آراء

حرية الرأي في الدول المتحضرة مصانة

د. محمد جمعان

بعد الجريمة البشعة التي نفّذها أحد المتطرّفين المسلمين من أصول شيشانية في فرنسا بحقّ مدرّسٍ وبالطريقة الداعشية أُثيرت حفيظة الملايين من الناس في كلّ بقاع الأرض.

ردّات الفعل كانت مختلفة، فقد خلقت هذه الجريمة على الأقل جبهتين.

أولاً جبهة ضدّ هذا العمل الإجرامي، وجبهة تناست الجريمة وتمسّكت بأقوال الرئيس الفرنسي ماكرون على انه أساء للإسلام.

أما عن الجبهة الأولى، فهذه تمثّل الفئة التي تدافع عن حرية الرأي، وعلى أنّ هذا المبدأ مصان قانونياً، وأنه مهما كانت التبريرات لقطع رأس إنسان لأنه عبّر عن رأيه بشكلٍ ما ومهما يكن، فهذا غير مقبول، وأنّ الحرية مكفولة للجميع مهما كانت معتقداته، لونه أو جنسه أو عرقه والخ، وهذه الحريات تؤمّنها الدساتير في الدول العلمانية.

أما الجبهة الأخرى والتي تتناسى جريمة القتل وقطع رأس الإنسان كالخروف – الطريقة الداعشية لمعاقبة الإنسان حيث أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على أنّ الرئيس الفرنسي استهزأ بالإسلام و على أنّ الإسلام في أزمة, هذه الجبهة تحاول استنفار مشاعر المسلم المسكين والمحروم من أبسط حقوقه الإنسانية في بلده, وها نحن نرى في بلدان كثيرة مثل تركيا و باكستان مشاعر الغضب في أوجها ضدّ الرئيس ماكرون.

حيث أنهم لا يعيرون مبادئ: الحرية والعدالة وحرية الرأي أي اهتمامٍ، بل هي في كثيرٍ من الأحيان تكون مصدر استهزاء للكثيرين وحتى القادة.

فقد أصبحت هذه القضية مصدر لجمع الأصوات والتأييد عند بعض القادة مثل أردوغان والذي تخطّى حتى منطق الدبلوماسية المتعارف عليها عالمياً، ولا يعلم الكثير من أبناء دولنا الإسلاموية أنّ تلك المبادئ هي مبادئ حياتية عند الإنسان الأوروبي ولا يمكن المساس بها،

وأنّ حقوق المسلم في الدول الأوروبية هي مُصانة بالقوانين مثله مثل أيّ شخصٍ آخر من ذلك البلد، وليس غريبا عليّ وعلى الكثيرين بأنّ هناك الكثير من السوريين والمحسوبين على المعارضة ونخبتها استلّوا سيوفهم لقطع رأس الرئيس الفرنسي”الكافر” والغريب أنّ الكثيرين من هؤلاء يسكنون في المجتمعات الأوروبية منذ عشرات السنين، وبالرغم من هذا كله فهم لم يعرفوا إلى الآن تلك المجتمعات ومرتكزاتها وبنيانها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى