حرب «الاتحاد الديمقراطي» على الإعلام الكُردي !!
عمر كوجري
تجربة الإعلام والإعلاميين في غربي كُردستان مع حزب الاتحاد الديمقراطي وإدارته “الذاتية” ،وهو الجناح السياسي لحزب العمال الكُردستاني، تجربةٌ مريرةٌ وموجعة.
بكلّ حالٍ، في سوريا ولعقودٍ طويلة وحتى اللحظة ثمة معاداة واضحة وكبرى لكلّ صوت مخالف لمنظومة البعث، ويبدو أنّ سلطة ” الحكم بأمر الواقع” عجبها سلوك النظام البعثي، فناصبت العداء لكلّ صوتٍ مخالف لها، ورأت في الإعلاميين خصوماُ ألدّاء، وينبغي إسكاتهم بأيّ شكلٍ، دون أيّ مراعاة ولا حساب للمنظمات التي تنبري للدفاع عن الصحفيين، إن كانت كُردية أو محلية أو خارج الحدود، وحتى المنظمات العالمية صارت تقاريرها التي رصدتها من واقع بياناتنا نحن النقابات الصحفية والهيئات والشبكات الكُردية بحكم الإهمال وعدم الاستجابة لنداءاتها ومقترحاتها!!
فهذه المنظومة ومنذ تشكّلها تهتمّ أيّما اهتمام بالإعلام، وقد نجحت في تسويق أفكارها والكثير من أهدافها وبرامجها التي لم يظلّ منها شيء الآن، وصارت في حكم الزوال، نجحت في تثبيتها في الذاكرة الكُردية من خلال الإعلام الذي منحته اهتمامها الجلي والكبير، وصرفت عليه وأغدقت عليه الاموال بلا حساب، واستطاعت أن تشتري ذمم بعض الكتّاب والصحفيين، إن كانوا كُرداً ومحسوبين على الضفة المتناقضة معها، أو كانوا من قوميات وجنسيات أخرى، وأسماؤها لها صدى وقوة تأثير.
من أجل ذلك فتحت وبباكر الوقت تلفزيونات وفضائيات، وأصدرت صحفاً يومية، وحالياً اهتمامها بعشرات المواقع الألكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي يديرها أشخاص محدّدون، والإيعاز الأساسي والقوي يأتي من ” العاصمة” قنديل..
في غربي كُردستان، ومنذ الموضوع الذي يعلمه الجميع، وهو تسليم المنطقة الكُردية من قبل النظام في دمشق لحزب الاتحاد الديمقراطي ضمن شروط محدّدة من أهمها تحييد الكُرد عن المشاركة في فعاليات الثورة السورية، وبالفعل نجحت القوات الأمنية التابعة ل ب ي د بعد العام 2012 في ضرب أيّ تجمعاتٍ ضد النظام، ووجّهت رفاقها ومؤازريها ضد تركيا، وارودغان وغيره..!!
في غرب كُردستان، أمعن حزب ب ي د في إسكات كلّ الأصوات الإعلامية التي تراها معارضة لسياستها، ولم يتوقّف الأمر عن خلق معوقات أمام هؤلاء الأحبة، بل الوضع تجاوز ذلك الى التصفية الجسدية، والنفي إلى خارج الحيّز الجغرافي لغربي كُردستان، وكسر الأصابع، والضرب المبرح بقصد الإفناء.. الموت، بعض هؤلاء ظلّوا في الحياة بأعجوبة!!
بعد أحداث سجن الصناعة، وحتى أثناءها، ظهر البعبع الأمني التابع ل ب ي د فأبعد بعض المحطات التي رأى أنها لا تعكس واقع حال السجن، وهي لم تكن تنقل غير الواقع، ووصل التعنت والتكشيرة الأمنية ” الآبوجية” بإيقاف فضائية روداو الكُردية، وقبلها أوقفت فضائية كُردستان 24 وبعد ذلك بأيام بدأت “المدحلة الأمنية” باختطاف الزملاء الصحفيين صبري فخري، وباور ملا أحمد، وبعدها اختطفت الزميلين أحمد صوفي من ديرك، ودارا عبدو من الحسكة.
ويعمل هؤلاء الأحبة: باور “يكيتي ميديا” وصبري وأحمد و دارا ” أرك تي في – وريباز نيوز” وهذه المنصات الإعلامية تابعة لحزبي يكيتي كُردستاني- سوريا والديمقراطي الكُردستاني – سوريا، المنضويين في المجلس الوطني الكَردي في سوريا.
الواقع أنّ قرارات الدائرة الإعلامية بخصوص وقف ترخيص القنوات التلفزيونية ” الكُردية” وكذا ممارسات سلطة ال ب ي د بحق الصحفيين لا أساس قانوني لها، وليست مثار الاستغراب بالنسبة لنا، بل مثار الاستهجان والاستنكار لأنها تتكرّر على الدوام بحق الإعلام بشكلٍ عام في غرب كُردستان.
وكلّ مَن لا يدور في فلك ودائرة حزب الاتحاد الديمقراطي يُجابَه بالكثير من المصاعب في عمله الصحفي، عليه إما أن يحابي، ويكون جزءاً من المنظومة الإعلامية للاتحاد الديمقراطي، وبالتالي منظمة العمال الكَردستاني، أو مصيره المضايقة والتهديد والوعيد والضرب والاختطاف وحتى الاغتيال..
حتى المؤسسات التي ” تدّعي” أنها مع حقوق الصحافة والصحفيين في غربي كُردستان هي جزء من المشكلة لا الحل.. لأنها تابعة بشكلٍ مباشر لحزب الاتحاد الديمقراطي، ولا تستطيع حتى أن تنشر بيان رفع عتب عن أي انتهاكٍ يحدث بحق زملائهم الصحفيين!!
فقبل أيام خرج علينا السيد جوان ملا ابراهيم الرئيس المشترك لدائرة الإعلام في الإدارة الذاتية، يزعم أنّ الصحافة والصحفيين في وضع ” الصون والحماية” ولكن ضمن شروطه أو شروط مسلحي ال ب ي د مثل “عدم المساس بالقيم الاجتماعية كالشهداء والقوات العسكرية والإدارة الذاتية”.
لأنّ هذه الشروط تفسح المجال واسعاً للتأويل والتفسير بحسب مزاج القوات الأمنية غالباً، وسيكون ثمة نسف كامل لكلّ القانون الذي وضِع لهم ويُترجم بحسب أهواء المتحكمين بأنفاس شعبنا على كلّ الصعد، ومنها ومن ضمنها الإعلام.
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 295