أخبار - سورياشريط آخر الأخبارلقاءات وحوارات

حــوار خاص مع المعارض السوري خالد محاميد

Yekiti Media

الدكتور خالد محاميد نائب رئيس الهيئة السورية للمفاوضات سابقاً ، نرحّب بكم في موقع يكيتي ميديا الإلكتروني، ونشكركم لإتاحة الفرصة لنا لنقل مآلات المفاوضات السورية و تشعّباتها ومراحلها ، مرّةً أخرى نثمّن تجاوبكم و تفاعلكم .

يكيتي ميديا: الأزمة السورية مرّت بمراحل وجولاتٍ ماراثونية عديدة دون أن تحرز أيَّ تقدّمٍ يُذكر، لا بل تمّ تجميد العملية التفاوضية بين النظام و المعارضة لأجلٍ غير معروفٍ …برأيكم أين يتّجه مسار الأزمة السورية ؟ وعليه : أيُّ مستقبلٍ ينتظره السوريون ؟

خالد محاميد: أعتذر عن الإجابة بشكلٍ عادي على سؤالٍ فيه مصير ومستقبل شعبٍ . عندما نجح فيروسٌ غير مرئي بحجر الناس في بيوتهم، و احتفلنا بالذكرى العاشرة للثورة في ظرفٍ عالمي و استثنائي خاص، شعرت بأننا نعيش فرصةً للمراجعة والتأمّل لم نكن نملكها في زحمة النضال والعمل.. وأنّ من الضروري أن نعيد طرح الأسئلة الأساسية بحثاً عن نقاط العطب والدلالة:

ماذا حدث، لماذا حدث، من المسؤول، كيف وقعت الأمور، لأيّ غرضٍ وأين نحن اليوم؟

لا يجوز بحالٍ أن نتسرّع في إعطاء إجاباتٍ سريعة على هذه الأسئلة.. ومن الضروري أن نجمع و نوثّق المعطيات الزمنية للحراك الشعبي المدني وكيف جرت عمليات العسكرة ومتى كان السوريون طرفاً فاعلا ً وأين كانوا مجرّد أدواتٍ جرى استخدامها على الصعيدين الإقليمي و الدولي؟

لأنّ هذا يفتح الباب للإجابة على السؤال الأهمّ: متى امتلك السوريون بتعبيراتهم الأهلية والسياسية و العسكرية القرار فيما يفعلون، ومتى جرت مصادرة دورهم وحقّهم في تقرير مصيرهم؟ وهذا السؤال لا يُطرح فقط على ما جرى التعارف عليه بقوى الثورة والمعارضة فقط، و إنما أيضاً على ما يُسمّى تعميماً “الموالاة”.

ليس من الصعب الخروج باستنتاجٍ أولي واضح، كان هناك منذ الأشهر الأولى، مشروع للوصاية على الأطراف السورية كافةً. في جبهة النظام جرى إبعاد فاروق الشرع المعروف بحرصه على استقلال القرار السوري وعددٍ هام ممن رفض الحلّ الأمني العسكري في الدولة. كذلك كانت محاولات إبعاد و تخوين وتكفير كلّ المناضلين السوريين مستقلّي القرار والرافضين للعمل لحساب هذه الحكومة أو تلك. في مختلف مواقع السلطة جرت مكافأة كلّ من رهن قراره للمستشارين الإيرانيين في قيادة الأركان، وجرت فبركة “شخصيات” كرتونية لقيادة المعارضة والفصائل العسكرية. آلاف الضباط المنشقّين من ذوي الكفاءة العسكرية والنضج السياسي العالي تمّ إبعادهم، واضطرت كفاءات كثيرة إلى النأي بالنفس رافضةً الخضوع للإخوان وهتش والدواعش…

قبل ثلاثة أعوامٍ قال لي أحد السفراء الغربيين: “هل تظنّ أنّ هناك أمل بالنصر على الدكتاتورية وقد أصبح الطيان وسائق اللوري وبائع السمك قادة فصائل، والمهرّب والمنشد في الموالد سفيرا، وارتفعت تسعيرة الارتزاق طرداً مع المناصب الموكلة لهذا وذاك، وتوزّع تجّار الحروب على مختلف الجبهات؟”… أجبته يومها: “في كلّ بيتٍ بالوعة”، فأجاب: “صحيح، المشكلة عندكم أنّ البالوعة ابتلعت البيت”. نعم، المشكلة أنّ أصحاب الحلّ والقرار والمال في جبهة النظام وفي ما جرى تنصيبه ممثلاً وحيداً للشعب والثورة والمعارضة من هذه البالوعة.. لقد تملّكنا شعور بأنّ مؤتمر فيينا كان محاولة لكسر هذه الحلقة. حيث وضع حداً لجريمة الممثّل الشرعي والوحيد، وسُمح بفتح الباب أمام أصواتٍ من المعارضة الوطنية المستقلة للتعبير عن نفسها في الوفد التفاوضي. إلا أنّ هذا التغيير البنيوي الهام لم يكن كافياً، وبقي الحرس القديم لمشروع ما سُمِي بأصدقاء الشعب السوري يحتلّون مواقع أساسية في هيئة التفاوض. بعد التدخّل العسكري الروسي، كان الهمّ الأول للروس وضع حدٍٍّ لما سُمِي أصدقاء الشعب السوري. إلا أنهم وقعوا في نفس العلة والمرض، واستجاروا من الرمضاء بالنار ومن مؤتمرات “أصدقاء الشعب السوري” بمؤتمرات الأستانة. وصعدت الخلافات الإقليمية البينية إلى السطح وغاب عن “المعارضات” المشاركة تصوراً موحّداً يسمح بوضع وفد النظام في الزاوية… هذا الوفد كما نعرف لم يأتِ أساساً للتفاوض وإنما لتعطيل أيّ تفاوضٍ، وللأسف سهّل البعض عليه هذه المهمة.

نحن بحاجة لمراجعاتٍ جريئة وشاملة من أجل بناء صوتٍ سوري تمثيلي و مستقلّ للدفاع عن المطالب التي قدّم الشعب السوري من أجلها كلّ ما يعرفه العالم من تضحياتٍ.. الترقيع والصمت عن الخطايا التي حدثت لا يمكن أن يخرجنا من حالتنا المأساوية الراهنة.

يكيتي ميديا: مآلات ما بعد مؤتمر رياض ٢، حيث تمّ انتخابكم نائباً لرئيس هيئة التفاوض، وسارت الأمور في منحىً شبه غامض، هل من الممكن توضيح الأسباب التي أدّت إلى ابتعادكم / استبعادكم من هيئة التفاوض خاصةً وأنتم تمثّلون منصةً لها حضورها في أطر المعارضة ؟

خالد محاميد: أنا مواطنٌ سوري دخل معترك السياسة نجدةً لأهله وشعبه.. وأيّ موقعٍ لي أعتبره مسؤوليةً وتكليفاً أمام الله والوطن. لقد كنت طرفاً حاسماً في انعقاد مؤتمر القاهرة، وشعار المؤتمر كان واضحاً: من أجل الحلّ السياسي. لأنّ قناعتنا كانت ومازالت استحالة “النصر” العسكري لأيّ طرفٍ . لذا ومنذ مؤتمر الرياض كنت حريصاً على حدوث مفاوضات جدية تؤدّي إلى نتائج ملموسة. ولكنّ هذا يتطلّب وفداً كفوءاً وملتزماً وصاحب قرار.ٍ , الوفود كانت تتشكّل على أساس المحاصصة وليس الكفاءات، ومنذ البدء وقع خطأ إرضاء “الحرس القديم” أيّ الائتلاف وعدد من الفصائل التي لم تؤمن يوماً بالحلّ السياسي. في المقابل كان هناك وفد للنظام يحمل إملاءات ولغة حطبية تكسر أيّ مجالٍ للتقدم. لهذا تحرّكت مع عددٍ من الوطنيين من أجل تحقيق ما يمكن في تحجيم المواجهات العسكرية العبثية ونجحنا في ذلك، لم يتحمّل من انحسر دوره في الزيارات الشكلية والمعاشات هذا النشاط خارج الوفد، ولم أعد أشعر بأنّ ثمة جدوى من هذه التشكيلة. أودّ التنبيه أنني ومنذ الرياض واحد كنت بوصفي مستقلاً وليس بوصفي عضواً في أيّ هيكلٍ سياسي أو منصة. وقد انتُخِبت عن المستقلّين نائباً للرئيس.

يكيتي ميديا: لقد حدّدتم موعداً للمؤتمر القادم لمنصة القاهرة…ماذا بخصوص هيكليتها الجديدة؟ وهل سيشارك فيها حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd ؟

خالد محاميد: علمت من الأخوة في مصر ومنصة القاهرة بالعزم على تنظيم مؤتمرٍ جديد، وقد دُعيت لبعض المناقشات التي جرت في هذا الشأن، وعلى حدّ علمي، كان من المقرّر حضور متوازن لمجلس سوريا الديمقراطية الذي يشكّل حزب الاتحاد الديمقراطي القوة الأساسية فيه، ولكن بعد جائحة الكورونا جرى تأجيل أكثر من مؤتمرٍ ولقاءٍ مقرّر للمعارضة السورية، ومن المبكّر الحديث في هذا الموضوع لأنّ ما بعد كورونا ليس كما قبله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى