عبدي نعسان محطة نضالية وثورية
في ذكراه السادسة والثلاثين
نجم الدين كياض
…………….
في كلّ سنةٍ لنا موعدٌ مع ذكرى رحيل المناضل الشاب والثوري الذي اغتالته يد الغدر والخيانة الصيدلاني عبدي نعسان ، هذا المناضل الثوري الذي درس في أنقرة وتخرّج منها، إلى أن يعود إلى وطنه وأهله ليمارس عمله في خدمة الإنسان والإنسانية.
كما وعاد بمواقف وروح نضالية ثورية. ليكرّس حياته في خدمة شعبه . الى أن انخرط في العمل السياسي واليسار الكُردي ،ليصبح في فترة قصيرة شخصية ذات شأنٍ بين أبناء شعبه.
وبدأ الحديث يُتداول بين الناس بما يحمل هذا الشخص من صفات المناضل الثوري ،مستنداً في نضاله السياسي والفكري والثقافي على اليسار الثوري، داعياً المجتمع وخاصةً المتعلمين منه التسلح بالعلم والمثقفين والسياسيين إلى التسلح بالفكر اليساري الثوري دفاعاً عن القضية القومية ضد طغاة العصر والتيار الرجعي و الشوفيني العربي ، وعلى رأسهم حزب البعث العربي العفلقي الحاكم في سوريا ، لرفع الظلم عن شعبه. ومنها القوانين الاستثنائية الجائرة المطبّقة بحق أبناء شعبه ( الإحصاء والحزام العربي).
وقد تحوّل هذا المناضل إلى رمزٍ ثوري في دفاعه عن الطبقة العاملة والكادحة والشعوب المضطهدة.
ودعا إلى تحرره من قبضة الطبقة البرجوازية. متخذاً من رموز قادة الثورات العمالية في العالم( هوشي مين وتشي غيفارا ولينين … الخ) قدوة في تحرر الطبقة العاملة ، ومتخذاً الثورات الكُردستانية ورموزها أمثال ( قاضي محمد والشيخ سعيد البيراني ومحمود الحفيد و ملا مصطفى البرزاني.. الخ ) منهلاً وقدوة في تحرر الشعب الكُردي. تحت شعار( يا عمال العالم ويا ايتها الشعوب المضطهدة إتحدوا) .
كما ودعا في كلّ مناسبة إلى توحيد خطاب الحركة التحررية الكُردية آنذاك، والتنسيق مع المعارضة الوطنية المتمثّلة ببعض الأحزاب العربية الوطنية والشيوعية آنذاك لمواجهة النزعة الشوفينية الحاكمة التي حوّلت البلد إلى مزرعة لآل بيت الأسد الحاكم.
في الجانب الآخر وجد النظام وأفرعه الأمنية بأنّ هذا يشكّل خطراً على أمن الدولة، لهذا تحرّك وبالتنسيق مع التيار المعادي للقضية الكُردية في تصفية هذا الشخص، إلى أن وجد ضالته في النزعة العشائرية وبعض المتعاونين من الشخصيات العشائرية ذات النفوس الضعيفة معها لحبكة خيوط المؤامرة آنذاك. ولما يشكّل هذا الشخص وتحركه بهذه العنفوانية من خطرٍ على أمن الدولة ومصالح الفئة الضالة من العقلية العشائرية العفنة والطبقة البرجوازية ، وقاموا بتصفيته تحت اسم العشائرية الثأرية.
أقول الذين حبكوا خيوط المؤامرة في تصفية عبدي نعسان هم نفسهم الذين حبكوا في تصفية محمد معشوق الخزنوي ومشعل تمو ونصرالدين برهك.
بهذا استطاع النظام تصفية كلّ مَن يعادي سياسته بأيادٍ كُردية، و لازال النظام مستمراً في قتل الشعب السوري.
أولاً : التخلص من شخص كرّس حياته خدمةً للقضية والإنسان.
وثانيا : استطاع أن يفرّق بين أفراد المجتمع الواحد من خلال النزعة العشائرية والصراع بين الحركة الكُردية ليسهل لنفسه في اللعبة على وتر الصراعات بينهم. واستخدام العصا والجزرة وسياسة فرّقْ تسُد.
إنّ استشهاد المناضل عبدي نعسان في 11/5/1985 على يد أزلام النظام وأدواته قد شكّل خنجراً في خاصرة الحركة الكُردية آنذاك.
بالرغم من مرور ستة وثلاثين عاماً على استشهاده، والحركة الكردية في حالة تراجع وتصارع مع بعضها، وبالرغم من حدوث تغييرات كبيرة في العالم ، انهيار الإتحاد السوفيتي ،وضرب مركز التجارة العالمية، وسقوط الكثير من الأنظمة العربية بعد ما يسمّى بالربيع العربي ، ومرور عشرة أعوام على (الثورة السورية). تمّ تدمير البلد والهجرة مستمرة مع التشرد في كلّ أصقاع العالم ، ومع حالة التدهور الأمني والاقتصادي المزري في الداخل ، وانهيار الليرة السورية ، والناس تعاني من أزمات حقيقية كارثية على كافة المستويات لتأمين لقمة العيش ، لازالت الحركة الكُردية تعاني من توحيد صفوفها وخطابها السياسي بشأن القضية في ظلّ كلّ هذه المتغيرات والسنين التي مرّت.
إذاً ماذا سنقول للشهيد في ذكراه ، هل سنقول كما في كلّ عامٍ : بأننا على خطاه ماضون وباقون؟ أم نعيد ذاتنا وبناء ذاكرتنا المثقوبة وننتقد أنفسنا و نبحث عن الخلل ووضع الحلول لها ؟
في ذكراك المجد والخلود لروحك.
المجد والخلود للشهداء الكُرد .