آراء

حرب القناديل البعيدة عن ” قنديل “.!

عنايت ديكو

– جلّ السياسات التركية الطورانية، هي المشاركة التأثيرية والكبيرة في المخطط الروسي – البعثي والمساهمة العنيفة في العودة السريعة والميمونة للمناطق الكوردية السورية الى حضن النظام السوري المجرم، والقضاء على التطلعات والأحلام الكوردية. لقد جرَّبت تركيا هذه السياسات في كركوك وشنگال وسنجار وحلب وغيرها، ونجحَت فيها الى حدٍ كبير وحصدَتْ ما كانت تصبوا إليه . وجاء هذا في معرض حديثٍ تأكيدي لـ جاويش أوغلو مع الاعلام، عندما قال : لقد نجحت تركيا في سياساتها العراقية وساهمت بشكلٍ كبير وفعّال مع حلفائها في إرجاع شمال العراق الى حضن بغداد والى البيت العراقي … طبعاً دون إراقة قطرة دمٍ واحدة من دماء الجيش التركي، واليوم يتكرر نفس السيناريو وفي نسخته الثانية بمقاطعة كورداغ بكوردستان سوريا.

  • القنديل الثاني :

– الحرب القاتلة والمدمرة والتي تدور رحاها في سهول وجبال وكهوف ” كورداغ ” لا تمت بصلة الى محاربة الحزب العمال الكوردستاني، ولا علاقة لها أبداً ومطلقاً بالحروب التركية على هذا الحزب. فهذه الحرب الخاصة، هي فصلٌ من فصول الجينوسايد التركي الاستراتيجي للقضاء على كوردستانية عفرين ودورها ومحوريتها ومركزيتها وموقعها الجيوسياسي. فالقضاء على حزب العمال الكوردستاني لا يمرُّ أبداً عبر تدمير آثار ومعابد ” آيين دارا – عين دارا ” وقصف مدرّجات النـبي هـوري والسدود والأماكن التاريخية والحضارية بالصورايخ والمدافع والدبابات والراجمات. فالهدف التركي الاستراتيجي هو التدمير الكلّي للتاريخ والحضارة الكوردية وخاصة في مقاطعة كورداغ لقطع الأوكسجين عن كركوك المستقبل.

  • القنديل الثالث :

– فـمع قدوم جحافل الانكشارية التركية واحتلال القرى والنواحي في منطقة عفـرين وحرق الأخضر واليابس على أيدي عصابات الجنجويد الأردوغانية وسرقة المال والأموال والفلوس والذهب والزيت والزيتون والمؤن المخزنة والحيوانات والعلف والآلات والمحركات وقطع الاشجار وحرق البساتين، بدأ الطابور الخامس يَطلِّ برأسه ويُعَرّف عن نفسه وبشكلٍ واضح، دون خجل من بين هذا الركام والدخان المتصاعد بعد حرق الحجر والبشر … منوطين بدور المرتزقة، خاصة بعد أن امتطوا ظهور الدبابات التركية في بلبلى وراجو وجنديريس وغيرها من القرىٰ والنواحي الكورداغية . فتركيا تعرف بأن هذه العصابات الارتزاقية لا تستطيع الوقوف على أرجلها لأكثر من أربع وعشرين ساعة والمكوث في كورداغ، لذا تدفع تركيا بالمنطقة الى حضن النظام البعثي المجرم ثانية ،لأن هؤلاء الجنجويد معروفين للقاصي والداني، لا يملكون أي عمق شعبي أو جماهيري … أو أي مشروع وطني كوردي، فقط هم عبارة عن عصابات ومرتزقة وانكشارية لا غير .!

  • القنديل الرابع :

– نستطيع أن نقول هنا وبثقة، بأن تركيا لا تريد القضاء على حزب العمال الكوردستاني … لأن تركيا تستفيد من وجود هذا الحزب على أكثر من جبهة، وتركيا تستفيد من هذا الحزب أكثر مما يستفيده الشعب الكوردستاني منه … فمتىٰ كانت تركيا تخطط وتضرب الحزب بمثل هذه القوة والضربات الموجعة والقاتلة ، وبمثل بهذا الحجم الهائل والضخم من الطائرات والصواريخ والقصف والدمار على مواقع هذا الحزب …؟ لقد دمَّرت تركيا في كوردستان سوريا أكثر من ” 195 ” موقعاً وفي يوم واحد كما صرّح به الاعلام العسكري التركي نفسه …؟ فإذا كانت الحجّة التركية هي وجود وتمركز حزب العمال الكوردستاني في عفرين … فلماذا لا تضرب تركيا منطقة قنديل نفسها وبهذا العنف وبهذه الشراسة مثلاً ؟ فهذا الحزب يعيش بشكلٍ أفقي كبير في كلٍ من اليونان وقبرص والمانيا وإيران ولبنان وفرنسا وهولندا وبلجيكا وروسيا وارمينيا وغيرها وغيرها…؟ فهل من حق أردوغان أن يضرب كل هذه البلدان بحجة وجود العمال الكوردستاني في هذه الدول …؟

  • القنديل الخامس :

– السكوت السوري والايراني والروسي والخليجي على الاحتلال التركي لمقاطعة عفرين، هو بسبب التخلّي التركي الكامل عن دعم مشروع اسقاط النظام السوري وتحييد وتفتيت المعارضات العرواسلاموية، التي كانت تنادي يوماً بإسقاط النظام البعثي . فالسماح للنظام التركي بإحتلال ” عفرين ” هو عربون الصداقة البعثية – الأردوغانية الجديدة والقادمة … فمثلما أعطى صدام حسين أراضٍ عراقية لإيران مقابل تخلي الشاه ” رضا البهلوي ” عن دعم الثورة الكوردية هناك … واليوم … النظام السوري يقدم ” عفرين ” هدية للاتراك عربوناً وتتويجاً للصداقة القديمة الجديدة بين الطرفين . فالعرّاب في المسلسل الأول كانت أمريكا … بينما العرّاب في المسلسل الحالي هو روسيا .!

  • القنديل السادس :

– خلال زيارة الوفد البرلماني الكوردستاني الرسمي الى مقاطعة ” عفرين ” ولقاءاته بالقيادات الشعبية والرسمية هناك، حدثَ مسلسلٌ هزيل ومخجل في تقديم البروتوكولات الرسمية وتأديتها والحفاظ عليها. فأثناء المؤتمر الصحفي مع قيادة كانتون عفرين وبحضور الاعلام والبث المباشر، قال السيد ” علي هالو ” أحد البرلمانيين الكوردستانيين وذلك عن حسن النيّة، يا أخت ” هــيڤي ” ألا تستطيعون أيضاً جلب علمٍ كوردستاني … أليس من الأفضل أن نضع هنا علم كوردستان في هذا المؤتمر الصحفي …؟ فـتُجيبهُ الرفيقة الثورية ” هيڤي “: من الصعب الآن الحصول على هذا العلم والاتيان به … فيوجد عندنا عَلَم المقاطعة… وهذا يكفينا.…!! فعلاً صَدَقْتي يا عزيزتي هـيڤو … لأن تلك الاعلام الكوردستانية … قد أُحرقَتْ ورُميَتْ بها الى الزبالة الآيكولوجية، ولم يعد هناك علمٌ كوردستاني واحد عندكم في كانتون عفرين … والله معكِ كل الحق.… لاك مو مشان شيء يا عالم … على الأقل مشان ” 7 ” أطنانٍ من الأدوية التي جلبوها إلينا .!

