صحافة

صدور العدد الجديد من جريدة يكيتي “218” باللغتين الكرُدية والعربية

صدر العدد الجديد من جريدة يكيتي “218” باللغتين الكرُدية والعربية
الملف الكامل للجريدة العدد 218
العدد 218 من جريدة يكيتي باللغتين العربية والكردية
افتتاحية العدد:
الاتفاق التركي – الأمريكي ..  أسباب و دوافع
إن التحالف الاستراتيجي بين واشنطن وأنقرة، وانتماءهما إلى حلف الأطلسي، ومستوى علاقاتهما الاقتصادية والسياسية، لم يمنع من نشوب خلاف بينهما حول الأوضاع في سوريا، فقد بدأ الخلاف إثر مطالبة تركيا بتطبيق النموذج الليبي في سوريا، أي فرض حظر جوي على سوريا يمنح أنقرة فرصة إقامة منطقة عازلة لإيواء اللاجئين السوريين الهاربين من العنف الممارس في بلادهم ، الأمر الذي اصطدم برفض أميركي، لأسباب ترتبط بسياسة أوباما القائمة على التسوية ، وخشيته من ردود الأفعال الإقليمية على الدور التركي، وتأثيراتها على المفاوضات مع إيران ، إضافة إلى الاختلاف حول ماهية التغيير المنشود في سوريا، حيث تـطالب أنقرة بإزالة النظام بكل مرتكزاته، بينما تسعى واشنـطن إلى الإتيان ببديل مزيج من النظام والمعارضة ،يمكنه حماية الدولة والحفاظ على وحدة البلاد ومحاربة الإرهاب،  و التباين في الموقف من تنظيم داعش، حيث تأخذ مواجهته الأولوية لدى واشنطن، بينما ترى أنقرة الأولوية في إسقاط نظام الأسد، وعليه رفضت تركيا الانضمام إلى التحالف الدولي، ورفضت استخدام قاعدة إنجرلك في الحرب على داعش، و رمت الكرة إلى ملعب دول الغرب ، مطالبة إياها بمنع مواطنيها المشكوك في انتمائهم الإسلاموي المتشدد من السفر إلى تركيا، قبل اتهامها بغض النظر عن «داعش» و عدم بذل جهود كافية لمنع مرور الجهاديين عبر أراضيها.
والخلاف الأهم هو الخلاف في الموقف من حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، فأمريكا لا تمانع في تسليحه والاعتماد عليه، لامتلاكه قوات مستعدة لخوض الحرب على «داعش»، أما تركيا فإن موقفها يتمثل في القبول المشروط في تعاملها مع PYD وهو العمل في إطار المعارضة السورية  .
لقد جاء تحالف الولايات المتحدة مع الاتحاد الديمقراطي الحليف لحزب العمال الكردستاني بمثابة  ضغط على تركيا من أجل إدخالها التحالف الدولي. لأن طائراتها تقلع من الخليج العربي والبحر المتوسط، وهذا ما يقلل فاعلية الضربات الجوية ، ويجعلها أكثر كلفة.
السؤال الذي يطرح نفسه هو ، ما الجديد الذي دفع تركيا للتحرّك لرأب الصدع مع واشنطن و التقارب مع سياستها حول الحرب ضد داعش ، لتبدأ بالمشاركة في توجيه ضربات جوية ضد مواقعه في شمال سوريا، وتوافق على فتح قاعدتي أنجرليك وديار بكر أمام قوات التحالف الدولي، وتعتقل المئات من عناصر داعش ، وتغلق الحدود أمام الإسلامويين الغربيين، الذين يريدون الالتحاق بالجماعات المتشددة في سورية والعراق.
يمكن ربط هذا التغيير الجديد بالتفجير الذي حصل في سروج، و راحت ضحيّته أكثر من ثلاثين مواطناً ، وتبناه تنظيم داعش ، ليبدو الحدث بمثابة إنذار يحذّر حكومة أردوغان من خطر التعامل مع تنظيمات متطرفة ، جاهزة للانقلاب على حلفائها عند اللزوم ، كما حدث مع حكومة باكستان لدى تعاملها مع طالبان أفغانستان .
و يرتبط التبدل المذكور كذلك بنتائج الانتخابات البرلمانية التركية، سواء من حيث تدني أصوات حزب العدالة والتنمية، أو من حيث النجاح الذي حققه حزب الشعوب الديمقراطي HDP في الانتخابات ، وهو أمر يقلق النخبة التركية ، وقد يوحّد مواقفها في التصدّي ( لخطر) تصاعد المشاعر القومية بين كرد تركيا، تأثراً بارتفاع شعبيتهم والرضا الأميركي عنهم ، بعد قبول أمريكا التحالف مع أقرانهم في  PYD.
و يعود الموقف التركي الجديد كذلك إلى توقيع الاتفاق النووي بين الدول الخمسة زائدا واحد وإيران، حيث بدأت الخشية من الاعتماد على وزن طهران بعد الاتفاق، في معالجة ملفات المنطقة انطلاقا من امتيازاتها في سورية والعراق ولبنان واليمن، الأمر الذي يقلل الحاجة إلى تركيا وربما إخراجها من المعادلة خاسرة، ذلك رغم الترحيب التركي بتوقيع الاتفاق النووي لتنمية التجارة بين البلدين، وعليه فإن إحدى نتائج الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي هي إقدام كل من أمريكا وتركيا على تفاهم ثنائي موازي للتفاهم الثنائي الأمريكي الإيراني يؤكد على استمرار التحالف التاريخي بين الدولتين .
لا يمكن تجاهل تتابع الأحداث والتحركات بعد اتفاق دول الـ 5+1 مع إيران، والتي تمثلت في دخول تركيا في حرب ضد تنظيم داعش وضد «حزب العمال الكردستاني» في الوقت نفسه، وقبولها فتح قاعدة «انجرليك» في جنوب تركيا لطائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وفى مقابل هذه الخطوة، فإن تركيا انتزعت الموافقة على إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، (بطول مئة كيلومتر) لإيواء معارضي نظام الأسد، إضافة إلى أن جهدا قد برز نحو السلام في المنطقة. إذ شهدنا تحركات سعودية وروسية وأميركية عدة، وجاءت الإشارة الأولى حين زار الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي روسيا، واجتماعه مع الرئيس بوتين في بطرسبرغ في شهر حزيران الماضي، ثم جاء عقد اجتماع في الدوحة لوزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والسعودية، ورتب اجتماع آخر في موسكو لوزير الخارجية السعودي مع نظيره الروسي في الوقت ذاته، ثم زيارة علي مملوك رئيس المخابرات السورية المفاجئة للرياض، وزيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لسلطنة عُمان،. كذلك زيارة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني لموسكو.
و السؤال الآخر ماذا قدمت أميركا مقابل  تغيير الموقف التركي؟ وهل يمكن أن نعتبر غضّ نظر واشنطن عن الحملة التي تقوم بها أنقرة ضد PKK على أنه و «داعش» من طينة واحدة ؟ أم يتعلق الأمر بمنح أنقرة ضوءاً أخضر لعمليات عسكرية تطال أنصارPKK في جبال قنديل ؟! أم غضّ النظر عن إقامة جزر أمنية مؤقتة غرضها تشديد الحصار على «داعش» وقوات الحماية الشعبية على حد سواء.
أن حكومة أردوغان شعرت، بأن مأزقها سيزداد حدة طالما تهادن «داعش»، والمخرج هو تعديل سياساتها نحو التعاون مع التحالف الدولي ،، وللحفاظ على نفوذها الإقليمي وتجنب صدام محتمل بينها وبين الجيش ، الأمر الذي سيضعف شعبيّتها بينما تتّجه البلاد نحو انتخابات عامة مبكرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى