آراء

ضرورة التغيير في الإسترتيجية الكردية

مروان سليمان
أيام استثنائية في التاريخ الحسكاوي، تضيق الشوارع بالناس الذين خرجوا من بيوتهم تاركين كل شئ خلفهم هرباً من المسرحيات التي تقام بين الفينة و الأخرى بين قوى لا تعرف إلا مصالحها الآنية و قوى النظام التي تربي الإرهاب و تدعمه و في نفس الوقت تدعي أنها تحاربه و من أجل ذلك خرج الطوفان البشري ليس في مسيرة ضد الظلم أو رفضاً لحكم الفرد و عبادته و إنما لكي ينفذوا بجلودهم و أولادهم من نيران الذين يدعون التحرير و يصفون أنفسهم بالديمقراطيين، نعم أنها منتهى التناقض و الإزدواجية لا بل قمة الإنفصام العقلي و النفسي أن نكون خارج الواقع فكرياً و نعيشه على أرض الواقع عملياً و لكن بدون أن نتعظ مما حصل و يحصل، نستطيع أن نصدق كل شئ إلا محاربة الإرهاب، لأن الإرهاب لا يحارب نفسه أو صانعيه.
يبدو أن الشعب السوري بمجمله أصبح مثل قطيع من الحمل يسير إلى جانب قطيع من الذئاب المتوحشة و التي تهاجمه بين الحين و الآخر عندما يقتنص الفرصة المجانية له أينما كان، نعم إنها الفرصة المجانية التي توفرها أصحاب الضمائر الميتة التي تريد القضاء على الشعب و الحفاظ على أتباع الأنظمة و ملحقاتهم فقط و لذلك فإن خطط التهجير تسير جنباً إلى جنب خطط توطين الآخرين بالإضافة إلى الضغوطات المعيشية و الحركة و الإعتقالات العشوائية على الحواجز المنتشرة و المناوشات المفتعلة هنا و هناك.
فكما خرج الإرهاب علينا بلباس ديني و تحت راية الإسلام و الأحاديث و تفسيرها حسب أهواء المجموعات الإرهابية و التي تعمل ضد الإنسانية جمعاء و التناقض ما بين خطابهم وأعمالهم، كذلك قد يخرج علينا نفس الإرهاب و أن كانت بوطأة أخف و لكن بلباس قومي و طائفي و مذهبي و تحت مسميات حقوق الشعب و الحرية و المساواة و العدالة و التحرير يكون الهدف منها استقطاب أكبر قدر ممكن من الناس الذين يمكن خداعهم ليكونوا وقوداً في حروبهم مع الآخرين خدمة لمصالح الأنظمة و الحكومات و إرضائها في سبيل كسب بعض المكاسب الشخصية و الذاتية و إن كان على حساب دماء الأطفال و الثكالى و الأيتام.
يجب علينا أن لا ندع الإرهاب لكي يأخذنا إلى مواقع غير مواقعنا أو معارك ليست معاركنا و بعيدة كل البعد عن المصالح القومية لكي تخدم أجندة أنظمة ديكتاتورية أو شوفينية أو عنصرية أو حتى جماعات إرهابية هدفها طمس معالم الشعوب و جرهم نحو الطريق الخاطئ تلبية لمصالح الآخرين الذين يقتاتون من موائد الأنظمة و بلاطهم، و نحن الكرد ليس لنا فيها ناقة أو جمل، فهل كتب علينا أن نضحي بأنفسنا و أولادنا لكي نحمي أعدائنا؟، أم أن السياسات الغير الواقعية التي تمارسها بعض الأطراف قد فرضت على الشعب الكردي بدون أن يكون مشاركاً في القرار؟.
إذاً منطق الحرب هو السائد و من المفروض أن نحافظ على نواة منطقتنا من الدمار و الخراب لا أن نجلبه لأنفسنا و نختار الولاء لأنفسنا كشعب بدلاً من التبعية للآخرين و نحتفظ بسمات الوحدة و التجمع بالإستناد على سياسة أمننا القومي و هذا يعني بأن الجزء بحاجة إلى الكل أي أن كل الجهات و الأحزاب بحاجة إلى الشعب الذي هو المرجع الأساسي في عملية التغييرو لذلك يجب عدم مصادرة الرأي و الفكر الحر و أهمية الحوار مع بعضنا للحفاظ على شعبنا و أرضنا لكي نكسب ثقة العالم في الدخول في لعبة التحالفات الدولية سواء السياسية أو العسكرية منها، كما يتطلب الوضع أن تكون استراتيجيتنا واضحة المعالم نحدد فيها الحقوق الثابتة و العادلة للشعب الكردي أولاً بهدف بناء وطن يتسع للجميع و إحترام للقانون ثانياً.
24.01.2015

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى