رؤية في نجاعة الحركة الكوردية في كوردستان سوريا
لا يخفى على كل متابع للشأن الكوردي وطليعته الثورية على وجه الخصوص في كوردستان سوريا مدى عدم قدرة أغلبية التنظيمات الكوردية على مواكبة الأحداث الأخيرة على مدى خمس سنوات سابقة مليئة بالمتغيرات المخيفة والقادرة على إحداث تغيير في ديموغرافية المنطقة وبالأخص منطقة الهلال الخصب الخاصة بالكورد كأرض تاريخية لطالما عاشو عليها على أنغام التعايش والقيم الإنسانية والتي رافقها وللأسف في العصر الحديث من هذا التعايش عدم وفاء من الشعوب المجاورة في إحترام ماسيسجله التاريخ لاحقا . ولأهمية ذلك كله كان لابد من أن يتقدمنا ككورد زمرة طليعية قادرة على فهم الحاضر ومقارنته مع الماضي بما فيه من أحداث لتجنب الوقوع في نفس الخطأ مستفيدة من طبيعة الإرث الوراثي لمجاورينا تجاهنا تاريخيا إلا أننا وكما يبدو كانت التنظيمات الكوردية متأثرة إلى حد كبيربمن ذكرتهم آنفا .
ونظرا للتعقب في درجة مستوى نضال هذه التنظيمات بدءا من خمسينات القرن الماضي وصولا إلى يومنا هذا حيث كان تطويرها ضرورة ملحة لتكون بمستوى الحدث وخاصة في السنوات الخمس المنصرمة واضعين بنصب أعيينهم على الأقل تجارب أخواتهم في التنظيمات الكوردستانية الشقيقة في هذا الصدد كون التجربة متشابهة لحد كبير والعينات فيها كذلك متقاربة ولكن وللأسف بقيت هذه التنظيمات تتراوح في فلك الصراع من أجل البقاء وإختلاق نوع ضار من النضال في كثير من الأحيان ألا وهي الصراعات الحزبية الضيقة كبديل عن نضالهم المفترض في كسب حقوق هذا الشعب المعاني عبر تاريخه بل ولم يضيفوا أي جديد على واقعهم ولم يحسنوا من أدائهم بالمستوى المطلوب وهذا كله إنعكس سلبا بالتالي على قضيتهم الكوردية كقضية أرض وشعب في كوردستان سوريا .
وليس للتبرير وإنما كوقائع لذكر أهم الأسباب التي حالت دونما تطور التنظيمات الكوردية السورية والتي هي كثيرة ومنها القبضة الأمنية التي كانت قد وضعت حدود لمستوى نضالهم ولمطالبهم حتى وأيضا مساهمة السلطات وقتها نسبيا وبشكل منظم في ممارسة سياسة وضع حد ثقافي وإقتصادي للكورد شعبيا ومناطقيا وطبعا من البديهي أن تتأثر هذه التنظيمات بذلك كونها جزء من هذا الشعب وأيضا ومن ناحية أخرى قامت تلك السلطات الحاكمة وعبر أجهزتها المعنية وبشكل غير مباشر في نشر وبث دواعي الإنشقاق فيما بينهم بشكل متزامن منذ نشوئهم وكذلك أصبح هذا الواقع يحلو لبعض القيادات البارزين في تلك التنظيمات والأهم في ذلك كله أن يبقى قائد الضرورة وأن يمنعوا أي محاولة في تطوير تنظيماتهم من قبل بعض الشباب الغيورين في نفس التنظيمات لأن محاولات البعض من الجيل الجديد ببساطة كانت ستشملهم في الإصلاحات وكذلك ومن هذا المنطلق كان التوجه في عدم إفساح المجال لذوي الكفاءات ومنهم الشباب الصاعد في تغيير شيء في هذه القلع العصية ومن ناحية أخرى كانت وللحقيقة للأحزاب الكوردستانية الشقيقة دورا سلبيا في بقاء هذه التنظيمات ضعيفة وذلك بمحاولة تقسيم الساحة السياسية الكوردية السورية لمحاور تابعة لهم أو محاولة التنظيمات نفسها التبعية لهم .
ولعرض الحلول الإسعافية بإعتقادي ولنكون دعاة ومساهمين في محاولة طرح الحلول وليس عرض المشكلة فقط والنظر من جانب واحد فمن الضروري جدا لهذه التنظيمات أن تبدأ وتطور ذاتها لتصبح بالتالي قادرة بعقول عصرية ومهاراتية على مواجهة الآتي ومن هذه الحلول أن تضع التنظيمات نصب أعينها خطورة المرحلة وحتمية وجوب تطوير نفسها من ناحية تهيئة الأرضية وإقناع بعضهم بذلك وبعدها إدخال مشروع إصلاحي في أنظمتهم الداخلية بالطرق الأصولية بعد إشباعها نقاشا وقناعة ولب هذه المشاريع الإصلاحية وبشكل بسيط يمكن أن يكون في وضع شروط وحدود دنيا للكفاءة الواجب توفرها أثناء التسلسل التنطيمي الحزبي في العضو الصاعد حزبيا من خبرة سياسية وكفاءة علمية ومهارات التحدث بلغات أجنبية وبعد نظر وسيرة حسنة خلال فترة خدمته في تنظيمه وكذلك فتح الأبواب على مصراعيها للكفاءات الكوردية ليبدأو بوضع بصماتهم ويطوروا والكف عن سياسة معاداة هذه الكفاءات وكذلك وضع كل جهدهم في إيفاد جيلهم المتعلم إلى الدول المتقدمة إن أمكن طبعا والتشجيع على ذلك وخصوصا فيما يتعلق بإكتساب مهارات العلوم السياسية والروابط الدولية والدبلوماسية ولغات أجنبية تحسبا للمستقبل ليكونوا جيلا يمكن الإعتماد عليهم لاحقا في قيادة سفينة هذا الشعب إلى بر الأمان في أن يكونو حماة لحقوق شعبهم ويمتلكون الدراية الكافية بوعيهم في ضرورة أن تتقبل هذه التنظيمات بعضها وتجمع قواها لتكون فعالة وقادرة على إحداث أي تغيير أو أن تكون بحجم أي تحد .
والأمر المؤسف حقا أن هذه الإتكالية المذكورة ومحدودية قدرات وكفاءات هذه القيادات نسخت من نفسها نسخ في الدول الغربية وأصبحوا أدوات لسند ظهر قياداتهم وصمامات لمنع أي تغيير قريب للواقع الكوردي وتفكيره المتردي تنظيميا وتوجيهيا بل ويتوجهون للقيام بقشور نضالية فيسبوكية محاولين فرض أنفسهم بهذه الأساليب .
وهكذا استمر هذا الواقع المرير طويلا وأقتصر نضال هذه التنظيمات على إحياء ذكريات دورية وبشكل منقسم وإتباع أساليب قديمة جدا في النضال تتناسب مع فترة نشوء هذه التنظيمات في القرن الماضي وبالتالي إنعكس هذا كله على عدم قدرة التنظيمات المذكورة على أن تكون بحجم المتغيرات التي تحدث الآن والتي يفترض أن تساهم في تأمين حقوق هذا الشعب وتنتزعه من المدرسة العدائية للشعب الكوردي بشقيها الموالي والمعارض حاليا في يومنا هذا بل وزادوا إنقساما كسلاح مهترئ في مواجهة التحديات الكبيرة والمفصلية الحالية والقادمة.
نزار موسى