فصائل المعارضة تسيطر على كليتي “المدفعية” و”التسليح”

يكيتي ميديا_Yekiti Media
سيطرت فصائل المعارضة السورية المنضوية في غرفتي عمليات “جيش الفتح” و”فتح حلب”، الجمعة والسبت، على كليتي “المدفعية” و”التسليح”، أكبر قلاع قوات النظام والمليشيات، في الجنوب الحلبي، ضمن إطار معركة فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية.

وأثبتت المعارضة السورية أنها قادرة على العمل المشترك، والمنظم، والتنسيق في ما بينها، كأنها جيش واحد في مواجهة حشد واسع من المليشيات. وعززت ذلك التعاون، مجريات المعارك خلال الأيام الستة الماضية، فالمعارضة لم تيأس رغم خسائرها الكبيرة، وواصلت شنّ هجماتها التي لم تكن جميعها موفقة.
وبدت المعارضة ذكية للغاية في رسم خططها العسكرية، ولم تكتفِ بشق طريقها لفك الحصار برأس حربة ضيق من أسهل المحاور، بل راحت تضرب بكل قوتها أكبر قلاع قوات النظام والمليشيات، وجعلتها المحور الرئيس لعملياتها العسكرية، وفتحت إلى الجنوب من المحور الأوسط عدداً كبيراً من الجبهات لتوهم النظام والمليشيات بأن المحاور الجانبية الجنوبية هي المقصودة بالتقدم والمحور الأوسط والمواجه للكليات العسكرية الثلاثة ما هو إلا للإشغال، أو هدف بعيد يتم ضربه بين الحين والآخر بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية، كوسيلة ضغط لتسهيل التمدد في الجبهات السفلى التي تقابل حي الشيخ سعيد.
وحققت المعارضة السورية، الجمعة، أهم انجاز عسكري منذ بدء هجماتها الواسعة في 31 تموز/ يوليو، ضمن معركة “ملحمة حلب الكبرى”، وسيطرت على “كلية التسليح” و”كلية مدفعية الميدان” جنوب غربي حلب، واستعادت للمرة الثانية خلال أيام، منطقة الجمعيات والتلال المحيطة بها إلى الجنوب من المحاور الوسطى.
وجاء تقدم مقاتلي “جيش الفتح” و”فتح حلب”، خلال وقت قياسي بعد إطلاق الجولة الجديدة من المعركة، والتي بدأتها المعارضة بتفجير سيارتين مفخختين، الأولى استهدفت “كلية التسليح” كفاتحة للعمل العسكري، والثانية استهدفت الخطوط الدفاعية والتحصينات الهندسية لـ”كلية مدفعية الميدان” الأكبر والأكثر تحصيناً.
المفخخة الأولى حققت اصابات مباشرة ومدمرة في المواقع والتحصينات ومباني الحراسة المستهدفة في “كلية التسليح”، وقتل على إثرها قرابة 50 عنصراً من قوات النظام والمليشيات، ما سهّل دخول كتائب المعارضة الراجلة والمدرعة التي سرعان ما انتشرت على جبهة عرضها كيلومتر واحد، على الأقل، لتُمشّط الكلية وتشتبك مع قوات النظام والمليشيات التي سرعان ما انسحبت نحو مواقعها في “كلية المدفعية”.
عشرون دقيقة فقط، هي المدة التي استغرقتها معركة السيطرة على “كلية التسليح”، وتوجه بعدها مقاتلو المعارضة بشكل مباشر نحو أسوار “كلية المدفعية” الملاصقة، لكنهم واجهوا مقاومة عنيفة من المليشيات المتمركزة والمنسحبة للتو من مواقعها في “كلية التسليح”، ما دفع المعارضة في “جيش الفتح” لإرسال سيارة مفخخة أخرى ضربت تحصيناتها وكسرت خطها الدفاعي ما أجبرها على الانسحاب نحو مواقعها الخلفية داخل الكلية.
وجرت معارك هي الأعنف بين فصائل المعارضة من جهة، ومليشيات “حزب الله” اللبناني و”الحرس الثوري” الإيراني ومليشيات عراقية وأفغانية، داخل “مدفعية الميدان” استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل الجمعة/السبت. وأسفرت العمليات عن سيطرة المعارضة على أجزاء واسعة من الكلية بينما بقيت بعض الجيوب والمباني التي تتحصن فيها المليشيات بالقرب من “الكلية الفنية الجوية” الواقعة إلى الشمال الشرقي والمطلة على موقع الكراجات.
وصباح السبت، تمكنت المعارضة من بسط سيطرتها بشكل كامل على “كلية المدفعية” بعد معارك عنيفة قُتل خلالها 20 عنصراً على الأقل من المليشيات، بينما فرّ الباقون نحو “الفنية الجوية” وحي الحمدانية.
مدير المكتب الإعلامي في “فيلق الشام” أحمد الأحمد، أكد لـ”المدن”، أن المليشيات تكبدت خسائر كبيرة في صفوفها، تجاوزت 100 مقاتل بين قتيل وجريح، خلال 24 ساعة من المعارك، وفر الباقون نحو “الفنية الجوية” التي باتت الحصن الأخير لهم. وخسرت قوات النظام والمليشيات عدداً كبيراً من المدرعات والسيارات والمدافع الثقيلة والرشاشات التي أعطبتها المعارضة خلال مراحل الاقتحام الأولى بالصواريخ المضادة للدروع.
وأشار الأحمد إلى أن المليشيات لم تنجح في التصدي للهجمات العنيفة التي شنتها المعارضة نحو “كلية المدفعية” رغم الجهد العسكري الكبير الذي بذلته، والتعزيزات الكبيرة التي قدمتها مليشيات “حزب الله” و”الحرس الثوري” و”الباسيج”. ذلك عدا عن التغطية الجوية الروسية التي ظلت حتى الساعة الأخيرة من المعركة تقدم الدعم وتقصف بشكل مكثف مواقع المعارضة المتقدمة وخطوط امدادها، وتجاوز عدد الغارات التي شنتها المقاتلات الروسية، الجمعة، 150 غارة. بالإضافة إلى القصف المدفعي والصاروخي الذي لم يجدِ نفعاً هو الآخر في وقف تمدد المعارضة التي تمتعت بعنصر المفاجئة والمباغتة.
وأوضح الأحمد أن العملية العسكرية التي بدأتها المعارضة للسيطرة على كامل الثكنات العسكرية؛ “كلية المدفعية” وجوارها، لم تكن متوقعة من حيث التوقيت ولا حتى المحاور التي بدأت منها. وأضاف الأحمد أن المعركة مستمرة حتى تحقق أهدافها وتستكمل السيطرة على “الفنية الجوية” وتفك الحصار عن الأحياء الشرقية المحاصرة من حلب. فالهدف أصبح على بعد مئات الأمتار من المواقع التي وصلت إليها المعارضة.
وتعتبر كليتا “التسليح” و”المدفعية” اللتان سيطرت عليهما المعارضة، مستودعاً للذخائر المتنوعة، وفيهما كميات كبيرة من شتى صنوف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، ولم تتمكن قوات النظام والمليشيات من تفريغها نظراً لكمياتها الكبيرة وعدم توقع سيطرة المعارضة عليهما بهذه السرعة.
وغنمت المعارضة أكثر من عشر دبابات من مختلف الطرازات، وخمسة مدافع ميدان ثقيلة روسية الصنع، من مختلف العيارات، وصواريخ “مالودكا” وعدداً كبيراً من السيارات العسكرية الروسية، وكميات كبيرة من الذخائر لم تُعرف بعد كمياتها بالتحديد.
قائد “فرقة السلطان مراد” العقيد أحمد العثمان، قال لـ”المدن”: “نحن نعرف أن قوة النظام في حلب هي بوجود الكليات العسكرية التي تم تحصينها بشكل كبير ومنها يتم قصف كل جبهات حلب بالمدفعية الثقيلة وقذائف الدبابات والصواريخ والراجمات”. فتلك الكليات تعتبر الخزان الرئيس للسلاح والذخيرة في حلب وسقوطها يعني سقوط قوة النظام في حلب، ما يعني بدء مرحلة جديدة بملامح مختلفة تماماً عن المرحلة الماضية.
وأوضح العقيد العثمان أن العقبة الأكبر قد أزاحتها المعارضة من طريقها، وبقي عليها أن توسع نطاق سيطرتها لتصل إلى الضفة الأخرى المحاصرة، فهناك ضرورة ملحة للإسراع في فك الحصار، حيث تعيش الأحياء الشرقية واقعاً إنسانياً صعباً رغم قصر مدة الحصار، وتحديداً الجانب الطبي. فالطيران الروسي دمر المستشفيات والمستوصفات.
وتمكنت المعارضة أخيراً من قطع طريق الراموسة على النظام، الذي كان يعتبر خط الامداد الرئيس القادم من جنوب حلب والبادية نحو الأحياء الغربية التي يسيطر عليها في المدينة. لكن النظام لم يُحاصر بقطع الطريق التقليدي عليه من قبل المعارضة، فهناك طريق امداد جديد يعبر الضواحي الشمالية في الملاح والكاستللو، مروراً بأحياء بني زيد والخالدية وشيحان، التي سيطر عليها أواخر تموز/يوليو، وعلى إثرها حاصر مناطق سيطرة المعارضة في المدينة.
وعلى ما يبدو فالنظام والمليشيات كانوا يتوقعون أسوأ الاحتمالات، أي تقدم المعارضة وقطع طريق الراموسة، فراحت مليشيات “لواء القدس” و”الباقر” و”حزب الله”، تشنُّ هجمات مكثفة خلال الأيام الماضية نحو الجندول والمخيم والشقيف، شمالي حلب، لتوسع عرض الطريق وتحقق أكبر قدر ممكن من التأمين لطريقها الجديد من قذائف المعارضة التي لم تتوقف طيلة الفترة الماضية وحصدت الكثير من المدرعات والسيارات العسكرية للمليشيات بصواريخ مضادة للدروع.
المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى