حوار خاص مع السياسي عبدالباسط سيدا
Yekiti Media
( جريدة يكيتي ) تحاور الكاتب والباحث السياسي الدكتور عبد الباسط سيدا .
السؤال ١: هناك من يعتبر عمل اللجنة الدستورية السورية، موسيقى تصويرية للغاية الحقيقية لكل من النظام السوري و حليفه الروسي وهي شراء الوقت و بلوغ موعد انتخابات الرئاسة السورية في العام القادم…ذلك مع ضعف أو غياب الدور الامريكي والاوربي…
كيف تقيمون عملية التسوية السياسية الدولية حول القضية السورية ؟.
– حتى الآن لاتوجد إرادة دولية حقيقية لمعالجة الموضوع السوري .
الجواب ١ : لم نتلمس منذ البدايات وجود إرادة دولية فاعلة لمعالجة القضية السورية معالجة سببية، تقوم على وضع الحلول المناسبة لجملة المشكلات التي أدت إلى انطلاقة الثورة السورية في آذار/ مارس 2011. هذا ما لاحظناه عند الإعلان عن بيان جنيف1 عام 2012 الذي تحدث عن هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، ولكنها كانت تستوجب توافقات مستحيلة بين النظام والمعارضة. وجميعنا يتذكر الخلاف الأمريكي الروسي حول تفسير البيان وتأويله. ثم جاء مسار جنيف الذي كان بمثابة رفع عتب من جانب المجتمع الدولي لإعطاء انطباع زائف مفاده أن جهوداً تبذل لإيجاد الحل.
وأمام انكماش الدور الأمريكي لأسباب عدة، بدأ الروس بمسار أستانا، واختزلوا كل الموضوع السوري بلجنة دستورية أخذ موضوع تشكيلها وقتا طويلاً، وتسبب في خلافات عميقة في مختلف الاتجاهات بين أجنحة المعارضة المختلفة، هذا رغم معرفة الجميع بعقم الخطوة، وعدم جدواها. فالدستور في بلادنا يبقى مجرد واجهة تزيينة، وتكون الكلمة النافذة لأجهزة السلطة الحاكمة بحكم القوة والتحكّم. الموضوع السوري لم يعد يحظ بكل أسف باهتمام دولي كبير، وإنما بات مجرد ملف من بين ملفات إقليمية ودولية عديدة. حتى الآن لا توجد إرادة دولية حقيقية لمعالجة الموضوع السوري، كل ما هنالك خطوات آنية وقتية، يتم تسويقها والترويج لها وقت اللزوم، ثم يكون الصمت. ما أراه استناداً إلى المعطيات الراهنة هو أن بشار الأسد سيجدد لنفسه بمباركة روسية وإيرانية، وصمت غربي وعربي. ولكن ليس من دون شروط.
السؤال ٢: رغم كل ما يقال في إدانة استبداد النظام، و ابداء الاستعداد لإقامة الدولة المدنية في سوريا، لكن ثمة حرص على الإبقاء على جوانب من إرث النظام، مثل عدم القبول بحيادية الدولة إزاء الدين و القومية، ذلك من قبل من تطلق على نفسها قوى الثورة و المعارضة، التي لطالما طالبت بإحداث القطيعة مع سياسات النظام و ممارساته…كيف تفسرون ذلك؟.
– علينا أن نركز على المشروع الوطني.السوري تضمن حقوق الجميع على قاعدة التشارك العادل في الإدارة والموارد .
الجواب ٢: مشكلات منطقتنا متداخلة وعميقة، والقسم الأكبرمنها هو حصيلة قرون من الحروب والصراعات على المنطقة. ونحن نعيش منذ مائة عام نتائج تطبيق اتفاقيات سايكس بيكو 1916، وتلك المتفرعة عنها. ونحن نعيش في مرحلة باتت فيها القوى الكبرى قادرة بصورة أعمق على التدخل والتحكم بمجتمعات الأطراف إذا صح التعبير. الخلاص الوحيد الذي يمكن أن نعوّل عليه يتمثل في الدولة الوطنية الحيادية دينياً وقوميا وأيديولوجياً. دول تطمئن جميع ابنائها على مستوى الأفراد والجماعات ومن سائر الانتماءات القومية والدينية. ولكن المشكلة أن العديد من الأشخاص والقوى السياسية لم يصلوا بعد إلى هذه القناعة، وما زالوا يعتمدون الأيديولوجيات والعقليات والشعارات التي أثبتت فشلها على مدى قرن كامل في التعامل مع المعطيات الجديدة التي تستوجب عقلية وأفكاراً جديدة.
علينا أن نركز على المشروع الوطني السوري على قاعدة احترام جميع الخصوصيات القومية والدينية والمذهبية، ولكن ضمن إطار دولة مدنية تفصل بين الديني والقومي من جهة، والسياسي من جهة ثانية، وتقوم على مبدأ فصل السلطات، وتضمن حقوق الجميع على قاعدة التشارك العادل في الموارد والإدارة.
السؤال ٣: كثر الحديث حول الحوار بين المجلس الوطني الكردي و حزب الاتحاد الديمقراطي و حلفائه، برعاية أمريكية…
برأيكم ،أي نتيجة تنتظر ذلك الحوار؟.
– المباحثات الكردية هي مجرد تضييع للوقت في انتظار التحولات الإقليميةالقادمة، خاصة بعد الإنتخابات الأمريكية .
الجواب ٣: لا أعتقد أن هذا الحوار سيؤدي إلى نتيجة مفيدة ينتظرها الكرد والسوريون بصورة عامة. هذا الرأي مبني على المتابعة الطويلة لسياسات وممارسات وتحالفات هذا الحزب الذي ما أن دخل إلى سورية منذ عام 1979 حتى بدأ بنسج العلاقات مع الأجهزة السورية المخابراتية، ومن ثم الإيرانية، وربما غيرها. واستغل ورقة القضية الكردية السورية العادلة، واستفاد منها لصلاح ارتباطاته الإقليمية. استنزف موارد الكرد السوريين البشرية والمادية. يتهم سائر المخالفين بأقذع الصفات، علما أنه لم يترك ارتباطاته الأمنية مع أجهزة النظام في يوم ما.
طبعا أتفهم خيارات المجلس الوطني الكردي المحدودة. وأعرف حدود امكانياته، ونوعية الضغوط عليه. ولكن هذه المباحثات هي مجرد تضييع للوقت في انتظار التحولات الإقليمية القادمة، خاصة بعد الانتخابات الأمريكية.
لا يوجد كردي واحد لا يريد وحدة الكرد وتوافقهم، ولكن هذا الحزب تحديدا لم يثبت حتى الآن حرصه على هذه الوحدة، بل كان باستمرار عقبة أمام توافقات الكرد، وحارب رموزهم، وشكك في تاريخهم. قلنا منذ البداية أنه لن يكون هناك حل من دون فك الارتباط بين حزب العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي، ولكن ما نلاحظه هو حرص اضافي لاظهار هذه التبعية، وهناك خطوات استفزازية لعرقلة الحوار، والدفع بالمجلس الوطني الكردي نحو مواقف لا يستطيع الدفاع عنها أمام جمهوره واعضائه.
السؤال٤: كيف ترى آفاق حل القضية الكردية بشكل عادل من خلال القرار الدولي ٢٢٥٤ ؟
– لابد من التواصل مع جميع الأطراف السورية لكسب تأييدها ودعمها .
الجواب ٤: ما هو وارد في قرار مجلس الأمن 2254 تاريخ 2015 حول حقوق المكونات السورية الدينية والعرقية عام، وهو نص حمّال أوجه. ولكن عملية التفصيل والتوضيح ستتوقف على الخطوات التفاوضية اللاحقة التي من المفروض أنها ستجرى بين السوريين حول صيغة النظام السياسي القادم في سورية وشكل الدولة، وغير ذلك من المسائل الأساسية والتفصيلية. وهذا معناه أنه ستكون هناك جولات شاقة من المفاوضات والمناكفات. لذلك لا بد من توافق الكرد أولاً، والاستفادة من الوثائق التي تم التوصل إلى توافقات بشانها مع المعارضة خاصة وثيقة المجلس الوطني السوري حول القضية الكردية، وبيان القاهرة والوثيقة التي تم التوافق عليها بين الائتلاف والمجلس الوطني الكردي. لابد من التواصل مع جميع الأطراف السورية لكسب تأييدها ودعمها، فالكرد السوريون عاشوا وسيعيشون مع السوريين لذلك لابد من التوافق السوري السوري أولاً. الموقف الدولي قد يساعد ولكن الأساس يتمثل في مواقف السوريين وقناعاتهم.