
غابة كوباني: المتنفس الوحيد لأهالي المدينة في مواجهة خطر التلوّث
Yekiti Media
في ظل ما تعانيه مدينة كوباني من تحديات عمرانية واقتصادية، تمثّل غابة كوباني ملاذًا طبيعيًا نادرًا، يُشكّل المتنفس الوحيد لسكان المدينة الباحثين عن فسحة خضراء تتيح لهم الراحة والهدوء.
تقع الغابة جنوب غرب كوباني، وتمتد على مساحة تغطيها الأشجار والمروج التي أصبحت رمزًا للطبيعة والمقاومة في آنٍ معًا.
متنزه شعبي على مدار العام
تحوّلت الغابة خلال السنوات الأخيرة إلى وجهة ثابتة لمئات العائلات والشباب، لا سيما خلال عطلات نهاية الأسبوع والمناسبات الاجتماعية.
وبينما يختار البعض قضاء أوقاتهم فيها للشواء أو التنزه أو اللعب، تكتسب الغابة بُعدًا خاصًا في عيد نوروز، حيث يتوافد الآلاف من السكان للاحتفال، وإشعال النيران، والغناء، والرقص في تقليد سنوي يُجدد فيه أبناء كوباني ارتباطهم بثقافتهم وأرضهم.
جمال مهدد بالإهمال
ورغم هذا الحضور الشعبي الدائم، فإن الغابة تواجه تحديًا بيئيًا خطيرًا يتمثل في تراكم النفايات، نتيجة غياب البنية التحتية للخدمات العامة، وتقصير واضح في التنظيم.
حيث لا توجد حاويات كافية للقمامة، ولا لافتات إرشادية، كما تفتقر الغابة إلى مرافق أساسية مثل المراحيض العامة أو نقاط المياه، ما يجعلها عرضة للتلوث مع كل زيارة جماعية أو احتفال شعبي.
مشاهد مقلقة
وثّقت جولة ميدانية لفريق “يكيتي ميديا” مشاهد متكررة من التلوّث، شملت انتشار القوارير البلاستيكية، أكياس النفايات، وبقايا الأطعمة والمشاوي بين الأشجار وعلى أطراف المساحات العشبية.
ويتكرر المشهد بوتيرة أعلى بعد الاحتفالات الكبرى، خاصة عيد نوروز، حيث تُترك بقايا الزينة والمأكولات دون تنظيف، مما يشوّه المنظر الطبيعي ويضر بالنظام البيئي المحلي.
قلق شعبي متصاعد
يعبّر سكان المدينة عن استيائهم من تدهور وضع الغابة، ويعتبرون أن استمرار هذا التلوث يهدد بفقدان المتنفس الوحيد لهم.
وتُطرح تساؤلات عديدة حول دور الجهات المعنية، وسط دعوات شعبية متزايدة لتكثيف جهود التوعية البيئية وتنظيم حملات تنظيف تطوعية.
كما يُؤكد كثيرون أن حماية الغابة يجب أن تكون أولوية جماعية، تتطلب تعاونًا بين المواطنين والبلدية والمنظمات المدنية.
فالمكان ليس مجرد متنزه، بل يمثل شريانًا بيئيًا وثقافيًا له رمزية خاصة في وجدان أهالي كوباني.
غياب خطط رسمية واضحة
حتى الآن، لا توجد خطة واضحة من البلدية أو المجالس المحلية لإدارة الغابة أو تنظيم دخول الزوار.
كما أن الإجراءات الوقائية محدودة، ولا توجد آلية لرصد المخالفات أو فرض غرامات على من يتركون نفاياتهم، ما يزيد من تعقيد الوضع ويشجع على التراخي في الحفاظ على المكان.
حلول واقعية مطروحة
يرى مهتمون بالشأن البيئي أن الحلول الممكنة ليست معقدة، وتشمل:
تركيب حاويات نفايات موزعة في أنحاء الغابة.
تخصيص فرق نظافة ميدانية في أيام الذروة والعطل.
إطلاق حملات توعية بيئية باللغتين الكردية والعربية.
تنظيم حملات تنظيف شعبية بمشاركة الأهالي والطلاب.
فرض مخالفات مالية على من يتركون نفاياتهم، ضمن إطار قانوني واضح.
مسؤولية جماعية لحماية الإرث الأخضر
تؤكد الأصوات المجتمعية أن الحفاظ على غابة كوباني لا يندرج فقط ضمن مهام الجهات الرسمية، بل هو مسؤولية كل فرد من أفراد المجتمع.
فالغابة تمثل إرثًا بيئيًا وثقافيًا، يتقاطع فيه الجمال الطبيعي مع رمزية الصمود والانتماء، خصوصًا مع ارتباطها السنوي بعيد نوروز الذي يجمع الناس على الأمل والتجدد.
خاتمة
إن استمرار الإهمال قد يؤدي إلى فقدان هذه المساحة الحيوية، وتحوّل الغابة من رمز للراحة والاحتفال إلى ضحية جديدة للإهمال البيئي.
وحده الوعي المجتمعي، إلى جانب خطوات رسمية مسؤولة، يمكنه الحفاظ على هذه المساحة الطبيعية لأجيال كوباني القادمة.