زعيم يساري راديكالي لحزب العمال البريطاني
زارا صالح
فور اعلان نتائج انتخابات حزب العمال البريطاني عن فوز جيريمي كوربن من بين منافسين اربعة لهذا المنصب حتى اصبح هذا الشخص محط اهتمام كافة وسائل الإعلام من تلفزة وصحافة وراديو وتصدرت صور الزعيم الجديد واجهة كبرى الجرائد البريطانية طيلة الايام القليلة الماضية وبات حديث الناس وحتى موضوعاً رئيسياً للنقاش في اغلب وسائل الإعلام ولم يقف الخبر عند هذا فقط، فقد ذهب ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين البريطاني الى دق ناقوس الخطر عندما اعلن بان اختيار اليساري جيريمي زعيماً لحزب العمال يشكل تهديدا للأمن القومي البريطاني.
لكن لماذا كل هذه الضجة حول هذا الزعيم الجديد؟ وماهي خلفية ذلك؟
جيريمي كوربن طيلة سنواته السابقة كعضو في حزب العمال ونظراً لمواقفه المعارضة لسياسات حزبه خاصة الخارجية منها التي بنيت على خلفية توجهه اليساري الماركسي الراديكالي والتي صنفه شعبياً كصديق لجهات تدعي المقاومة مثل حزب الله اللبناني وحركة حماس التي يتهم جيريمي بتعاطفه معهم وكذلك على خلفية مواقفه وايمانه بضرورة الحوار والسلام في اي صراع. لهذا فان حصوله على اصوات الاغلبية في حزبه ودعم النقابات له كانت حتى مفاجأة بالنسبة له وللجميع وهذا ما احدث بمثابة الصدمة للكثير من البريطانيين وضمن العمال انفسهم. فجيريمي كان شخصية في الظل واعتماده حياة بسيطة شكلاً وايمان وركوب الدراجة الهوائية حتى الآن ومظاهر اللبس كل ذلك لم يحدث في حسابات المنافسين الاخرين ليجدوا زعيمهم الجديد ياخذ صدارة اهتمام جميع البريطانيين مؤيدين ومعارضين له.
لعل توجهه اليساري واكثر تشددا من الزعيم السابق اد مليباند جعل له خصوصية قد تؤثر كما يتوقع المراقبون على سياسات حكومة الظل لحزب العمال لكن قد يكون له شعبية ودعم من الفئات الاجتماعية التي تضررت من حكومة ديفيد كاميرون التي تفرض اجراءات تقشفية على حساب البريطانيين من العمال والطبقة الوسطى والباحثين عن العمل وكذلك الحال فان مواقف جيريمي التي تتعلق بالسياسة الخارجية لبريطانيا منذ السابق ابان حرب الخليج واليوم هو يقف على الضد من مشاركة بريطانيا في التحالف الدولي العسكري ضد داعش، لكن في المقابل هو من دعاة استقبال عدد اكبر من اللاجئين السوريين ودعمهم وضرورة بناء بريطانيا لجميع المواطنين والأجانب الذين يعيشون في المملكة المتحدة.
يبقى الزعيم الجديد في مواجهة مرحلة صعبة يعيشها حزب العمال بعد فشلهم لدورتين انتخابيتين وهزائم امام المحافظين وسوف يواجه تحديات في هذا الجانب سيما وان حزب العمال مايزال يبحث عن ظل كاريزمي للزعيم توني بلير الذي قاد نجاحات العمال رغم مشاركته مع بوش الابن الحرب في العراق. وهذا الاختبار الجديد لجيريمي كوربن لن يكون سهلاً في مرحلة يسعى الحزب لانطلاقة لسنوات قادمة قد تمكنه من العودة عبر بوابة الزعيم الجديد ونموذجه الغريب لقيادة بريطانيا مستقبلاً ولن يكون الطريق مفروشا بالورود وهذا ما يدركه جيريمي كوربن ومحك دورته الحالية للنهوض بالحزب وتراكمات فشل براون و مليباند. ترى هل سيتفوق الزعيم الجديد على كل تلك التحديات ام سيكون على خطى اسلافه خاصة وانه متهم في اكثر من موقعة….