  • القنديل السابع :

– تكريساً وتماشياً وإيماناً بالنهج القومي الآتاتوركي الطوراني والمافوق دولتي، أطلق أردوغان اسم ” غصن الزيتون ” على حملته العسكرية ضد مقاطعة عفرين الكوردستانية، وقام بحشد التيارات الدينية والطورانية والشعبية خلفه … وصارت حملة ” غصن الزيتون ” في عموم تركيا ميداناً وقاعدة شعبية تتقاطع عليها وتتقارب كل التيارات والأحزاب والأطراف والتجمعات والجمعيات التركية، وبناء عليها، يقوم أردوغان اليوم بتسخير هذه الطاقات الشعبية والجماهيرية لاستخدامها في حروبه الخارجية والداخلية، وكأنه يقود سفينة تايتانيك تركية … متناسياً بأن الكورد وحدهم هم مَنْ زرعوا الزيتون … وهم أهل الزيت والتين والزيتون … وعلى نقيضهِ، أصبح ذاك الغصن الزيتوني العفريني المبارك، عامل توحيدٍ وتعاضدٍ وتكاتف في الشارع الكوردي العريض، وتوحدت مختلف الأطياف المجتمعية والفكرية والثقافية الكوردية خلف غصن الزيتون العفريني وأشجار الزيتون الپيروزية في كورداغ، ووقف الشارع الكوردي العريض وقفة الرجال مع المقاومة الكوردية ضد الجيش التركي المحتل، الذي يُعتبر أعتى وأشرس جيوش المنطقة.

  • القنديل الثامن :

– بحسب الاعلام والتقارير الحربية التركية والائتلافية الأخوانجية تفيد وتقول: أن هناك مناطقاً وقرى كثيرة في مقاطعة عفرين قد تمَّت تحريرها من الـ ” PYD ” على أيدي الكتائب العرواسلاموية. … هنا … فالشارع الكوردي يسأل الـ “ENKS ” : يا أهل البصر والبصيرة، هل باستطاعتكم ، رفع العلم الكوردستاني فوق تلك القرى المحررة من عفرين …؟ وهل ستسمح لكم تلك العصابات العروبوية من الجراد الأسود … بأن ترفعوا عَلَمَكم أو اللوغو الرسمي والخاص بكم في تلك القرىٰ والجبال المُحررة .؟ أليس أردوغان هو الذي يقول بأنهم سيسلمون المنطقة لأهلها … طيب… فلماذا لا تستلمونها … ألستم أنتم …أصحاب هذه الأرض وهذه المناطق .؟

  • القنديل التاسع :

– قبل فترة من الزمن وفي مقابلاتٍ ومنصاتٍ حصرية وجبلية عديدة ، خرجت علينا قيادات ” قنديل ” وهدَّدَت ” أنقرة ” بالاسم والنقطة والفاصلة … وقالوا بما معناه … فـوالله … ثم والله … سنجعل أنقرة واستانبول والتي تجري من تحتها أنهار الزمزم والعسل … سنجعلها خراباً ودماراً على رؤوسكم ورؤوس أردوغانكم اللعين … وسنجعل تلك الأنهار تتقطر سَمّاً ودماً وحسرة، بدلاً من العسل والمنّ والحلوىٰ …! لقد كان فعلاً عنفواناً صارخاً وزئيراً جبلياً وقنديلياً عالياً، قَلَّما يسمعه المرء في هذا الزمان القحط واليابس والناشف.

– في الأخير وفي هذه الأيام والليالي الحالكة والأليمة في عفرين … كلما أخلد وأذهب للنوم … أتوقع وأتمنىٰ وأتصور مدى وصدىٰ تلك الجُمَل والتهديدات والعنتريات المُتَقَندِلَة التي سمعناها، وأقول لنفسي كل يوم: إنشاء الله … غداً ستتحق تلك الشعارات، وسيقوم المارد الكوردي القنديلي الجبّار بتغيير المستحيل الى حقيقة وبتحويل تلك الكلمات والجُمل الى واقع كورداغي .! وفي الصباح أستيقظ ثانية على أنغام رعشة الخوف القادم من وراء السياج … حيث دماءٍ الشهداء وأصوات الأطفال ونواح الأمهات الكورداغيات … لا حس ولا خبر …… لا من قنديل ولا من غيرها .!

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عــن رأي Yekiti Media

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى