آراء

خيارات المعارضة السورية للحل السياسي في سوريا

د. عبد الحكيم بشار

حتى اللحظة لم تقدّم المعارضة السياسية السورية مبادراتٍ حقيقيةً وجادةً للحلّ السياسي في سوريا ولم تقم بأعمالٍ مدنيةٍ ضاغطةٌ للتغيير من مسار الحلّ السياسي المتّبع حالياً، وهو الحوار برعاية الأمم المتحدة مع النظام حول اللجنة الدستورية.

انّ الرهان على قبول النظام للحلّ السياسي ضمن المعطيات الحالية يدخل ضمن خانة السذاجة السياسية أو كنتيجةٍ طبيعيةٍ لافتقار المعارضة لأية مبادراتٍ أخرى أو فقدانها في التأثير عاى خلق وقائعَ جديدةٍ على الأرض.

إنّ ما يجري الآن ضمن جولات جنيف حول اللجنة الدستورية هو مجرد لعبةٍ سياسيةٍ لإدارة الأزمة في سوريا، وليس البحث عن حلولٍ لها، والمعارضة وفق ذلك أمام مفترق طرق، أمّا الاستمرار في هذه اللعبة والرهان عليها والركض وراء السراب وبيع الوهم للشعب السوري والخروج منتصرا ؟؟؟!!!

كما تعبّر عنها تصريحات ممثّلي المعارضة في اللجنة الدستورية، ومردٌّ هذا الانتصار حسب زعمهم ووهمهم هو نجاحهم في إحراج النظام أمام المجتمغ الدولي !!!

النظام الذي لم ينحرج من قتل أكثر من نصف مليون سوري بدمٍ باردٍ، وارتكب المجازر الجماعية،واستخدم الأسلحة الكيميائية،وحتى المشافي والمستوصفات و دور العبادة لم تسلم من بطش النظام ولم يرفّ له جفنٌ، لذلك سيكون من السذاجة القولُ :إننا أحرجنا النظام الذي لايهمه سوى كرسي السلطة، ولو على أنهارٍ من دموع ودماء السوريين.

أعتقد أنّ العديد من الخيارات متاحةٌ أمام المعارضة إن تصرّفت بوعيٍ وإدراكٍ على مستوى الحدث السوري ، ويمكن تلخيص هذه الخيارات بمايلي:

الاول :الاستمرار في اللعبة الدستورية واعتبارها لعبةً دولية دون المراهنة عليها، وعدم بيع الوهم للسوريين من خلالها ،وإنما الانخراط فيها نزولاً عند رغبة المجتمع الدولي، واعتبارها مجرد لعبةٍ سياسيةٍ لا أكثر.

الثاني :إعادة ترتيب البيت السوري الداخلي من خلال ثلاث خطوات رئيسية:

١- تطبيق حوكمة رشيدة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بما يضمن قيام نظامٍ محليٍّ أفضل من وضع النظام 2011

وذلك لتقديم نموذج أفضل من نموذج النظام ولإقناع المجتمع السوري أولاً والدولي ثانياً بأنّ المعارضة تشكّل البديل المناسب للنظام الذي ثار عليه الشعب السوري دون تكرار تجربته في انتهاك الحقوق والحريات وكمّ الأفواه والقبضة الأمنية وفرض الأتاوات وغيرها من أشكال الاستبداد تحت حججٍ وذرائع غير مقنعةٍ أبداً.

٢- العودة إلى الحاضنة الشعبية للثورة واعتبارها البوصلة والمرجع في كلّ القرارت والتوجّهات للمعارضة والالتزام الصارم بأهداف ومبادئ الثورة السورية والالتزام بالشفافية الكاملة في كلّ ما تقوم به المعارضة والبحث في الءليات والسبل في كيفية إشراك الحاضنة الثورية السورية بكلّ مسمّياتها في القرارت المصيرية التي تهمّ الشعب السوري ومستقبله.

٣- الوقوف إلى جانب السوريين الذين يرضخون تحت سلطة النظام، ليس بإرادتهم وإنما كأمرٍ واقعٍ مفروضٍ عليها، ووضع برنامجٍ جادٍ للتواصل معهم، ودفعم للثورة ضد النظام ،

من خلال احتجاجاتٍ وعصيانٍ مدني وغيرها من الوسائل النضالية والثورية المدنية، ليتكامل العمل الثوري داخل منطقة سيطرة النطام وخارجها.

إنّ عوامل اندلاع الثورة بموجةٍ جديدةٍ قويةٍ باتت متوفّرةً، نتيجة الفوضى في مناطق سيطرة النظام، واستمرار التنكيل والقتل والجوع ومصادرة الممتلكات ، قد تكون مزلزلة وتضع حداً للنظام ،ولكنها بحاجةٍ إلى مَن يشعل شرارتها، وينسّق عملها وينظّمها.

إنّ الثورة السورية تفتقر حتى الآن إلى قيادةٍ حقيقيةٍ تديرها ،قيادةٍ يلتفّ حولها السوريون بثقةٍ واطمئنانَ،

وحين توفّرِ هذه القيادة (والتي تحتاج إلى بحثٍ خاصٍ حولها) والخطوات المذكورة أعلاه سنكون قد وفّرنا عوامل الانتصار لثورتنا، والانتقال من النظام الاستبداي إلى الديمقراطية التي تضمن الحريات العامة والخاصة، وتحافظ على حقوق السوري وكرامته، وتضمن حقوق كافة المكوّنات السورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى