقتصادي والاجتماعي.