عشيرة الميران وإمارة البوطان
هشيار ميراني
الميران عشيرة كُردية أصيلة و عريقة في القدم ، وتعتبر من عشائر إمارة بوطان المنتمية إلى أعرق شعب في التاريخ وليس له دولة أو وطن ذو حدود وسيادة .
فأبناء عشيرة الميرانيين يتقنون اللهجة الكرمانجية و لهم كلّ أبعاد و مقومات الحياة، من اللغة والثقافة والحضارة والجغرافيا .
((لذلك أودّ أن اختصر دون الخوض في التفاصيل والروايات وآراء المؤرخين))
فمن المعروف بأنّ جزيرة بوطان أقدم موطنٍ للكُرد، بدليل رسو سفينة النبي نوح في جبل جودي في موقع ((هشتي heştî)) …
فعشيرة الميران تعتبر من قيادات العشائر الكُردستانيه في إمارة بوطان.
حيث كوجر البوطان منقسمين إلى تحالفين مضادين تاريخياً وتسمّى ((بند bend))
1- تحالف شيلد : عشائر خيركان وطي و موسى ره شا وكجا وباتوا وهي قيادة هذا التحالف..
٢- تحالف جوخ صور : عشائر :دوديرا و اليكا و صورا وكاريسا وميران وهي قيادة هذا الحلف..
فالميران ذكرهم ((شرف خان البدليسي)) بأنهم ينسبون إلى الأمير ((افدل بن سليمان وهو أحد أبناء مؤسس إمارة بوطان وأمير قلعة فنك ))
حيث وإلى الآن الانتشار الواسع لتلك العشيرة في عموم أرجاء كُردستان ..ففي سوريا حيث الزعامة لعائلة مصطفى باشا الساكنة في جبل قره جوخ وكذلك في العراق من غربي دجلة وأطراف عاصمة كُردستان ومنطقة شقلاوة..مروراً إلى فرع ((مير افدل )) في منطقة (( بشدر وقلعة دزى بقيادة حمزة أغا)) مع كل الانتشار في كُردستان إيران وتركيا…
ويبدو من الوقائع التاريخية بأنّ عدد سكان عشيرة الميران قد نقص للأسباب التالية:
١_ التحق معظم أمراء عشيرة الميران بجيش صلاح الدين الايوبي وأصبحوا قياديين في المعارك التي خاضها صلاح الدين الايوبي..وحتى إنّ هناك في دولة سلطنة عمان قلعة تسمّى ب (( قلعة الميران)).
٢_ إنّ كل المعارك بين الصفويين والعثمانيين جرت في جالديران ومناطق تواجد عشيرة الميران… حيث هم سكان رحل يعتمدون على الرعي والكلأ…يسكنون في شنكال شتاءً و في الصيف ينزلون إلى المصايف والزوزان ((هركولى ميرا herkolê mîra )) ولكل فخذ من العشيرة موقعه الخاص وهم : بركلاي berkela yî و واره سري wareserí و كوتولي بقيادة (( كول محه مه kul miheme )) و ارمدلا وافدلا وسينكا و ايسكا و عليكوا وبرزري ومن يحسب عليهم .
٣ -إنّ قوة عشيرة الميران قد جعلتهم هدفاً لأمراء البوطان ورغبتهم في كسر شوكة الميران و ((شرى بستا بلكا şerê besta beleka )) خير دليل :اذ اجتمع عليهم كل أمراء بوطان والبابان والصوران والبروارية والهكاري مما أدّى إلى خسارة كبيرة في صفوف عشيرة الميران واضطرّوا إلى قبول كل الشروط المفروضة عليهم..
