
فــرحان مرعــي: حزب يكيتي يرى في سقوط الأسد بداية مرحلة جديدة وطوي أخرى من الاستبداد
Yekiti Media
سقط الأسد، وسقطت معه منظومة الاستبداد التي حكمت البلاد والعباد، فكانت لدى الفئة الواسعة من السوريين 54 سنة من الحرمان والجهل و الإقصاء و انعدام الخدمات، والسجن والتغييب والقتل والنفي، وما أن سيطرت هيئة تحرير الشام، وهو تنظيم إسلامي متشدّد، بدأت فئات كبيرة من السوريين تخاف المستقبل الغامض، تخاف من المجهول القادم، لكنهم بطبيعة الحال سعداء بإسقاط الأسد…
يكيتي ميديا حاورت عضو اللجة السياسية الحزب يكيتي، الكاتب فرحان مرعي بالاستفسار عن، سقوط نظام بشار الأسد، كيف كان شعوركم وقتها بعد نصف قرنٍ من الاستبداد؟ و كيف تلقّت قيادة الحزب الخبر؟ يقول مرعي في معرض رده على موقعنا: من سوء حظنا أننا قضينا معظم عمرنا في حقبة البعث وحكم آل الأسد، ومنذ أن وعيت، لم أستسغ هذا النظام ولا فكر البعث العنصري، ومنذ المراحل الدراسية الأولى لم أردّد شعارات هذا النظام: بالروح بالدم نفديك.. قائدنا إلى الأبد….
وأضاف: وعندما انضممت مبكراً إلى صفوف الحزب الشيوعي السوري، كنت مختلفاً مع زملائي في تقييم نظام الأسد، الذي كان يعتبرونه وطنياً ومعادياً للإمبريالية والصهيونية، وعندما انتسبت إلى صفوف الحركة السياسية الكُردية، يكيتي الكُردستاني، ترسّخت مبادئي أكثر فأكثر، وكانت أُمنيتي السياسية سقوط هذا النظام القمعي، الأمني، لذلك كانت فرحتي كبيرة جداً لحظة هروب رأس النظام وسقوط منظومته الأمنية والعسكرية، في٨- ١٢ ،٢٠٢٤ ولم أنم ليلة السقوط، ومن الطبيعي أن تكون فرحة حزب يكيتي الكُـردستاني – سوريا كبيرة أيضاً ، وخاصةً أنّ هذا الحزب من أوائل الأحزاب الكُردية الذي قام بالمظاهرات في دمشق مطالباً بإلغاء وإنهاء المظالم ضد الكُـرد، في وقت كانت المظاهرات خط أحمر بالنسبة للنظام، كما تعرّضت قيادات هذا الحزب إلى الاعتقال والسجن لسنوات طويلة، لذلك وجد حزب يكيتي في سقوط الأسد بداية مرحلة جديدة وطوي مرحلة طويلة من الاستبداد الذي عانى منه السوريون والكُـرد وكلّ الشعب السوري آملين بعهد جديد من الأمن والاستقرار.
وحول وجود معلومات تفيد بسقوط الأسد لدى يكيتي والمجلس الوطني أم أنّ الأحداث كانت متسارعة ؟ يسرد مرعي بالقول: لقد ساعدت عوامل محلية ودولية وإقليمية عديدة في سقوط النظام، وان جاء التوقيت مفاجئاً، للجميع، وكانت أداة التنفيذ هيئة تحرير الشام التي كانت تحكم محافظة إدلب في إطار مناطق النفوذ الدولية على الساحة السورية، من هذه العوامل استمرار الثورة، الأزمة السورية لمدة أربعة عشر عاماً، وتراكم المأساة ومعاناة الشعب السوري إلى مرحلة عدم التحمل ،وحرب غزة، والقضاء على حركة حماس ثم على حزب الله، وانهيار النفوذ الإيراني في المنطقة، وتولي ترامب السلطة للمرة الثانية في حكم أمريكا ، هذه العوامل وغيرها ساعدت على سقوط الحكم في سوريا، نعم، كان للحزب معلومات عن سقوط حلب، ولكن فيما بعد، مع الانهيار المفاجئ لقوات نظام للأسد، وهروبه ، هذا لم يكن في الحسبان.
وحول المستقبل ، وهل يخاف الكُرد في سوريا منه بحكم أنّّ مَن يحكمها هم إسلاميون متشدّدون، لا سيما أنّ هذه هي أول مرة يصل الإسلاميون إلى سدة الحكم.؟ أكـّـد مرعي أنّ سقوط نظام الاستبداد في دمشق يعتبر حدثاً كبيراً جداً، وألقى بظلاله على كامل الشرق الأوسط، ما لسوريا من أهمية جيوسياسية في المنطقة، و زاد: لقد انتهى النظام القديم، أما الجديد لم يتوضّح بعد، وخاصةً أنّ القوة(هيئة تحرير الشام)، التي أسقطت مباشرة النظام، ذات إشكالية دينية متشددة، وكانت وما زالت على قائمة الإرهاب دولياً، لذلك، إنّ السوريين عموماً بكلّ فئاتهم ومكوناتهم، قلقون وحذرون من السلطة الجديدة ومن الآيديولوجيا الدينية التي تتبنّاها، وهم في قرارة أنفسهم يقولون إننا لن نسقط استبداداً سياسياً، لنحلّ محله استبداداً دينياً، وخاصةً أنّ سوريا بلد متعدد الثقافات والقوميات والأديان لا تتحمّل حكماً ثيوقراطياً دينياً.
وتابع بالقول: حقيقةً، استقبل السوريون سقوط النظام، بفرح واحتفالات عامرة، بعد عقود من الاستبداد والظلم والقمع، والقتل والجوع، ولكن فرحتهم غير مكتملة مشوّبة بالحذر والقلق، خوفاً من إرث الاستبداد، أن تعيد إنتاجه، بشكل جديد،وخاصةً أنّ التدخل الدولي كبير في سوريا، ومصلحة السوريين ليست الأولوية عندهم، ومصلحتهم هي العليا، لذلك مستقبل سوريا غامض تتقاذفه الأهواء الدولية، في ظلّ غياب الإرادة السورية للتغيير نتيجة سنين طويلة من القمع والتشتيت والتهجير.
وبشأن العمل مع المعارضة طوال السنوات الماضية، وماذا جنى الكُرد من ذلك؟ شدّد مرعي أنه كان من الطبيعي أن تنضمّ الحركة السياسية الكُردية بعد الثورة ٢٠١١، إلى صفوف المعارضة والائتلاف المعارض، بسبب ما عاناه الشعب الكُردي من نظام الأسد والبعث من ويلاتٍ وقمع وإنكار الهوية القومية، وتطبيق مشاريع عنصرية ضد الكُـرد، واستطاع ممثلو المجلس الوطني الكُـردي في المعارضة والائتلاف من نقل وشرح القضية الكُردية في المحافل الدولية والمؤتمرات الدولية حول سوريا، حتى أصبحت القضية الكُـردية في سوريا ،بعد سقوط النظام، من أكثر القضايا إثارة وتداولاً على الصعيد الدولي، ويربط كثير من المراقبين بين السلام والاستقرار في سوريا وبين الاعتراف بالكُـرد كقومية أساسية في سوريا، إلى جانب المكونات الأخرى، فخرجت القضية الكُـردية في الواقع من إطار المحلية السورية إلى الفضاء الإقليمي والدولي، وأصبح مشروع السلام وحلّ القضية الكُـردية عموماً من أولويات السياسة العالمية في الشرق الأوسط.
أما بخصوص تمدد الحراك التنظيمي و الجماهيري للمجلس ولأحزابه السياسية لا سيما في حلب ، دمشق ، وهما كانتا مركزاً للنشاط الحزبي الكُردي، قبل الثورة السورية، ومدن أخرى في الداخل السوري، والأمر سيان بالنسبة لحمص، حماة ، اللاذقية، وبحسب المعلومات هناك قرى و أحياء ذات غالبية كُردية ، وحول وجود قنوات تواصل بين المجلس واحزابه وتلك المناطق؟ أشار مرعي أنه وبعد سقوط النظام، شعر الناس بالحرية والأمان، برزت مسألة القوميات والطوائف والأديان، وحقوقهم، واحترام ثقافاتهم ومعتقداتهم، في هذه المناخات الإيجابية، خرج الناس من مختلف المكونات يعبّرون عن هوياتهم وخصوصياتهم، كما الكُـرد المنتشرون على كامل الجغرافيا السورية، لذلك وجدت الحركة السياسية الكُردية فرصة مناسبة للتواصل مع الكُـرد المقيمين في كافة المحافظات، وفتح مكاتب لها في المحافظات الرئيسية مثل حلب ودمشق، والتواصل مع الطلبة وإعادة التنظيم كما كان في الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي، والتواصل مع الكُرد في محافظات حماه واللاذقية حيث تواجد الكُرد كبير فيها.