أخبار - سوريا

حواجز النظام السوري.. «الخوة» للمرور وإلا تأخير أو اعتقال

Yekiti Media

يشتكي العديد من سائقي حافلات نقل الركاب والبضاعة، السلطة والسطوة التي تتمتع بها الحواجز ونقاط التفتيش التابعة للنظام السوري في جنوب سوريا.

أحد سائقي الحافلات الذي يعمل في مؤسسة خاصة لتجارة أثاث المنازل ومواد البناء في درعا، اعتبر في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن موضوع الخوات والإتاوات التي تفرضها الحواجز على الطريق «أمر أشبه بأن يكون قراراً رسمياً، لا سيما إذا ما حاولت الاعتراض أو الرفض على الدفع يتم عندها تأخيرك لساعات، ومن الممكن أن يتم تلفيق أي تهمة قد تودي بالسائق المعترض إلى الاعتقال ومصادرة البضاعة. كما أن تسعيرة الدفع تتماشى مع الحالة الاقتصادية للبلاد، حيث كانت تسعيرة العبور من دون تفتيش وتدقيق وتأخير قبل سنوات بين 500 ليرة سورية و1000 ليرة. فيما اليوم لا تقل التسعيرة عن مبلغ يتراوح بين 3 آلاف ليرة سورية و10 آلاف ليرة للعناصر. وصل مبلغ دفع مقابل عدم تفتيش البضاعة أحياناً إلى مليون ليرة سورية حسب نوعيتها، رغم أن البضاعة تكون مرفقة بأوراق توضح مصدرها وجمركتها ومطابقتها للمواصفات السورية، لكن يتم تحويل البضاعة إلى ساحة التفتيش التي أنشئت بجانب كل حاجز في حال رفض الدفع ليتم إيقاف البضاعة لساعات أو أيام.

ناهيك عن فقدان بعض المواد أو إتلافها خلال عملية التفتيش. وممكن أن يطلب الحاجز أغراضاً لجلبها من دمشق في طريق العودة إلى درعا مثل التبغ وألبسة ومعدات منزلية وكهربائية بحجة عدم قدرتهم على ترك مهامهم العسكرية على الحاجز. وهذا يكون على نفقة السائق».

وأضاف «أن استمرار وجود العديد من الحواجز ونقاط التفتيش خصوصاً على الطرقات الرئيسية بين المحافظات السورية أمر لافت، قد يبرر النظام استمرار وجودها بمخاوف من تهديدات باعتبار هذه المناطق نفضت غبار الحرب منذ سنوات قليلة فقط. لكن هذه الحواجز والنقاط غلب على دورها الأمني والعسكري آخر سلطوي بفرض الإتاوات المالية، التي تسمح بمرور أي شيء ممنوع أو مسموح مقابل المال».

ويقول أحد تجار الخضار في درعا، «منذ بداية دخولك إلى المدن السورية منتقلاً بين الأرياف والمدن، تتضح حالة جديدة باتت أشبه بالمعابر الحدودية الداخلية تفصل بين المناطق والمحافظات وتتمثل بالحواجز ونقاط التفتيش المنتشرة… ولا تستطيع تجاوز هذه المفاصل الأمنية من دون تقديم رشوة مالية إلى عناصر الحاجز الموجودين بهدف التفتيش».

ويضيف: «قد يكون هذا المشهد المتكرر يومياً عادياً وصغيراً؛ لكنه يخفي وراءه هرماً متسلسلاً من الرشاوى والإتاوات، ويوضح حجم هذا الهرم المستفيد من ريع الحواجز التي تتبع أسلوب الفساد التضامني، أي يقسم ريع الحواجز ونقاط التفتيش بين القائمين عليه، حيث يحصل المسؤولون العسكريون على الحصة الأكبر مقابل السماح للعناصر بالاستفادة على الحاجز وقبول وفرض الإتاوات، حتى أطلق على بعض الحواجز مسمى حاجز المليون، أي الحاجز الذي يفرض مسؤولوه على عناصره جمع مليون ليرة سورية خلال فترة يتم الاتفاق عليها بيوم أو اثنين من وسائط النقل أو البضائع المتحركة ذهاباً وإياباً بين المحافظات، أي من المواطنين، سواء كانوا تجاراً أو ركاباً».

وشرح موظف في دائرة حماية المستهلك السورية، أن «تلك الخوات والإتاوات تنعكس بزيادة العبء على المواطنين. فالراكب مثلاً في إحدى وسائل النقل يدفع ضعف الأجرة المحددة مقابل عدم وقوفه لفترات طويلة على الحاجز للمرور، فيما تسعير البضائع المنقولة بحسب تكلفة وصولها إلى تاجر التجزئة مضافاً إليها تكلفة مرورها على الحواجز. وقد تصل المبالغ التي تدفع على الحواجز حتى وصول البضاعة إلى وجهتها من 400 ألف ليرة إلى مليون ليرة سورية وأكثر في معظم الأحيان تبعاً لنوعية البضاعة المنقولة؟ فتسعيرة نقل مواد البناء تختلف عن تسعيرة نقل المواد الغذائية أو الخضراوات».

وتعد تجارة المحروقات وتهريبها من أكبر الأسواق السوداء في سوريا عامة. إذ يشتغل في هذه التجارة ما يقارب 30 في المائة من الشعب السوري. وقام البعض بشراء سيارة نظامية عمومية ليس بهدف العمل أو التنقل، إنما لشراء المشتقات النفطية (مازوت – بنزين) على البطاقة الذكية الخاصة أي بالسعر المدعوم، وبيعها في السوق السوداء والاستفادة من الفارق الكبير للسعر، الذي يصل إلى 5 آلاف ليرة سورية للتر الواحد.

وتأتي في المرتبة الثانية تجارة التبغ وتهريبه. وقد ازدادت أسعاره عشرات المرات خلال السنة الحالية. والمعروف أن المسؤول عن إدخالها أو تجارتها في سوريا هي شخصيات صاحبة نفوذ في السلطة السورية.

مع بداية الأحداث السورية، تشكلت حواجز ونقاط تفتيش تركزت على الطرقات الواصلة بين المحافظات. ويقول ناشطون إن مهمة هذه الحواجز والنقاط كانت تقتصر في البداية على التدقيق وتفتيش المارة، سواء حافلات أو مواطنين، وتمارس عمليات اعتقال لمطلوبين للأجهزة الأمنية، إما بشكل تعسفي بحجة «مشتبه فيه»، أو أن يكون بحق المعتقل مذكرة بحث (أي مطلوب لأحد الأفرع الأمنية)، خصوصاً للذين كانوا من مناطق مناهضة للنظام السوري. لكنها باتت اليوم وسيلة لتحقيق المنفعة للمسؤولين عنها ضباطاً وعناصر، وأصبح فرض الإتاوات والخوات المالية على هذه الحواجز والنقاط من أبرز سماتها، ولكل حاجز ونقطة تفتيش تبعية عسكرية مختلفة عن الأخرى وتسعيرة غير محددة لعبور حافلات نقل الركاب من دون تأخير وتدقيق أو حافلات نقل البضاعة من دون تفتيش يتلفها.

كما أصبحت وسيلة دخل تحقق عوائد مالية كبيرة للقائمين عليها وسط منافسة بين الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق رئيس النظام  السوري بشار الأسد والأجهزة الأمنية للسيطرة الإدارية على هذه الحواجز والنقاط لكسب ريعها، بعد أن تحولت هذه الإتاوات وكأنها وسيلة اقتصاد جديدة تقوم على نفقة الشعب.

aawsat

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى