فليكن البارزاني إذا بسمارك الكرد
وليد حاج عبد القادر
في زاويته المعنونة ( العراق وكردستان الكبرى ) بصحيفة الحياة العدد ١٩٨٥٣ تاريخ ١٢/٨/٢٠١٧ وفي عدة زوايا أخرى سابقة له تطرق السيد مصطفى زين الى القضية الكردية وكردستان يحملها كل مآسي العالم العربي وفشل بعض دولها بنظم حكمها ، في وقت لإنزال نتمنى من غالبية المثقفين / العرب / وقبل الخوض في قضايا الشعوب التي ألحقت جبرا بدول عربية وفي ظروف تاريخية كنتاج لتسويات أممية لم تكن عادلة والدول تلك هي بحد ذاتها تشكلت كنتاج لتلك المقررات، نقول، تمنينا لو بذل هؤلاء قليلا من الوقت وتعمقوا في آلية تلك التشكلات خاصة أن بعضا منها قد لامست وبإجحاف مناطق عديدة تمسهم قوميا أيضا وباختصار، فأن ما يكتبه السيد مصطفى زين حول الموقف من القضية الكردية واستقلال كردستان لا تعبر سوى عن موقف شوفيني بعيد كليا عن الأسس المعرفية والتي تتوجب الاستناد عليها لمن يريد صياغة أية رؤية ترتكز على الموضوعية المستندة / لهكذا موضوع / على الحقائق التاريخية والجغرافية لاسيما أنه / السيد زين / بموقفه يسعى لنفي وجود قضية وشعب ووطن، هذا الشعب وبوطنه يتجاور ويتداخل أيضا مع قضايا الشعوب العربية وعلى بقعتها الجغرافية تموضعت كثير من المخططات التي استهدفتها بدءا من الإحتلالات وصولا إلى التقسيمات وتشكل خرائط جديدة خاصة بعد سايكس – بيكو.
وأجزم هنا ! لو أن السيد مصطفى زين عاد إلى معطيات التاريخ والجغرافيا وركز بعيدا عن الانتقائية في مفاهيم الشعوب والأوطان وبخاصية أعني بها كردستان، لبدت له وبكل بساطة بأن هذه البقعة الجغرافية كانت تتسمى بكردستان وهي ليست بدعة اخترعها الكرد ؟ أو ليست الأمانة العلمية ودقتها تتطلب منه العودة إلى سياقات التاريخ وتلكم التشكلات الاجتماعية ببقاعها التي احتلت عثمانيا وصفويا وحافظت على تسمياتها وخصوصياتها ومن ضمنها كثير من البقاع العربية، ومع تأزم الوضع العالمي والذي أدى الى الحرب الكونية الأولى وبدايات تسريب مخططات سايكس بيكو التي تشكلت أصلا وفق تفاهمات الشريف حسين ومكماهون بخصوصيتها العربية وبقيت كردستان / ثلاثة أجزاء منها / خارج تلك التفاهمات ورسمت آفاق ملامحها باتفاقية سيفر وإن أجهضت في لوزان، وعلى إثرها اندلعت انتفاضات وثورات كردية عديدة، وباختصار شديد ثانية وفي العودة الى السيد مصطفى زين وفي كل مرة يتناول فيها هذه المسألة يختلق فزاعة تتوائم مع مواقف العنصريين الفرس والأتراك وفي تجاهل كامل عن المعطيات التاريخية والجغرافية والتي / لو أراد / لأمكنه الوصول إلى أدق التفاصيل وتعرف على الثورات الكردستانية التي وقفت بالضد من الإلحاقات والتقسيمات التي طبقت بحقها ولأدرك بأنه أجحف كثيرا في توصيفاته التي تبدو الآن سلعة بائرة ومنتهية الصلاحية سيما في موضوعة / اتهام / الكرد باستغلال الوضع والفوضى ولعل الحدث التالي ونقلا من لقاء كانت قد أجرته الصحفية المصرية الراحلة درية عوني مع القائد التاريخي للكرد مصطفى البارزاني لمجلة المصور سنة ١٩٧٠، حيث كانت قد سألته عن سبب إعلانه وقف إطلاق النار من جانب واحد أثناء حرب عام ١٩٦٧ وكان رده كي لا يتحجج النظام العراقي بالثورة الكردية ويرسل قوات لمؤازرة سوريا ومصر وهذا الموقف خلق أزمة داخلية بينه وبعض من قادة الثورة الذين رفضوا ذلك فرد عليهم البارزاني رد بالآية الكريمة / ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر / .
وبإيجاز شديد وفي العودة إلى النضال القومي الكردستاني ينلاحظ بأنه سبق كل التشكلات الدولانية العربية المؤطرة حاليا، وأن الثورات الكردية اتقدت منذ بدايات القرن ١٦ وكل بقعة من كردستان لها حكاياتها عن ثوراتها، والتي تعمد السيد زين في زوايا عديدة القفز عليها ونفيها ولتخونه / أحيانا / جمله وعباراته كما هذا المقطع من زاويته الأخيرة .. ( إطمأن الرجل إلى أن أي حزب كردي لن يجرؤ على معارضته ، نظرا إلى شعبية الطرح ، فأي مخالف سيعتبر خائنا للقضية والقبلية ) أو ليست هذه نتيجة لاستفتاء منجز وإقرار صريح بإرادة الشعب في كردستان وكنتيجة طبيعية لنضال استدام منذ باكورة النضال القومي الكردستاني والذي على أرضيته تأسس شعور متنام تشبث بحق تقرير المصير وتطور إلى حد المطالبة بالإستقلال، هذا المصطلح الحقوقي التي أثارت الكاتب وجعلته يخرج / بالتمام / عن طوع المعرفة فيخلط الأمور ويشابكها بمنطق عجائبي لا يليق بكاتب زاوية وبصحيفة في سوية الحياة المشهودة لها كواحدة من أهم منابر صناعة الرأي في المنطقة ككل وبتماس مع جزأين من كردستان أيضا، يقول السيد زين .. ( .. القمع وحده لا يكفي لشد العصبية القومية والقبلية ، لذا لجأ المسؤولون في حزب بارزاني الى عملية تضليل كبيرة ، رفعوا شعار الاستقلال بدلا من الانفصال للإيحاء بأن العراق دولة تحتل أرضهم وتتحكم بمصيرهم … )
وهنا بالضبط ينكشف معضلة السيد زين وتجاهله المتعمد للتاريخ والخلط في المصطلحات والمفاهيم ! ويتناسى تماما بأن تقرير المصير والافتراق سيسميه كل جهة وفق رؤيته ، النظام العراقي سيعتبره انفصالا ، وشعب كردستان استقلالا ، هذا الإستقلال الذي مارسه عمليا محمود الحفيد قبل إعلان الانتداب البريطاني على العراق ومحافظة الموصل وإعلانه مملكة كردستان .. إن فشل الدولتان العراقية والسورية في التحول إلى دولتين عابرتين لوحدانية التوجه القومي وممارستهما لسياسة التعريب الممنهج قابلها إصرار ومقاومة بكل السبل ولتلك الممارسات فرضت في العراق ومن خلال دستورها وبمادتها الأولى مبدأ التشارك بين الشعبين العربي والكردي و .. وطبيعي حينما فشلت الدولة بمؤسساتها المركزية في تطبيق ذلك و اجحاف جهة بحق أخرى ، من الطبيعي أن يبحث الآخر في مصلحة شعبه وبخاصية الشعب هنا فطبيعي أنها تعني الشعب والأرض أي الشعب الكردي وكردستان والمعترفتان بهما في دءتور التراق ومنذ سنين بعيدة وجملة أخيرة لربما سعى والد مسعود وكان غاريبالدي الكرد فحري بمسعود البارزاني وهي ليست نقيصة إن سعى كبسمارك بروسيا فيوحد القبائل والجماعات وكشعب كردستان / لا أشك مطلقا / بأنهم سيقولون نعم لاستقلال كردستان.