فؤاد عليكو : الإدارة الذاتية (الديمقراطية) إدارة وهمية وقفزة في الهواء
الدفاع عن الوطن واجب وطني في ظل وجود دولة ذات سيادة وسلطة شرعية تبسط سيطرتها على البلاد كلها ,من هنا فقد اثار تنفيذ قرار الخدمة الإجبارية التي أصدرتها الإدارة الذاتية في مقاطعة الحزيرة بتاريخ 14 \ 7 \ 2014 تحت المرسوم 14 المتضمن قانون “واجب الدفاع الذاتي” موجة عارمة وصاخبة لدى الجماهير الكوردية والتي أدت الى قسطا و اسعا من المد و الجزر في و سط الشارع الكوردي ولذلك كيف تلقى الشارع الكوردي بكافة شرائحه ( السياسية والثقافية والاجتماعية ) هذا القرار و كيف كانت ردة فعله تجاهها و لا سيما ان لها تأثيرات مباشرة على المجتمع الكوردي بما ان هذه القرارات صدرت من جهة سياسية ( أيدلوجية ) محددة لا تحمل الغطاء السياسي العام في كوردستان سوريا …سؤال هل يحق لشريحة معينة إصدار مثل هكذا قرارات بمفردها , دون مشاركة جميع الاطراف السياسية في المناطق الكردية بحيث تكون لها غطاء وطني عام بمشاركة كل الاطراف التي تمثل وحدة الحالة الوطنية وبالتالي تكون لهذه القرارات شرعية وطنية تمثل ارادة وسلطة سياسية في كوردستان سوريا …
مشاركة : الاستاذ فؤاد عليكو عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في سوريا
بداية أتفق معك بأن الدفاع عن الوطن واجب وطني في ظل دولة ذات سيادة وسلطة شرعية لكن السؤال الكبير هو هل ينطبق هذه المقولة على ب ي د وسلطتها من خلال الإدارة الذاتية المزعومة؟.
أعتقد إن شرعية سلطة ما لجهة ما تكتسب من خلال أحد احتمالين لا ثالث لهما:
الاحتمال الأول: هو أن يحصل اتفاق بين الدولة المركزية صاحبة السيادة الشرعية دولياً والجهة المحلية التي تطالب بحقوق ما وفق اتفاق مدون بين الطرفين على أن يجَّسد ذلك بنصوص قانونية ودستورية تعزز هذا الاتفاق، وبالتالي تمارس السلطة المحلية تلك صلاحياتها الإدارية وفق ما اتفق عليه بين الطرفين قانونياً ودستورياً، مثلما حصل من اتفاق بين الدولة العراقية وإقليم كردستان العراق سواءً في مرحلة الحكم الذاتي 1970أو في مرحلة الفدرالية بعد 2003 وتجسد هذه الاتفاقيات من خلال تثبيته في دستور الدولة العراقية، وهذا ما لم يتمكن ب ي د تحقيقه مع النظام السوري حتى الآن ولازال النظام يعتبر المناطق التي تحت سيطرة ب ي د مناطق تابعة له إدرياً ويمارس صلاحياته الإدارية وفق القانون والدستور السوري المعمول به حالياً ولا يوجد شيء اسمه الإدارة الذاتية،في قاموس النظام السياسي والقانوني، وبالتالي لا يمكن لاي جهة منحها صفة الشرعية دوليا دون توفير مثل هذا الإتفاق مع النظام المركزي.
الإحتمال الثاني: هو ما يطلق عليه المجتمع الدولي بسلطة الأمر الواقع، وتتحقق نتيجة الحروب الأهلية في دولة ما، بحيث يضطر النظام إلى ترك تلك المنطقة نهائياً لتلك الجهة المنافسة له تحت ضغط العامل العسكري المتفوق، وعندها تقوم الجهة المسيطرة بتسيير أمور المواطنين الأمنية والخدمية والقانونية من جميع الجوانب، كما حصل للقبارصة الأتراك منذ 1974م في قبرص، أو كما حصل لإقليم كردستان العراق 1992 بعد انسحاب النظام منها عسكرياً وإدارياً، وفي هذه الحالة يتم التعامل معها اقليمياً ودولياً من قبل المناصرين لها(أصدقاؤها) في الجانب الخدمي والإقتصادي دون أن تطال إلى الجانب السياسي والقانوني ريثما تتم معالجة الأزمة مع دولة المركز صاحبة السيادة الدستورية دولياً، وهذا العامل هو ما يحاول ب ي د التماهي به والتعويل عليه واعتبار نفسه سلطة الأمر الواقع على تلك المنطقة ومن حقه اصدار المراسيم والقرارات بشأنه والسؤال الذي يطرحه – أي مواطن – هل هذه السلطة حقيقة سلطة أمر الواقع أم وهم يتمسك به ب ي د؟,
في الواقع العملي تخلى النظام عن الجانب الأمني فقط من بعض المناطق غير الإستراتيجية او الأقل أهمية، نتيجة الضغط المتزايد عليه عسكرياً في مواقع أخرى أكثر أهمية، وهذا ماحصل بالضبط للنظام في بعض المناطق الكردية حيث تخلى النظام عن الجانب الأمني فقط ل ب ي د دون الجانب الإداري عبر عملية أقرب للاستلام والتسليم منه إلى التخلي عنه بالقوة،ودون إن يلزم النظام نفسه بنص مدون بين الطرفين وهذا له بالغ الأهمية والدلالة مستقبلا، حيث يستطيع النظام استعادة ما تركه دون أية صعوبات تذكر لكن قد يترافق ذلك بكلمة شكر من النظام ل ب ي د لحفظه الأمانة أو الوديعة وينتهي كل شيء بطرفة عين.
لذلك وعلى ضوء ما تقدم لا يوجد في يد ب ي د سوى الأشواك وتحمل التبعات الأمنية دون أي مقابل سوى استلامه لسلطة النظام الأمنية القمعية للمناطق الكردية مؤقتاً والحقيقة فإن ب ي د لم يقصر في هذا الجانب ومارس القمع بحق الشعب الكردي أكثر من النظام حتى الآن لا بل أضاف عليه عمليات التهجير والنفي القسري والأتاوات .أما الجانب الإداري فإن جميع مرافق الدولة لاتزال بيد النظام ويمارس موظفوا النظام صلاحياتهم الإدارية بالشكل القانوني المطلوب ووفق دستور النظام باستثناء بعض المناطق التي تخلى النظام عنها قسراً من قبل جهات أخرى، وعليه نستطيع القول بأن هذه الإدارة الذاتية (الديمقراطية) إدارة وهمية وقفزة في الهواء لا أرضية قانونية أو دستورية لها ولا يمكن أن نطلق عليها سلطة الأمر الواقع والشعب الكردي يدفع يومياً ضريبة تطبيق مشروعهم الهلامي في (الأمة الديمقراطية).
أما إصدارهم لقانون التجنيد الإجباري لامعنى له ودليل إفلاس جماهيري لا أكثر ولم يحصل أن مارسه أي حزب على الارض بحق شعبه في مثل هذه الظروف فالثورة الفلسطنية لم يمارسها طيلة نصف قرن من قيامها رغم الإعتراف الدولي الكبير بها ورغم وجود منظمة التحرير الفلسطينية تضم كافة الفصائل ، وكذلك لم يمارسها حزب الله اللبناني ولا الديمقراطي الكردستاني ولا الاتحاد الوطني الكردستاني رغم أنهم أحزاب يملكون من القوة والتأثير على الشارع اضعاف ما يملكه ب ي د من القوة والهيمنة وتأييد الشارع لهم، اضافة ان القرار اعطى نتائج عكسية تماماً، حيث اضطر الشباب إلى ترك مناطقهم والذهاب للمجهول، وبالتالي ساهم القرار بشكل مباشر في تفريغ المناطق الكردية من السكان بشكل مخيف.
والمخرج الوحيد أمام ب ي د وإنقاذ ما يمكن إنقاذه هو إلغاء هذه الكانتونات جملةً وتفصيلاً والإيعاز للوزراء الوهميين بالذهاب إلى بيوتهم وممارسة حياتهم العادية كما كان سابقاً ومن ثم الإتفاق مع المجلس الوطني الكردي لتشكيل لجنتين فقط (أمنية وخدمية) للدفاع عن المناطق الكردية وتسيير أمور المواطنين اليومية في المجالات التي تخلى النظام عنها كتوزيع الخبز والوقود وما إلى ذلك من خدمات تمس حياة المواطن اليومية والتفريغ للعمل السياسي كفريق مشترك وموحد لإدارة العمل السياسي محلياً واقليمياً ودولياً في هذه المرحلة الحساسة وبما يقتضيه مصلحة الشعب الكردي وإلا فهي وحدها تتحمل هذه المسؤولية التاريخية الكبيرة،والفرص التاريخية لا تتكرر دائماً .
إعداد : حسين أحمد …. كوردنامه