شعار ” القرار الكوردي السوري المستقل ” ذكرني بـ شعار ” مبدأ حق تقرير المصير “
شاهين أحمد
ما يجري اليوم من تعامل مع من يطرح شعار أو مبدأ ” القرار الكوردي السوري المستقل ” ، وضرورة الانطلاق في طرح المشاريع المتعلقة بالوجود الكوردي في كوردستان سوريا وكذلك حقوق الشعب الكوردي في هذا الجزء من الواقع والخصوصية الكوردية السورية.والهجمة على كل من يطرح هذا الشعار – المبدأ يذكرني بما جرى معنا في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي ( العشرين ) حيث كنت آنذاك طالباً في السنة الجامعية الأولى، استأجرنا شقة في حلب – بستان الباشا .
وكان حزبنا ” الاتحاد الشعبي الكوردي ” قد أقر في مؤتمره السادس المنعقد في خريف العام نفسه 1987 وثيقة ” الشعب الكوردي في سوريا ومبدأ حق تقرير المصير “، ذلك الشعار – المبدأ الذي تعرض على أثره العديد من قيادات الحزب للاعتقال والملاحقة والتعذيب على يد الأجهزة الأمنية لنظام البعث. وكنا نعتبر ذلك أمر متوقعاً من تلك الأجهزة لكن المفارقة المحزنة – المضحكة أن منتسبي (غالبية ) أحزاب حركتنا التحررية الكوردية في سوريا كانت مواقفها من المبدأ وتعاملها مع الوثيقة تشكل مشكلة وضغطا لاتقل سوءاً وسلبية من ضغوطات استخبارات النظام . حيث كنا وبشكل شبه يومي نسهر ونتناقش في هذا الموضوع مع هؤلاء الاخوة ، ولا يخلو الأمر من المشاحنات والملاسنات .
وأتذكر قلت مرةً لأحد هؤلاء وهو حي يرزق وموجود خارج الوطن، هل أنت كوردي؟ ، استغرب من سؤالي وقال : وهل تشك في كورديتي؟ قلت نعم، أشك في ذلك، قال كيف؟ قلت : يازلمة هذا الشعار باختصار هو تعريف لوجودك وجودنا بأننا كـ كورد سوريا لسنا جالية مهاجرة مثل المكون الأرمني في سوريا ” مع جل احترامي وتقديري لهذا المكون الكريم والمسالم “. الشعب الكوردي بقي مع جزء عزيز من وطنه داخل الحدود الإدارية – السياسية للدولة السورية الحديثة بنتيجة الاتفاقيات الدولية بين المنتصرين في الحرب العالمية الأولى مثل سايكس – بيكو لعام ١٩١٦ ولوزان لعام ١٩٢٣ ، ورغما عن إرادة شعبنا وبقية مكونات الشعب السوري.
ثم لماذا تتهجون علينا ونحن ندافع عن وجودكم وحقوقكم؟!. يا أخي الغرض من هذا الشعار بأن قضيتك في سوريا هي قضية ” شعب يعيش على أرضه ” وبالتالي يحق لك ما يحق لأي شعب كان ووفق العهود والمواثيق الدولية. واليوم و ” بكل أسف ” تتكرر تلك ” المفارقة ” مع شرائح مشابهة من اخوتنا الكورد السوريين في مايتعلق بشعار – مبدأ القرار الكوردي السوري المستقل والخصوصية الكوردية السورية. حيث نرى هؤلاء (الاخوة) يتهجمون على هذا الشعار – المبدأ الذي يتعلق بوجودهم وحقوقهم وكرامتهم بنفس العبارات وبنفس الاسلوب، من إطلاق التهم وربط أصحاب هذا الطرح الجريء – النبيل بجهات معادية !!.
ومن الأهمية هنا التذكير بما قاله الرئيس ” مسعود البارزاني ” في الـ 9 من نيسان 2014 عند استقباله لنا ” أعضاء اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا ” المنبثق عن المؤتمر التوحيدي لأحزاب الاتحاد السياسي الذي عقد في هولير عاصمة اقليم كوردستان في الـ 3 و 4 و 5 من نيسان ٢٠١٤ ، وكذلك في كل لقاءاته مع قيادة الحزب الذي ( كنت ) في لجنته المركزية حتى انعقاد المؤتمر الإشكالي تحضيراً وحضوراً ومخرجات والذي انعقد في العاشر من حزيران 2023، وكان بمثابة الإعلان عن انتهاء تلك التجربة الوحدوية ( لسنا بصدد شرح تفاصيلها ).
حيث كان سيادته يكرر دائماً ويؤكد موجهاً كلامه لنا بأن وضعكم ككورد سوريا يختلف عن وضعنا ككورد العراق، وهناك واقع مختلف وحدود دولية وقرارات أممية، وبالتالي أتمنى أن تتوحدوا وتشكلوا مرجعية، والقرار هو قراركم، واعملوا مايناسبكم وأنا معكم، وكونوا حيث مصلحة شعبكم في ذاك الجزء العزيز من كوردستان . هل هناك كلام أوضح من هذا ؟. بمعنى أن كورد سوريا أدرى بشعاب جزئهم وبمصالحهم .
ومن الأهمية أيضاً التأكيد بأن العلاقات الكوردستانية مع الأشقاء في كافة أجزاء كوردستان هي علاقات مشروعة وجزء من برامج التعبيرات التنظيمية – السياسية الكوردية ، وهي ضرورية ، لكن العلاقات شيء والتابعية المطلقة شيء آخر تماماً ، لأن لكل جزء تعبيراته وخصوصياته وظروفه وبالتالي برامجه التي تتناسب مع واقعه وطبيعة الأنظمة التي تحكمه، وعلاقات تلك الأنظمة وشكل تلك الدول وظروفها الموضوعية …إلخ.
وما نحن نعاني منه هو التابعية المطلقة وهذا لا يشكل خطراً على قضية الشعب الكوردي في سوريا فحسب، بل على هؤلاء الأشقاء أنفسهم . لذلك يجب أن تكون العلاقات الأخوية واضحة ووفق أسس الاحترام المتبادل والتكافئ وعلى قاعدة المصالح المتبادلة بين الأحزاب الكوردستانية جميعها، سواءً داخل كل جزء أو بين الأجزاء. ومن جهة أخرى لا أحد يستطيع المزاودة على كورد سوريا وتضحياتهم تجاه أشقائهم . إذاً المطلوب هو التعامل الأخوي وبما يحفظ كرامة الكل وليس وفق علاقة السيد و العبد .
لكن وبكل أسف مايجري اليوم يشبه إلى حدٍ بعيد مع ما كان يجري مع السيدة ” هاريت تابمان ” تلك السيدة الأمريكية السمراء التي آمنت بحمل قضية تحرير العبيد وربطت نجاحها بتحريرهم من الخوف والجهل، وعبرت عن ذلك بمقولتها الشهيرة ” لقد حررت العديد من العبيد ، وكان بإمكاني تحرير آخرين كثيرين لو أنهم عرفوا فقط أنهم عبيد “.
وعندما تم طرح السؤال التالي عليها : ماهي أصعب خطوة واجهتك ؟ . فكان جوابها : “أن أقنع إنساناً أنه ليس عبداً “.
ويبقى السؤال :
ماهي الإمكانات والخيارات الواقعية المتاحة أمام الحراك الحزبي الكوردي في سوريا بتركيبته الحالية وبمختلف منصاته ومكوناته لإستعادة القرار الكوردي المستقل – نسبياً – عن الأجندات العابرة للحدود الوطنية السورية ،و خارج الإملاءات المفروضة من جانب المتدخلين في شأنه ( الحراك) مع الأخذ بعين الاعتبار قلق وردة الفعل المتوقعة من مختلف الأطراف المتضررة من مثل هذا القرار؟.
يتبع …..