آراء

عقيدة الانشقاقات الراسخة

مروان سليمان

لا نريد أن نظلم أحداً بتعميماتٍ و بياناتٍ و توضيحاتٍ لا أساس لها و ليس لها إحصائيات واقعية تؤيدها و لكن إن كان هناك ظلم فإنه يقع على عاتق الذين يتحدّثون باسم هذا وذاك الذين يعتبرون أنفسهم نشطاء فيسبوكيين أو متحدثين باسمهم و على أرض الواقع ليس لهم أي شئ على الساحة السياسية أو الاجتماعية أو الحزبية هؤلاء هم الذين يصوّرون لنا و لعموم الشعب الكُردي كما لو أنّ الجميع مثل قطعان الذئاب ينهشون لحم بعضهم بدون أي رادع و هناك من يقتلهم سياسياً و يريد الانتقام منهم كما لو أنّ الساحة الحزبية أصبحت مزرعةً لكلّ مَن ( إيدو إلو) كما يقول المثل ناسين دماء رفاقهم التي أريقت في الأمس القريب، إنها الذاكرة الكُردية المثقوبة.

الذين يصفون رفاقهم الذين يتعارضون مع خطوطهم في الآراء و المواقف بالخونة و العمالة أو حتى كلّ مَن يقف معهم أو يساند موقفهم أو ما شابه ذلك. و هم أنفسهم الذين يصوّرون رفاقهم بأنهم من محبّي المناصب و جمع الأموال و اتهامهم بالسرقة و النهب.

ماذا لو كان هناك في المؤتمر بداخل القاعة اعتراض على القرارات المتخذة أو عمليات انتخاب اللجنة السياسية و توضيح المطاليب المحقة التي يدّعونها أمام الحضور أو حتى بعد المؤتمر مباشرةً القيام بإحتجاج حاشد أو تجمع جماهيري أمام المقرات الحزبية أو بيوت القيادات المتهمة للمطالبة بالإصلاحات المنشودة أو حتى تنحي القيادات الفاسدة إذا كانت لديهم الدلائل الدامغة و الإثباتات القوية التي تدين هؤلاء من أجل محاسبتهم و أخذ العقاب اللازم حسب الجرم الذي إرتكبوه،

و ماذا لو حمل كلّ واحد منهم لافتة مكتوب عليها مطاليبه المحقة و ماذا يريد بالضبط مع الهتاف ضد الذين يتهمونهم بأنهم اغتصبوا القرار الحزبي بكلّ أشكاله و صوره و بيدهم الأخرى دعوة إلى السلم و الحوار الجاد كغصن الزيتون، و كلما رفض الذين صادروا القرار الحزبي حسب ادعائهم كلما ازدادت الحشود المطالبة بتنحي هؤلاء من مناصبهم كائناً من كان، و عندها هل يستطيع أي قيادي أن يصمد في وجه الجمهور أو الأعضاء الحزبيين دون أن يلبّي مطالبهم.

لقد شارك البعض في صنع الخلاف و تأجيجه بين أعضاء القيادة و هناك مَن قام بعملية دعم و تدليل و تمويل الخلاف سواءً على الصعيد الإعلامي أو على صعيد شبكات التواصل الإجتماعي من خلال تسمية البعض بالأبطال و نعت الآخرين بالخيانة و العمالة مما أدى إلى إختلاط الحابل بالنابل و أصبح الوضع الحزبي و سيرته على كلّ لسان سواءً كان يريد الخير للحزب أو يعمل من أجل تصفية الحسابات الحزبية.

إذا لم تتراجع النخب خطوات إلى الوراء و تبدأ عملية النأي بالنفس من هذه الدعوة الإنشطارية أو محاولة القيام بها بكلّ أشكاله و مبرراته بداية من الخلاف فإنهم يكونون قد سلكوا طريق الخطأ مع سبق الإصرار و الترصّد صوب الخراب و التخريب و العمل من أجل إفناء الحزب. مثلما يجري الآن تحريض قسم كبير سواء من القاعدة أو بعض القيادات من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالحزب للقيام بتلك المهمة القذرة الذين كلّفوا أنفسهم طواعيةً من أجلها و هم يحاولون بكلّ جهودهم أن تتمّ عملية الانشقاق اليوم قبل الغد. إنها دعوة إيجابية بالنسبة لهم و بالغة الذكاء لأنها سوف تؤدّي إلى تحقيق مكاسب شخصية آنية حسب مصالحهم في تولي المناصب و تحقيق رضا الأعداء بشكل مباشر أو غير مباشر لأن الانشقاق لديهم خير و بركة و لا قيمة للمبادئ و الحقوق لديهم.

إذا كان هؤلاء حقاً يعبّرون عن أنفسهم من خلال الدعوة إلى الانشقاق فإنهم لا بدّ أن يجنوا الثمار التي يستحقونها، و لكنهم بالتأكيد لن يجنوا السلام و لن يطعموا جائعاً و لن يبنوا لنا وطناً و سيخفت صوتهم إلى الأبد و يلقي إليهم المحسنون و المحرضون البيانات و التوضيحات بكثافة عالية.

و أخيراً نقول لهؤلاء إن لم تنصتوا لرفاقكم و كلّ ما يسمى مبادئ و قيم و أخلاق فسوف تصبح عقيدة الانشقاقات راسخة في أعناقكم و سوف تُتركون لمصيركم المجهول الذي اخترتموه لأنفسكم و سوف تصبحون رقماً عادياً جداً كما كلّ الأرقام مكتوبة على جدارٍ آيلٍ للإنهيار في أي وقتٍ و تنفضون أيديكم من القضية التي تتشدّقون بها.

مروان سليمان

مركز الاستشارات في القضايا الاجتماعية- ألمانيا

12.05.2019

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى