من الصحافة العالمية

حركة التحرر الوطني الكوردي وآفاق المستقبل

سربست بامرني
تمر منطقة الشرق الاوسط بفترة مخاض عسير ومع بدأ انهيار المنظومة الفكرية والسياسية و الامنية لمعاهدة سايكس بيكو التي ضربت بمصالح شعوب المنطقة و حقوقها عرض الحائط تطفو على سطح الاحداث مشاريع مختلفة تتبناها قوى اقليمية و دولية لإعادة تقسيم مناطق النفوذ غير مهتمين بما ينجم عن ذلك من حروب عبثية و ضحايا وماسي لا حصر لها و في الوقت الذي تغيب فيه شمس العديد من الانظمة القمعية والكثير من القوى السياسية التقليدية التي كانت مؤثرة ذات يوم تظهر وتنمو قوى جديدة البعض منها متسلح بروح العصر وبالإمكانات الفكرية والتنظيمية التي تتفق واستحقاقات المستقبل والبعض الاخر يمثل القوى الارهابية الهمجية المتخلفة المصطنعة منها او التي برزت نتيجة معتقدات دينية فاسدة والتي تحاول عبثا اعادة عقارب الساعة الى الوراء.
في هذه الفوضى الشاملة والحرب ضد الارهاب وتمسك القوى المنتهية صلاحيتها بثوابت عفى عليها الزمن وبسياسات عقيمة كلفة شعوب المنطقة الكثير تبرز حركة التحرر الوطني الكوردي في أجزاء كوردستان و بمختلف فصائلها كقوة نامية جديدة تتميز بالواقعية والموضوعية سواء في طروحاتها الفكرية والسياسية او من ناحية بناء علاقات رصينة متوازنة مع المحيط الاقليمي والدولي وكسب العديد من القوى المؤثرة في عالم اليوم الى جانب عدالة المطاليب الكوردية.
الكورد الذين كانوا يوما ما من ابناء الجن كما قال المسعودي في مروج الذهب واللذين تعرضوا خلال المائة سنة الاخيرة فقط الى عشرات الحملات العنصرية الهمجية بقصد ابادتهم ومحوهم من على خارطة الشرق الاوسط استطاعوا ان يثبتوا للعالم المتحضر انهم ابناء ادم وحواء وان لهم ما للآخرين من حقوق وان حقوقهم تم سلبها واغتصابها عن عمد وسبق اصرار وانه قد ان الاوان لهذا العالم ان يعترف بخطيئته و جريمة حرمان الشعب الكوردي من حقه المشروع في الحياة الحرة الكريمة
الكورد والعالم المتحضر وكل اللذين عاشوا تجربة سايكس بيكو و نتائجها المريرة وكافة القوى المحبة للحرية والديموقراطية والسلام تعرف حقيقة ان لا شرق اوسط مستقر ينعم سكانه بالأمن والسلام و فرص التنمية والتقدم الاقتصادي دون ايجاد حل عادل شامل للقضية الكوردية والاعتراف بحق الشعب الكوردي في الاستقلال وتأسيس كيانه المستقل الخاص به اسوة بشعوب العالم وقومياته وهو ما تطرحه اليوم العديد من القوى الدولية المؤثرة ويصرح بها الكثير من القادة والسياسيين.
لقد جرب كل اللذين تنكروا للحقوق القومية والانسانية المشروعة لشعب كوردستان كل الوسائل الممكنة بما فيها الاكثر همجية اعتبارا من سايكس بيكو مرورا بسعد اباد وحلف بغداد والمعاهدات الثنائية السرية والعلنية بين الدول التي تقتسم كوردستان وانتهاء بحملات الانفال والابادة الجماعية لإسكات صوت الشعب الكوردي دون جدوى وقد ان الاوان والبشرية تدشن القرن الواحد والعشرين و مع التطور الهائل الذي يشهده عالمنا اليوم في مجال الاعتراف بحقوق الانسان واحترامها ان تحترم ارادة شعب كوردستان.
الدولة الكوردية وبكل المقاييس قادمة حتما حتى وان كان ذلك على مراحل فلم يعد مقبولا ولا حتى ممكنا اسكات صوت ما يقارب الاربعين مليون كوردي يطالب بالحرية والمساواة وفي قلب الشرق الاوسط الذي يشهد ما يشهده حاليا من مخاض عسير وبين ان يكون الكيان الكوردي القادم كيانا سلبيا او كيانا ايجابيا مسالما وصديقا يشارك الاخرين في بناء مستقبل افضل للمنطقة يتوقف على موقف شعوب المنطقة بالدرجة الاولى، يتوقف على موقف الايرانيين والعرب والاتراك وقواهم السياسية المؤثرة التي من المفروض ان تستفيد من التجربة المريرة الماضية والتي كلفت هذه الشعوب ايضا ثمنا فادحا دون ان يكون لها أي مصلحة في الصراع الدائر ضد الكورد والتنكر لحقوقهم.
ان بناء شرق اوسط جديد متصالح مع نفسه ومع الاخرين يتطلب وقفة شجاعة من الجميع لإقرار حقوق الشعب الكوردي وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين مكوناته قبل ان يعيد اخرون رسم خرائط المنطقة والتي على الاغلب لن تكون في صالح شعوب الشرق الاوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى