آراء

(حزب العمال الكردستاني).. هبة السماء لأردوغان

دوران ملكي

مند التأسيس وحتى الآن تدرجت المطالب والإستراتيجيات وتغيرت التكتيكات حسب الزمان والمكان ففي البدايات طرح شعاراً مثيراً للجدل في أوجه عز الماركسية وصراعات الحرب الباردة وتعدد أشكال الأنظمة الغاصبة لكردستان من رأسمالية إلى راديكالية قومية إشتراكية ومن ثم دينية إصولية وهو تحرير كردستان بإعتباره كتلة متكاملة لكي يستطيع الحزب النشاط في الأجزاء الأربعة بصفته الحزب الطليعي الوحيد ليس في كردستان فقط وإنما في كل الشرق الأوسط وهذا ما ولد صراعاً بين الحزب وباقي الأحزاب الكردستانية في كردستان تركيا وفي جميع أجزاء كردستان فيما بعد

إضطر قيادة الحزب وكوادره الذين لم يتم إعتقالهم للأنتقال إلى سوريا بعد الإنقلاب العسكري الذي قاده كنعان إيفرن رئيس أركان الجيش التركي في عام 1980

أول خطوة قام به الحزب هو مد جسور العلاقات مع النظام البعثي في سوريا وبوساطة العلويين النصيرية في لواء إسكندرونه وكانت هذه البدايةللتعامل مع الأنظمة الغاصبة لكردستان ومن ثم توالت الإتفاقات مع النظامين البعثي في العراق ونظام الملالي في أيران وحتى الآن والثمن هو مواجهة الحراك العسكري الكردي في باقي أجزاء كردستان وربط مصير الشعب الكردي في سوريا مع أكراد تركيا ووعدهم للنظام البعثي بأن (أكراد سوريا) تعود إصولهم إلى تركيا وقد هاجرو منها إبان الثورات الكردية في تركيا وأيضاً حديثاً هجرو طمعاً بالحصول على الأراضي إثر تطبيق قانون الإصلاح الزراعي في سوريا من قبل نظام البعث وبذلك يبررون للبعث الشوفيني مشاريعه العنصرية ضد الشعب الكردي من حزام وإحصاء عام 1962الإستثنائي

في عام 1985وتحديداً في شهر آب رفع الحزب شعار الكفاح المسلح إنطلاقاً من جبال قنديل بدعم الحومتين العلويتين في أيران وسوريا ومن ذاك اليوم يوزع الحزب سهامه فواحد للجيش التركي وعشرة إلى صدور البشمركة في كلٍ من كردستان تركيا وأيران

من المؤكد إن الدولة التركية كانت تستطيع تقويض نشاطهم بعد إعتقال زعيم الحزب في سنة 1999 في جبال قنديل ولكن أبت وبين الفينة والأخرى يجهز لحملة عسكرية يستخدم فيها أقوى الأسلحة ولتنتهي بضرب القرى والقصبات في محيط جبل قنديل في كردستان العراق تجبر سكانها للنزوح دون المساس بمراكز القيادة في قنديل وإستطاعت الحكومات التركية المتعاقبة وضع قواعد عسكرية له في كردستان العراق

من ذلك التاريخ وحتى الآن لم يحرر الحزب شبراً واحداً من أراضي كردستان تركيا ولكنه يحاول بناء جمهوريات وكانتونات في كردستان العراق المحررة منذ عام 1991

حدث الإتفاق بين الحكومة التركية ورئس الحزب في سجن إمرالي ونتجة لذلك أعطى زعيم الحزب الأوامر لفصائله المسلحة بالخروج من حدود(الدولة التركية)فانتقلو إلى كردستان العر اق وكردستان سورياوظهرت في هذه الفترة ثورات الربيع العربي ورافقتها ظهور تنظيمات إسلامية متطرفةفي العراق وسوريا ليعقد إتفاقاً مع نظام بشار الأسد لحماية المناطق الشمالية والشرقية ولحماية منابع النفط في الجزيرة لكي يتفرغ النظام للمناطق الأكثر أهمية ومن ثم يتم إعادة ماتم إستلامه

لم يتدخل النظام التركي في هذا الإتفاق ولم يحاول حتى الإعتراض عليه بل حول فتح قنوات مع الحزب وإلتقت المخابرات برئيس حزب الإتحاد الديمقراطي صالح مسلم والتي تعتبره الحكومة التركية كفرع من حزب العمال الكردستاني أكثر من مرة كما إلتقى وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو وفد المجلس الوطني الكردي في أقليم كردستان عقب إعلان الهيئة الكردية العليا بين المجلس الوطني الكوردي ومجلس غرب كردستان الموالي لحزب العمال الكوردستاني والأنكى من ذلك قامو بفتح معابر في كوباني ومدينة الدرباسية مع الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا وظلت تركيا تراقب الوضع ولم تتدخل حتى تأكدت إن الوضع إستقر لصالح أنصار الحزب وإستطاعت التفرد بالسلطة وأزاحت خصومها من الساحتين العسكرية والسياسيةوفي هذه اللحظة تدخلت تركيا لتبدي مخاوفها للعالم من تمدد أنصار حزب العمال الكردستاني وليتخذها زريعة للتمدد على كردستان سوريا والبداية من عفرين ومن ثم إلى رأس العين وتل أبيض ولم يصمد أنصار العمال الكردستاني شهر واحد رغم الطبيعة الجبلية لعفرين وكثرة الخنادق والأنفاق التي أقاموها على الحدود مع تركيا

أراد الرئيس التركي أن يخضع المنطقة الأمنة التي رسمها عل طول الحدود السورية التركية وبعمق 30كم بعد ما أخذ الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب وبعد سيطرته على رأس العين وتل أبيض حول التمدد شرقاً وغرباً وخاصة أقصى الشمال الشرقي وبحجة تواجد حزب العمال الكوردستاني في مناطق جبل سنجار وليتم وضع اليد على معبر تل كوجر ويربط تركيا مع العراق عن طرق الموصل وبذلك يتم وضع الخناق على القيادة الكورديةبتوقيف معبر إبراهيم الخليل الذي يربط تركيا مع العراق عبر إقليم كردستان وليقطع الطريق أمام إمداد كردستان سوريا بالمواد الغذائية ومستلزمات الحياة الأخرى إلا إن رفض أركان الإدارة الأمريكية والضغط على الرئيس ليتراجع عن القرار ويوقف الغزو التركي وخاصة بعد تمدد قوات النظام والروس إلى شرق الفرات

اليوم وإبان الحرب الروسية الأوكرانية ورجوع العالم إلى المربع الأول من الصراع وبوادر نشوء حرب عالمية ثالثة يسلك أردوغان طريق مصطفى كمال أتاتورك ليلعب على أوتار اللعبة العالمية مستفيدة من الموقع الجغرافي الهام الذي يربط شرق العالم بغربها ويملك ممرات مائية مهمة تسلكها القوافل التجارية العالمية فإلى جانب كونه عضواً في حلف شمال الأطلسي إلا إنه نأى بنفسه من التدخل في الحرب فتارة يطبق إستراتيجيات الحلف في إغلاق مضيق البوسفور أمام البوارج العسكرية وتارة اخرى يتدخل في النزاع كوسيط ولم يتدخل في العقوبات الإقتصادية المفروضة على روسيا وزاد من علاقاته مع الحلف الروسي والصيني ويحاول بشتى الوسائل إرضاء الروس وخاصة عندما قامت السويد وفنلنده بتقديم طلبات إنتسابهم الى الحلف الأطلسي لضمان أمنهم من التهديدات الروسية المحتملة

وقفت تركيا حجر عثرة في طريق انضمامهما لتعاقب أولاً الولايات المتحدة الأمريكية ومن ثم الحلف الأطلسي ثانياً عن طريق هبة السماء .حزب العمال الكردستاني. وإتهامه للدولتين بدعم الإرهاب ويهدد بإستخدام الفيتو مستفيداً من وثيقة النظام الداخلي للحلف الأطلسي مع العلم أن الدولتين ترفضان بالمطلق علاقاتهم بحزب العمال الكوردستاني وعبرالسويد وعلى لسان وزير خارجيتها بأن الحزب المذكور هو من عداد الفصائل الإرهابيةوحتى إنهم إتهمو الحزب بقتل رئيس وزراء السويد أولف بالما في ثمانينيات القرن الماضي

تركيا تحاول إبتزاز دول الحلف الأطلسي وعلى رأسهم أمريكا وتفرض عليهم شروط تعجيزية مثل تسليم المعارضين لنظام أردوغان ومحاولة كسب جولات جديدة في الوضع السوري حيال نقل اللاجئين السوريين الى رأس العين وتل ابيض وعفرين وبمشاركة حلف شمال الأطلسي وإجراء التغيير الديمغرافي في كردستان سوريا والحصول على مساحات جديدة في الشمال الغربي وخاصة بعد الإنسحاب الروسي في كثير من المناطق السورية

أغلب الظن ستقوم الدبلوماسية الأمريكية بإرضاء تركيا بشتى الوسائل ولكن دون المساس بشرق الفرات لأن التسريبات التي صدرت عن لقاء وزيري خارجية تركيا وأمريكا تؤكد إصرار الجانب التركي بعدم إستثنا ءشرق الفرات من عقوبات قيصر ونقل اللاجئين إلى الشمال السوري في مناطق رأس العين وتل أبيض وهذا ما رفضه الجانب الأمريكي بالمطلق ولكن على ما يبدو إن الأمريكان أطلقو يد الأتراك في الشمال الغربي من سوريا لتشمل إمتدادها حتى خان شيخون والطريق الدولي الرابط بين دمشق وحلب وربما تشمل مناطق شمال حلب مثل تل رفعت التي هي في يد قوات سوريا الديمقراطية

وسوف تسوق الولايات المتحدة الأمريكية موضوع طائرات ف16بدل من الأموال التي دفعتها تركيا للأشتراك في مشروع طائرة ف35بعد حرمان تركيا منها إثر شراءها صواريخS400 من روسيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى