خلاف سعودي مصري حول الأزمة السورية
تتعاون مصر والسعودية عسكريًّا لإعاقة انتزاع الشيعة للسلطة في اليمن، ولكن الاتفاق حول كيفية التعامل مع الصراعات المعقدة في المنطقة من الممكن أن يتوقف على ذلك، فالاختلاف بين البلدين كان واضحًا في القمة العربية حول الأزمات في ليبيا وسوريا تحديدًا. ففي “الحرب الأهلية” في سوريا، تتمسك السعودية بشدة بمطلبها برحيل الرئيس بشار الأسد، ففي خطابه بالقمة المنعقدة في شرم الشيخ أدان ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، من وصفهم بـ“الملطخة أيديهم بالدماء” – في الإشارة لبشار الأسد- مؤكدًا أنه لا يمكن أن يكون جزءًا من الحل، في الحرب التي وصلت الآن لعامها الخامس.
في المقابل، طرح الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه حلًّا سياسيًّا، في الإشارة إلى الحاجة لمواجهة “المنظمات الإرهابية”، وحماية مؤسسات الدولة السورية من الانهيار، وقال إن مصر ستعقد مؤتمرًا تستضيف فيه المعارضة السورية لتوحيد موقفها تجاه المحادثات السياسية.
والخطاب يعكس ما وضعه السيسي في قمة أولوياته منذ أن صعد إلى الحكم السنة الماضية، وهو محاربة المسلحين الإسلاميين. ولقد أكد الخطاب المصري على الحاجة لحماية سوريا وتحصينها في مواجهة الإرهابيين، عن الحاجة لرحيل “الأسد”. بالرغم من تجنب الحكومة المصرية قول ذلك صراحةً.
وقال مسئول حكومي – الجمعة الماضية- لـ”أسوشتدبرش“: “إن الموقف المصري يرتكز على أنه لا بد أن يكون نظام الأسد جزءًا من المفاوضات والمرحلة الانتقالية”.
واستدرك المسئول: “هذا ليس عن شخصيات”، متحدثًا عن حالة من السرية لمناقشة المجهودات الدبلوماسية في هذا الصدد.
الاختلافات بين مصر والسعودية أدت إلى لحظة حرجة، بعدما أخذ السيسي رسالة من الرئيس الروسي فلادمير بوتين، وقرأها بصوت عالٍ في الجلسة الختامية للقمة يوم الأحد. فروسيا داعم رئيسي لـ”الأسد” وتربطها علاقات قوية بـ”السيسي” الذي أعطى بوتين ترحيبًا سخيًا في مصر الشهر الماضي. وقد طرح بوتين في رسالته حلًّا سياسيًّا للحرب السورية، وبعد قراءتها، أخذ وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، الميكروفون وانتقد روسيا في كلمة متلفزة على الهواء مباشرة.
قال “الفيصل”: “(الروس) يتحدثون عن المأساة في سوريا، بينما يتحملون مسئولية كبيرة عن المآسي التي تؤثر على الشعب السوري”. مشيرًا إلى بيع السلاح الروسي إلى دمشق
شكر السيسي سعود الفيصل على ملاحظاته، وفي محاولة واضحة للتخلص من هذا الموقف الحرج، قال إن كل القادة العرب يؤكدون على أنهم يسعون لحل أزمات المنطقة من خلال اتصالاتهم مع اللاعبين الدوليين. وختم السيسي خطابه بالثناء على الآمال الجديدة للمستقبل التي ترتكز على العمل المشترك، وبدأت شرارتها من خلال القمة، التي أكد فيها القادة على خلق قوة عسكرية عربية مشتركة. ولقد أصبحت مصر أقوى داعم لها.
في ليبيا، يريد السيسي تحرك إقليمي لمواجهة القوة المتنامية للمسلحين الإسلاميين، الذين تم قصفهم بالفعل بضربات جوية في مرات عدة السنة الماضية من قبل مصر والإمارات، وفي كلمته الافتتاحية كرر السيسي التحدث عن الحاجة لتصرف في ليبيا. وفي المقابل يكاد ينعدم ذكر الملك السعودي لذلك، في إشارة إلى أولوياتهم المختلفة.
وقال الكاتب المصري عبد الله السيناوي – القريب من الجيش والسيسي- أن نقص الاتفاق بين البلدين قد يعوق من أي تصرف مشترك مستقبليًّا، بما في ذلك القوى العسكرية المشتركة، موضحًا لـ“أسوشتدبرس” أن الجانبين لا يتفقان على “من هو العدو، وكيفية مواجهته، وما هي الأولوية”.
من جانيه، أخبر الأسد – الذي لم يحضر القمة- صحفيين روس – قبل القمة- أن مصر تتفهم الأزمة في سوريا، وأن هناك تعاونًا أمنيًّا محددًا بين البلدين، وقال: “نحن نتمنى أن نرى علاقات سورية مصرية أكثر قربًا”. بعد خطاب الفيصل هاجم مقدم برنامج مصري شهير موقف السعودية، قائلًا إنه: “من العدل أن نقول إن دعم السعودية للمعارضين لـ”الأسد” تسبب في إراقة الدماء في سوريا”.
وتساءل إبراهيم عيسى مستنكرًا: “هل ستظل تكذب علينا وعلى نفسك وعلى العالم؟… نعم هناك ديكتاتور قمعي يقتل شعبه، ولكن المال والنفط الخليجيين من السعودية وقطر أيضًا يقتل الشعب السوري”.
وهو ما أثار ردة فعل غاضبة من الكاتب السعودي الشهير “جمال خاشقجي” الذي قال إن “تجاوزات” عيسى تتطلب تحركًا، وأضاف خلال تدوينة له على “تويتر”: “لو كان الإعلام هناك (في مصر) حرًّا لما قلت ذلك، ولكنه إعلام النظام”.
واشنطن بوست