من الصحافة العالمية

سكاي.. متسلحا بهدية ترامب الثمينة.. أردوغان يحور الحقائق بسوريا

يكيتي ميديا

اعتبر مراقبون أن التصريحات الأخيرة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشأن سوريا تؤكد مرة أخرى عزم الرجل السير قدما في أحلامه التوسعية، بعد الهدية الثمينة التي تلقاها من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

وبعد أيام على إعلان ترامب عزمه الانسحاب من مناطق سورية واقعة شرقي الفرات، أطل أردوغان، في خطاب ناري من العاصمة التركية أنقرة، ليبرر، وتحت شعارات فضفاضة، أطماعه في سوريا والعراق ويلوح بمزيد من التوسع.

وفي وقت كان الجيش التركي يرسل تعزيزات إضافية إلى الحدود السورية للتوغل شرقي الفرات بالتزامن مع تقدم الفصائل السورية الموالية لأنقرة باتجاه منبج غربي النهر، قال أردوغان، الاثنين، إن “بلاده موجودة في سوريا من أجل إعادة الحرية إلى الأشقاء العرب والأكراد”.

فتنة بين الكرد والعرب

ويبدو أن أردوغان تناسى أن تدخله في سوريا وضرب وحدة المعارضة ساهم في تعميق الأزمة السورية، وأدى توغله في غرب الفرات قبل عامين تقريبا ضد الأكراد، تحت عملية “درع الفرات”، إلى إثارة فتنة بين الكرد والعرب.

وتوغلت القوات التركية، في أغسطس 2016، في شمال سوريا، حيث شنت، إلى جانب فصائل سورية مسلحة موالية لأنقرة، هجمات على مناطق تسيطر عيها قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية.

واحتلت القوات التركية، بعد أشهر من العملية، مناطق واسعة في غرب الفرات، إثر دحرها وحدات حماية الشعب الكردية من معظم المدن والبلدات، لاسيما جرابلس وعفرين، لتدخل المنطقة بعد ذلك في دوامة الانفلات الأمني وسط أعمال انتقامية ضد الأكراد العزل.

الفوضى التركية

إلا أن أردوغان لم يطلع على، أو تجاهل على الأرجح، عشرات التقارير الواردة من هذه المناطق التي تحدثت عن تصاعد عمليات القتل والنهب وسرقة وطرد أكراد من أراضيهم، فها هو يقول، الاثنين، إن عملية درع الفرات “جلبت الأمان لجرابلس وعفرين”.

ورغم نجاح تركيا في تحقيق معظم الأهداف التوسعية لعملية درع الفرات، فإن مدينة منبج، بقيت المنطقة الوحيدة غربي النهر التي لاتزال تحت سيطرة الأكراد، وذلك بسبب الخط الأحمر الذي وضعه الأميركيون ولم يجرؤ يومها التركي على تخطيه.

فالقوات الأميركية تنتشر في منبج إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت رأس الحربة في عمليات واشنطن ضد داعش، ونجحت في تحقيق انتصارات عدة على التنظيم الإرهابي وطرده من مناطق واسعة في الشمال السوري قبل أن تخسرها لصالح القوات التركية.

منبج.. الهدف التركي الأبرز

والخميس الماضي، بات الهدف التركي في احتلال منبج مسألة وقت على أثر إعلان ترامب سحب قواته من شمال سوريا بعد الخطوة الأميركية المفاجئة، التي قال مراقبون إنها جاءت في إطار صفقة كبرى بين أنقرة وواشنطن وشكلت طعنة من البيت الأبيض للأكراد.

وتزامن الإعلان الأميركي مع حفلة غزل بين ترامب وأردوغان الذين كانا حتى الأمس القريب يتبادلان الاتهامات والعقوبات الاقتصادية، قبل انفراجة مفاجئة بيدو أنها ناجمة عن صفقة غامضة كانت أبرز نتائجها إطلاق تركيا للقس الأميركي، أندرو برونسون، وسحب واشنطن قواتها من شمال سوريا، ولن تقف على الأرجح عند هذا الحد.

