عندما تكون راية الشمس هدفاً..

نزار موسى

كما للجميع هوية تعريفية يقتدون بها ويستلهمون منها الكثير ، فللكُرد أيضاً رمزٌ ،  بذل من أجله الغالي والنفيس ، ويُعرفون من خلاله من قبل الغرباء أينما كانوا ، عدا عن معاني ألوانه المعبّرة،  فإنه غدا لكلّ كُرديٍ الحاضنة التي تُسند عليها آمال الجميع ، في تحقيق الغاية المرجوة عبر صونه وبكلّ السبل.

بعيداً عن سيرورة نشوئه ، فقد غدا وبجدارةٍ ذاك المعبّّر عن الكُرد ، ليس فقط في الإقليم الكُردي الدستوري في العراق ، وإنما في جميع أجزاء كُردستان في الدول الحالية، و كذلك  في المهجر ، كما في كلّ بقعةٍ يقطن فيها الكُرد ، هي نفسها تلك الراية التي خاض من أجلها الكُرد في القرن الفائت مسيرات عدة من الكفاح، وبشتى أنواعه إلى يومنا هذا ،  وتلطخّت مراراً بدماء حامليها في أحداثٍ تدعو للفخر من أحد جوانبها في العطاء ، في جبهات الدفاع في سبيل رفعة و حرية شعب ذاق الأمرّين ، ليبعد الأشرار عن كُردستان، لابل تعدّى ذلك لتصبح سواعد البيشمركة من حامليها على أكتافهم ، حداً منيعاً يقي به الإقليم المحيط حتى دول الغرب، من جهلة العصر وأعداء القيم الإنسانية منذ عدة سنوات مضت.

أما الجانب الآخر فتمثّل في محاولات الإساءة لراية الشمس من بعض الكُرد أنفسهم في تاريخنا الحديث ، وذلك سنة ٢٠١٧ في مجريات أحداث مسّت الفؤاد في كركوك ، بعد أن أخرت من الحلم الكُردي في خيانة سجّلت في التاريخ من أوسع أبوابه ، ناهيك عن منظومات أخرى أرعبها ذكرى الإحتفاء بهذا العلم في المناطق الكُردية في سوريا كما نرى ، فلم تتردّد في كلّ سنة بمحاولات يائسة لمنع الاحتفاء به ، لنرى وبكلّ أسفٍ دماً كُردياً على الرايات الكَردية في تلك التجمعات في ذكرى يوم العلم الكُردي خاصةً ، و إساءات عدت  متناوبة لها وتعدّت التوقعات  بإحراقها في مقرات التنظيمات الكُردية هناك ، والمؤمنة بدورها بمعاني و رموز الشعب،  التي تناضل في سبيل رفع شأنه.

ما يستوجب الذكر أيضاً تلك المحاولات المشبوهة في إيجاد البدائل من تلك المنظومات ، لرمز الأمة الكُردية الراسخ برايات يصعب تعدادها وإدراك ماهيتها العائمة ، هادفة بالتأكيد تبديد الإنتباه عن الشمس التي أنارت دروب جغرافيتنا ومحيطنا ، كما وتعدّت ذلك لإستهداف فئة رصينة من الشعب الكُردي و إنشاء علم خاص بهم في استهداف واضح لتحييد الأخوة الكُرد الإيزيديين وسلخهم من جسم الكيان الأم.

ما هو مؤكّد أنّ البذرة المنبتة ستعود و ستظهر أنماطها الظاهرية نفسها مهما تمّ تحويرها، ولأي غاية كانت، مادام في الوجود مَن يبذرها ، وعليه تتضح ضرورة الثبات في صون الراية الكرُدية الخفّاقة، و استذكار كلّ معاني ألوانها الزاهية، والعمل بها دربا في إحقاق الحق و حفظ بنات وأبناء الجلدة في الوجود كباقي شعوب العالم ووفقاً للقوانين الإنسانية و الروحانية كلها ، أما العقيدة المبنية على حبها كرمز ، وفهم العبر و مابها من رسائل للأجيال الناشئة كضرورة أن تنتهج سبيلاً ضامناً لرافعيها الجدد الكفوئين ، في إنجاز الأفضل في نتائج مرجوة تفوق ماتمّ اكتسابة

المقالة تم نشرها في جريدة يكيتي / عدد 293