على درج المطار
مكرمة العيسى
دهوك – إقليم كوردستان
-دخلت مدربة التربية العسكرية للبنات الصف، وقالت : غداً سيأتي رئيس الوزراء إلى مدينتكم ،وهذه زيارة مهمة جداً، لذا سأقوم بإختيار الطالبات الأكثر ترتيباً لحمل صورة الرئيس مع باقة ورد .
وستقفن صفاً أمام درج الطائرة، وعلى من منكن يقع الإختيار يجب عليها إلزاماً الحضور .
نظرنا إلى بعضنا بصمت ،
وبدأت المدرّبة تختارنا وكنت أنا وصديقتي من بين المختارين ، وبعدمغادرة المدرّبة الساحلية الصف، تمتمنا مع بعضنا، وبدأنا نسأل بعضنا : لماذا اختارتنا نحن بنات الصف الثامن الاعدادي ؟
إحداهن قالت: والله إذا بكرة ماتجوا راح تنفصلوا من المدرسة .
وفي اليوم التالي حضرنا كلنا بكامل هندامنا العسكري، وبعد قراءة الأسماء من قبل المدرّبة الساحلية صعدناالباص وانطلقنا إلى المطار لاستقبال ضيف قامشلو .
بعد التفقد للمرة الثالثة اتجهت بنا المدربة إلى مدرج المطار ووقفنا بصف مرتب وحملنا صور الرئيس الكبيرة المبروزة بالزجاج الثقيل مع باقة ورد جميلة وقبل وصول الطائرة تمتمت صديقتي الواقفة بجنبي : سأكسر هذه الصورة لرئيسٍ مازال أبي في سجنه منذ خمس سنوات ،
قلت لها بخوف شديد : لاتفعلي والله يأخدوننا كلنا السجن ومازلت لم أنهِ كلامي !
أسقطت صديقتي الصورة على الأرض بقوةٍ، وتطاير الزجاج في كلّ مكان والكلّ تجمّع حولنا من حراسٍ ومخابرات والوحدات الخاصة والمدرّبة بسرعة قصوى رفعت صوتها كثيراً:
ليست مشكلة افرغوا الساحة سقطت الصورة سهواً،
هاتو المكانس للنظف المدرج قبل وصول الطائرة وبشكلٍ مذهل أنهت المدرّبة المشكلة ونظّفت المدرج خلال دقائق فقط وعاد المكان كماهو ووقفت المدرّبة جنب صديقتي وتمتمت كي لايسمعها أحد : لماذا كسرتٍ الصورة يا( ….) ؟
اجابت والدموع تملأ عيناها الجميلتان :
تضعون صورة الرئيس الذي وضع مخابراته أبي في السجن ، لن أحمل صورته أبداً.
المدربة : اهدئي حبيبتي معك حق، وقامت بمسح دموعها ولم تدع أحداً يشعر بأنّ صديقتي كسرت صورة الرئيس عن قصد وإصرار رداً على سجن والدها المتهم السياسي الكُردي.
المدرّبة : الآن الطائرة ستهبط نتمنّى منكم جميعاً الترحيب الحار بضيف قامشلي .
وهبطت الطائرة ورحّبنا بالضيف .بعدما شاهدت بطولةً لامثيل لها من صديقتي ونبلاً رائعاً من مدرّبة التربية العسكرية ..