“سوريا لك”

وعقب إعلان واشنطن الانسحاب من سوريا، كشفت صحيفة واشنطن بوست أن القرار جاء عقب مكالمة هاتفية بين ترامب وأردوغان الذي كان يريد خروج القوات الأميركية لبدء عملية في شرق الفرات، انتهت بإبلاغ الرئيس الأميركي نظيره التركي أن “سوريا لك، أنا سأغادر”.

سيغادر الأميركيون إذا واضعين القوات الكردية، التي تسيطر على نحو 30 بالمئة من سوريا، معظمها في الشرق، بما في ذلك بعض أغنى حقول النفط، بمواجهة تهديد ثلاثي من تركيا والحكومة السورية وتنظيم داعش.

وفي إطار تبريره للقرار، زعم ترامب أنه انتصر على داعش، لكن المقاتلين الأكراد لا يزالون يقاتلون الإرهابين في بلدة حاجين النائية بالقرب من الحدود العراقية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القتال أدى إلى نزوح ما يقرب من ألف مدني، يوم الأحد فقط.

ويبدو أن ترامب أدرك بعد أيام أن تصريحه السابق غير دقيق فداعش لا يزال يمثل تهديدا، فتدارك الأمر بتغريدة أوكل فيها مهم محاربة التنظيم إلى أردوغان نفسه، وذلك حين قال إن الرئيس التركي أبلغه “بقوة أنه سيجتث كل ما تبقى من داعش، وهو الرجل القادر على فعل ذلك”.

شماعة داعش

إلا أن الواقع الميداني يؤكد عكس ذلك، فالأتراك يركزون على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، فقد سارعوا إلى إرسال الفصائل السورية التابعة لأنقرة إلى منبج في حين تحشد قواتهم على الحدود لشن هجوم في شرق الفرات.

وهذا ما أكده وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، اليوم الثلاثاء، حين قال إن تركيا والولايات المتحدة اتفقتا على استكمال اتفاقهما بشأن مدينة منبج السورية، بالتزامن مع استكمال الانسحاب الأميركي من سوريا.

وبموجب خارطة طريق منبج، اتفقت تركيا والولايات المتحدة، دون الرجوع إلى الأكراد على الأرجح، على انسحاب كامل من المدينة لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية وتتهمها بأنهما مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

وعدم انصياع الأكراد لهذا الاتفاق سيعرضهم حتما لهجوم بدأت الفصائل المسلحة المرتبطة بتركيا التحضير له، بإرسال تعزيزات إلى محيط المدينة، في وقت لا تزال قوات سوريا الديمقراطية تواجه داعش، مما يشير إلى أن التنظيم الإرهابي سيستفيد حتما من الهجوم الوشيك.

فقد حققت قوات سوريا الديمقراطية، خلال اليومين الماضيين، تقدماً على حساب التنظيم الإرهابي في آخر جيب يسيطر عليه في شرق البلاد، حيث تخوض حالياً معارك عنيفة في مناطق عدة بينها محيط قريتي الشعفة والسوسة.

وأعرب محللون خلال الأيام الماضية عن خشيتهم من أن يساهم القرار الأميركي في إعادة ترتيب التنظيم لصفوفه، بعد دحره من مناطق واسعة، كما اعتبره البعض “ضوءا أخضر” لتركيا لتنفيذ تهديدها بشن هجوم ضد مناطق قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشمال شرق سوريا.

وحذر مسؤولون أكراد خلال الأيام الماضية من أن أي هجوم تركي سيعني انسحاب مقاتليهم من جبهة القتال الأخيرة ضد التنظيم للدفاع عن مناطقهم شمالاً، وهذا ما سيحدث حتما مع تزايد المؤشرات التي تشير إلى قرب الهجوم التركي الواسع في سوريا.

ويبدو أن أردوغان لن تقف أطماعه عند الحدود السورية بعد هدية ترامب الذي تحول لصديق وها هو يتلقى دعوة لزيارة أنقرة، فقد وصلت إلى شمال العراق، حيث أكد في خطاب يوم الاثنين أنه يعتزم “تطهير سنجار من الإرهابيين”، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد.

ودأبت القوات التركية، منذ سنوات، على شن ضربات في شمال العراق، حث تقول إنها تستهدف المقاتلين الأكراد الذين يستخدمون المناطق النائية والجبلية، ويتخذ أردوغان من تلك الذرائع لإطلاق تهديدات تمس السيادة العراقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى