( عفرين).. كُـردستان ما بين الإستلام والتحرير
مــروان سليمان
إن التحرير هو مفهوم يعبر عن حلم كل كُــردي في أن يرى وطنه محرراً، ولكن يبقى السؤال المحير كيف يتم تحقيق هذا الحلم؟
و هل يمكن تحقيق إشكالية تحرير الأرض و الشعب؟ وهل هناك إجماع كُـردي على هذا الهدف والمطلب؟
لا بد لنا من الرجوع إلى ذكريات الماضي، وأحاديثه، وتاريخه تحديداً لكي نفهم بأن التحرير يعني الإنتزاع إي إنتزاع الحق من الذين إغتصبوا هذا الحق في غفلة من الزمن لأن القديم سلب وطننا وقسمه، ووضعه تحت إحتلالات أربعة وكما أخذت(بضم الألف) الأرض بالقوة فعلينا وهـذا واجب بأن نسترجع أرضنا بجميع الطرق الممكنة والإمكانات المتوفرة.
وعندما قامت ( الثورات) في المنطقة عقدنا الآمال عليها وقلنا بأنها فرصة سانحة بأن نسترد حقوقنا المسلوبة ولـو بحكم ذاتي تابع للدولة على الأقل نتعلم لغتنا في دوائر الدولة بشكل رسمي، ونسجل أسماء أطفالنا كما نريد نحن لا كما يريده رجل المخابرات، ونحصل على وظيفة كما بقية المواطنين، ونتخلص من تهمة خطر على أمن الدولة أيضاً، وتصبح ممتلكاتنا في أمان بدون خوف من إعطائها لآخرين، وتسكينهم على شكل مستوطنات كما حصل في السبعينات من القرن الماضي ………الخ من هذه المشاريع العنصرية التي كان النظام ينفذها بدون أية روادع، وتفائلنا بالثورة خيراً، وهتف الكُـرد بوحدة الشعب السوري، والحفاظ على الدولة السورية، ولكننا نطالب بحفظ حقوقنا كشعب كُـردي يعيش على أرضه، ولكن بين ليلة، وضحاها سلم النظام الأرض في المنطقة الكُـردية وسلم المدن ولكنه زرع هناك من يحميها، وعندما نشأت المعارضة، وتوضحت معالمها، والجميع يريد بيع الوطنيات، وتسجيل النقاط على الطرف الآخر على حساب دماء الشعب فقوي شوكة النظام من خلال حراسه، وأعلنوا عن تحرير الأرض، والقرى، والبلدات، وأصبحوا يعقدون المؤتمرات، والإجتماعات، ويتباهون بالتحرير المغشوش الذي جلبوه، وبطشوا بالآخرين، وجندوا، وخطفوا، وافتعلوا المعارك، والحروب، وفي النهاية وجد الشعب الكُـردي نفسه أمام معضلة صعبة جداً وقضية جوهرية وهي: أن الكُـرد لم يفقدوا الأرض، ولا الوطن بل إن الوطن هو الذي فقد الشعب أي أن كُـردستان سورية أصبحت بدون كُـرد.
إن الباقين على الأرض من الشعب الكُـردي في كُـردستان سوريا يمكن أن نقسهم إلى صنفين أساسيين الأول الذي يعيش فيها يفكر بالحفاظ على أرضه، ووطنه ولا يريد أن يهاجر إلى بلدان أخرى، ويعيش تحت الخيام، وينتظر المساعدات من أصحابها، ويريد أن يحافظ على كرامته، والحفاظ على حقوقه، والمطالبة بالحقوق المشروعة، والوقوف في وجه المؤامرات التي تحاك ضد الوطن، والمواطن، ويطالب لنفسه الحرية، والإستقلال أو على الأقل حق تقرير مصيره بنفسه، وهو يطالب بهذه الأمور كمواطن كُـردي، وكإنسان بل وحتى كمواطن سوري يسعى لتحقيق المساواة مع بقية الأعراق السورية، وهو الذي يتكلم باسم الشعب الكُـردي في المحافل، ويعمل جاهداً في فتح الأبواب المغلقة أمام قضيتنا العادلة.
أما الثاني فهو نفسه الذي عمل على فقدان الأرض، ووضع نفسه في خدمة الأعداء، وتنفيذ مشاريعهم في تهجير الشعب الكُـردي، والتضييق عليه في العيش وملاحقة الأطفال الكُـرد، و تجنيدهم إجبارياً سواء لخدمة أجنداته الحزبية الضيقة، أو لخدمة النظام السوري، وداعميه من إيران إلى حزب الله والمليشيات الرديفة للنظام السوري كما حصل في منبج عندما إنسحبوا منها بعد مقتل المئات من أبناء الشعب الكُـردي فيها بدعوى تحريرها، ويهدف أيضاً الوقوف في وجه الطموحات الكُـردية في جميع أجزاء كُـردستان، وما إعلان كانتون شنكال إلا دق إسفين الشر في تلك المنطقة، وتحديداً التحالف مع الحشد الشيعي ضد أقليم كُـردستان، والإشتباكات في شنكال ما هي إلا نقطة في بحر مشاريعهم العدائية للشعب الكُـردي وسوف يتم تسليم المناطق الأخرى للنظام كما حصل من قبل في منبج، ومناطق من حلب، وهذا ما سوف يحصل في الرقة، ودير الزور، والآن جاء الدور على عفرين.
باختصار، فإنه لا يحق للذين يرفعون شعارات تحرير الأرض، وأخوة الشعوب، والأمة الديمقراطية أن يقوموا بالإعتداء على الآخرين، لأن ذلك يناقض مشروع التحرير الذي يدعيه أؤلئك، وقد يصبر الشعب على مرارة المعاناة، والحرمان لفترة من الزمن، لكن من الطبيعي أن تنفجر الأوضاع يوماً ما في وجه هذه القوى التي نصبت نفسها على الشعب بقوة سلاح النظام، وعندما تفقد هذه الحركات مبرر وجودها، وسبب نشوئها يقوم النظام بإغتيالها بعد أن حقق أهدافه، ولكنها سوف تحاول التخفي تحت أوهام الإنتصارات المزيفة، والشعارات المهترئة كما يحصل اليوم في عفرين، وما تم تسليمه في الأمس يجب أن تسلمه اليوم لمن سلمك.
و أخيراً إننا أصحاب حق، ومقياس حقنا هو أن نحدد هذا الحق بوضوح، ونناضل من أجل تحقيقه، ولذلك فإن تحرير الأرض يعني تخليصها من الأعداء، وإنتزاعها من المغتصبين، وإسترجاعها إلى أصحابها الحقيقيين، وتحرير الشعب يعني حصوله على كافة حقوقه مثله مثل الشعوب الأخر،ى والتمتع بكافة حقوقه السياسية و الأجتماعية و الثقافية و حقه في تقرير مصيره بنفسه و لكن تحرير الأرض و الشعب غير متلازمتين فقد تتحرر منطقة ما من أرض كُـردستان و لا يبقى فيها العدو أو المغتصب ويرحل عنها و لكن الأثار التي كانت تطبق على الأرض في زمن الإستعمار قد تبقى لمدة من الزمن، ولذلك فإنه على الكُـرد أن يعملوا على إستعادة جميع الأراضي المحتلة، وإنتزاع كافة الحقوق و بعد ذلك يأتي دور تغيير السلطة السياسية بعد أن يصبح الشعب أصحاب القرارـ وهذا يبقى مقترناً بدعوة الشعب إلى ذلك.
لا نريد أن نعتدي على أحد ولكننا نرفض أن نبقى تحت رحمة الآخرين.