طريق الصحراء الذي يسلكونه مدنيين من مدينة الرقة هرباً من داعش
يكيتي ميديا – Yekiti media
حين رأت سعدى العبود مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” يستقدمون تعزيزات وأسلحة إلى قريتها الصغيرة شمال مدينة الرقة، سارعت مع أطفالها إلى الفرار، خشية من أن يستخدمهم التنظيم دروعاً بشرية مع تقدم قوات “سوريا الديمقراطية” نحو المنطقة.
وتقول سعدى (45 عاماً) لوكالة “فرانس برس” أنه بعد فرارها بلباسها الأسود من دون أن تتمكن من حمل شيئاً معها، من قرية الهيشة، أحضر عناصر من تنظيم الدولة القذائف وتمركزوا في قريتنا حتى يستهدفنا الطيران ويقتلنا”.
وتضيف السيدة التي خطت وشماً تقليدياً على ذقنها “لم يعودوا يسمحون لنا بالمغادرة، لكننا هربنا وصرنا نركض في العراء، لا سيما الأطفال والنساء”.
وتقع قرية الهيشة التي يسيطر عليها “تنظيم الدولة” على بعد أربعين كيلومتراً شمال مدينة الرقة ونحو 13 كيلومتراً جنوب شرق مدينة عين عيسى التي تعتبر إحدى النقاط التي انطلقت منها قوات “سوريا الديمقراطية”.
ودفع تقدم “سوريا الديمقراطية” التي أعلنت السبت بدء معركة لطرد “تنظيم الدولة” من الرقة، أبرز معاقل التنظيم في سورية، العشرات من المدنيين إلى الفرار من مناطق سيطرة هؤلاء، خوفاً من اشتداد حدة المعارك واتخاذهم كدروع بشرية.
وتقول سعدى لدى وصولها إلى أطراف عين عيسى بانفعال “ماذا بإمكاننا أن نفعل؟ تركنا كل شيء خلفنا ومشينا”.
في طريق صحراوية تؤدي إلى عين عيسى، أحصى مراسل “فرانس برس” مرور نحو عشرين شاحنة على الأقل ضاقت بركابها من أطفال ونساء يرتدون ثيابا مزركشة الألوان ووجوههم مغطاة بالغبار.
وكان بعضهم، لا سيما الصغار منهم، يرفعون شارات النصر، وهم بالكاد يجدون مكاناً للوقوف وسط الحقائب والأكياس والبطانيات وحتى الأغنام التي احضروها معهم.
واستخدم آخرون وتحديداً الشباب، الدراجات النارية للفرار. واستقل إحداها رجلان يتوسطهما خروف.
وقبل كيلومترات عدة من مدينة عين عيسى، تتوقف الشاحنات أمام نقطة أمنية تابعة لقوات “سوريا الديموقراطية”. ويخضع عناصر الحاجز الواصلين وأغراضهم لعمليات تفتيش دقيقة، خشية من تسلل جهاديين في صفوفهم.
ويعمل أحد المقاتلين بلباسه العسكري على توزيع مشروبات باردة على النازحين.
ويروي راعي غنم فر مع أغنامه، ورفض الكشف عن اسمه خشية على أقربائه، كيف تمكن من الفرار من قريته التي يسيطر عليها “تنظيم الدولة”.
ويقول “خفنا كثيراً حين بدأت الاشتباكات، هربنا في بادئ الأمر إلى البرية مع أغنامنا، ومنها إلى هنا” قبل أن يضيف “الكثير من أهالينا عالقون هناك”.
وتقر وزيرة الجلي (34 عاما) بالخوف الذي شعرت به مع اقتراب المعارك من قرية الطويلعة التي تتحدر منها.
وتوضح أنه مع بدء الهجوم “خفنا من الطيران ومن الدواعش” في آن معاً. لكن مع بدء الغارات “رمينا البرقع وقلنا الله يخلصنا منهم”، في إشارة إلى التنظيم.
ويعرب الرجل الأربعيني محمد محمود اسماعيل عن سعادته للفرار من قرية الحدريات في ريف عين عيسى. ويقول وهو يجلس خلف ابنه على دراجة نارية “الحمد لله تحررنا. كان الوضع سيئاً”.
ويضيف “إذا حلقت ذقنك، عليك أن تدفع ثلاثين ألف ليرة (60 دولارا) كغرامة ويسجنونك ويأخذون هويتك ولا يعيدونها إليك قبل أن تخضع لدورة شرعية”.
ويطبق الجهاديون أحكامهم الخاصة على المناطق التي يسيطرون عليها، ويلزمون النساء بارتداء البرقع و يمنعون الرجال من حلق ذقونهم تحت طائلة غرامات باهظة. ويطبقون عقوبات قاسية على كل من يخالف أحكامها.
وعلى وقع تصفيق أطفال يستقلون شاحنة ودوي قهقهاتهم عالياً، يقول أحمد ياسين (خمسيني) بينما يقود شاحنة بيك آب صغيرة بابتسامة عريضة “اليوم عيد علينا”، قبل أن تقاطعه راكبة بقربه تحمل رضيعاً بالقول “من شدة فرحنا نريد أن نبكي”.
وفي حين تعرب هيزا العطية عن شعورها بالأمان بعد وصولها مع أفراد من أسرتها إلى عين عيسى، إلا أن فرحة هذه السيدة الستينية بتدخين السجائر في الهواء الطلق لا يضاهيها شيء.
وكالات