الميران لعبوا دوراً حاسماً في حسم الصراع الدموي بين عشيرة الشمر العربية وعشائر الملية بقيادة ((ابراهيم باشا الملي)) في منطقة ويران شهر ..وكل الشمر والعرب يشهدون للميران في أناشيدهم وأغانيهم ويتذكّرون معركتهم الخاسرة المسماة ((حرب السوسة)) حيث سارع الميران بقيادة ابراهيم اغا الميراني إلى نجدة الشمر وذلك في موقع ((جل اغا çil axs )) وحينها استشهد أحد شباب الميران ويدعى ((قيصر)) و ذلك في عام ١٨٩١ .
الميران عشيرة كُردستانية أصيلة ..فلولا عشيرة الميران لما كانت ((كُردستان سوريا)) ونملك من الدلائل والوثائق ما يثبت ذلك :
((قبور الميران الذين استشهدوا على يد الايزيديين لا زالت قائمة حين أبادو قوم ((حسوي ره ش اغا من فرع برزه ري )) حيث كانوا وقتها هم رؤساء عشيرة الميران والموقع شاهد والى الان وتتوسط بين القريتين (( كركندال و قره جوخ )) في مرابعنا الان وحيث تاريخها يزيد عن مائتي عام..حيث جرى تصفيتهم في تل خنزير : كردِّ فعل على حادثة (( كرى سريا girê serya ))..
ومثال آخر : حين كان الميران يرحلون إلى ((zozan )) وخصوصاً (( هره كولى ميران )) كان يبقون بعدد لا بأس به من الفرسان والشباب وبكامل عتادهم وأسلحتهم في المنطقة لحراستها والحفاظ على موقعها وثرواتها ومراعيها وحماية سكان المنطقة الحضر الغير الميران ((ديماني dêmanî )) وخير شاهد على ذلك (( قصرا مامشورة )) بقيادة ((ملو كولانا melo kulana )) مع إبقاء اغلب العدة والمواد الثقيلة في ذلك الموقع لحين الرجوع من ((زوزان))
فعشيرة الميران كانت على خلاف مع عشيرة ((هسنا hesina )) وكذلك مع عشيرة ((باتوا bawa )) ومع عشيرة ((كويان goyan )) حيث اتهمه سايكس في كتابه ((القبائل الكُردية :بأنّ عشيرة كويان هم من قتلوا زعيم عشيرة الميران في عام ١٩٠٢ ))..
وبالرغم من شدة وبأس هؤلاء العشائر استطاعت عشيرة الميران من قيادة نفسها بنفسها وتأمين كل مستلزمات الحياة..ومع ازدياد ضغط عشيرة الشمر العربية على الميران لاحقاً وبروز صدامات ونزاعات بين العشيرتين مما أدّى إلى سقوط ضحايا من زعامات عشيرة الشمر… وبعدها توصّلوا إلى الصلح والوئام..
و شرعنت الملك والأرض والتاريخ لعشيرة الميران .
و تبلغ جغرافيتها بشكلٍ فعلي أكبر مساحة من ((دولة البحرين الخليجية)) قياساً من نهر سفان ومحاذاة جبل قره جوخ وبعمق ٣٠ كيلومتر.. والتاريخ يشهد بأنّ لعشيرة الميران أكثر من ثمانين موقعاً وباسماء واضحة وصريحة للوقوف والاستراحة حين الترحال من ((شنكال والى زوزان)) مثل عين ديوار و كرتولك و جمى سويدية و قلدومان و بيرا براهيم اغا و طبكى ((وهي قريتي حيث مكان ولادتي وابي واجدادي ))
فعلاقة عشيرة الميران مع الجوار كانت واضحة وجلية حيث يستوطن في منطقة ميران العرب الشرابيه و كذلك المكون المسيحي وبكافة طوائفه حيث تتسم العلاقة بالود والاحترام والدليل على ذلك: مساهمة رئيس عشيرة الميران ((نايف مصطفى باشا)) في ترميم كنيسة ((مار شيمون في مدينة ديرك )) وتقديم مبلغ ضخم من المال آنذاك ..
يتبع في العدد القادم….
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “311”