آراء

سورية وادي الذئاب

صبري حاجي
دخلت الثورة السورية عامها الخامس والأطراف الفاعلة تقوى وتتعظم، والفوضى تتسع والنظام يتنفس بالهواء الربيعي المرطب تتخللها رائحة نرجسية قادمة من وراء البحار والمحيطات بعد هدوء عواصف رعدية تكاد تكون مدمرة من القارة الأمريكية وبحر الشمال الأوربي, ما يزيد من الطين بلة, ترك الساحة مفتوحة والحبل يجره ستيفان ديمستورة من حلب الى دمشق في محاولة فاشلة منه لتجميد مقذوف البركان المتفجر مصحوباً بالغازات السامة القاتلة في واد بهذا الحجم والكبر مكتظاً بالذئاب على اختلاف انواعهم وألوانهم وأنيابهم, لا مثيل له في أرجاء المعمورة قاطبة, والوضع يتجه من السيء الى الأسوأ, بتعدد اللاعبين الأقليميين والدوليين, حيث لكل منه مصالحه الخاصة وأجنداته الآنية والمستقبلية وتوجيه دفة المسار نحو تحقيق ما يصبوا إليه الغايات والأهداف المنشودة والتي لأجلها يخططون ويتحركون ويحرضون ويأتمرون بأدواتهم الداخلية الموقوتة, عبر الإختراق الإستخباراتي في كل حدبِ وصوب .
لاحت في الإفق بوادر لحلول لا تتناسب في مجملها مع الأهداف التي من أجلها انطلقت الثورة السورية التي تحولت الى نار جهنم, أوقدت اجساد أبنائها الذين تطلعوا الى الحرية أسوة بغيرهم من شعوب الربيع العربي أملاً في استرجاع ولو جزء يسير من الكرامة التي سلبت منهم, منذ استلام حزب البعث مقاليد الحكم أثر انقلاب عسكري قامت به مجموعة من الضباط المتأثرين بمنطلقاته النظرية عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستون, أيماناً منهم بوحدة الأمة العربية ورسالتها الخالدة من المحيط الى الخليج, وظل قابعاً على الصدور الى يومنا هذا, يحكم البلاد والبشر بالحديد والنار, فبعد سحب البساط من تحت قدمي رأس النظام في دمشق, وفقدانه الشرعية, عادت الولايات المتحدة الأمريكية وعلى لسان وزير خارجيتها جون كيري بأنها ربما تتعامل مضطرين مع النظام, وحذا حذوه وزير الخارجية الألماني, وظهور البرلمانيين الفرنسيين والبلجيكيين في دمشق, لإعادة البساط الى نظام تجاوز كل الخطوط الحمر للنيل من شعبه, فقتل أكثر من ربع مليون شخص معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء العزل, وشرد وهجر الملايين, ودمر ويدمر البلد فوق رؤوسهم بالبراميل المتفجرة, واستخدامه للأسلحة الكيميائية الفتاكة المحرمة دولياً في أكثر من مكان بالمجاملة والإبتسامة اللطيفة.
فهل يعقل ذلك بعد كل ما فعل وما قام ويقوم به من أفعال وتصرفات شائنة وشنيعة لا يليق خاصة ونحن في القرن الحادي والعشرين, والعالم بات يعيش في قرية, ووسائل الإتصال والنقل المرئية والمسموعة والأنترنيت بأحدث التقنيات في كل بيت وكل شارع من شوارع المدن, زمن الحداثة والعولمة, ان يظهر كأحد أبرز لاعبي كرة القدم في الهجوم والوسط بمنحه توزيع الأدوار بين مهاجمي الأطراف في الملعب؟, ولكن يبدوا ان يد الشركات العالمية العملاقة التي لا حدود لها قد اطلقت من جديد للإحتكار والإستغلال لجمع أكبر قدر من رأسمال وبآية طريقة دون أي إعتبار للمبادئ والقيم النبيلة باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرهما من الأفكار والشعارات البراقة التي هي في حقيقة الأمر وجدت لخدمة وقضايا ومصالح دول اصحاب المراكز والنفوذ وقرارات ذات الشأن وتمتلك مفاتيح الحل والحرب والسلم كيفما شاؤوا وكيفما رأوا حفاظاً على أمنهم القومي تحت يافطة القضاء على الإرهاب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى