قنصليات النظام في الخارج.. فساد ورشاوى وإذلال للمراجعين
بعد أن اضطر ملايين السوريين للخروج من سوريا التي دمرها قصف النظام وحلفائه وأعوانه هرباً بأرواحهم وأرواح عائلاتهم، وجد هؤلاء أنفسهم أنهم مضطرون لمراجعة سفارات النظام وقنصلياته في البلاد التي لجؤوا إليها لإتمام معاملاتهم، خاصة وأن المجتمع الدولي مازال لا يعترف إلا بالأوراق الصادرة عن حكومة هذا النظام رغم أن كثيراً من بلاد العالم اعتبرته نظاماً غير شرعي.
واستغل النظام وموظفوه في كثير من قنصلياته وسفاراته في الخارج حاجة السوريين واضطرارهم لاستخراج أوراق تساعد على استمرار حياتهم في بلدان اللجوء، عن طريق ابتزازهم واضطرارهم لدفع الرشاوى المبطنة والمكشوفة لإتمام معاملاتهم.
قنصلية اسطنبول
ففي تركيا، وفي منطقة راقية في اسطنبول توجد قنصلية النظام، التي يقف يومياً أمام بابها عشرات ومئات السوريين أحياناً، لإتمام معاملاتهم التي لا تتم بسهولة مطلقاً، ويضطر المراجع للوقوف ساعات طويلة في الشارع، وغالباً يؤجل ليوم أو أيام أخرى ليستطيع إتمام معاملته التي لا تحتاج في أسوأ الأحوال إلا دقائق معدودة لإتمامها، رغم أن القنصلية لا تستقبل إلا من حجز موعداً مسبقاً، وبالطبع لا يوجد أي التزام بموعد أو وقت.
حجز الدور نفسه، لإتمام معاملة في القنصلية السورية في اسطنبول لا يتم إلا عبر وسطاء، رغم وجود نافذة إلكترونية لحجز المواعيد لكن لا يمكن استعمالها مطلقاً من قبل المراجعين، الذين يلجؤون لمكاتب وسيطة لحجز الموعد، ولكل دور تسعيرة خاصة حسب المعاملة، فدور تصديق الأوراق يتراوح ثمنه بين 100 إلى 150 ليرة تركية بينما يرتفع هذا السعر ليصل من 200 إلى 300 دولار (الدولار اليوم أكثر من 4.5 ليرة تركية) لحجز دور من أجل استخراج جواز سفر أو تجديده.
وأمام باب القنصلية يقف السوريون يومياً بإذلال، ويتلقون اعتراضات ويسمعون صيحات الاستهجان من المارة ومن أصحاب المحلات الموجودة في المنطقة، كون تجمعهم يمنع المتسوقين من دخول هذه المحال التجارية ويسبب إرباكاً للمارة.
يتبادل المراجعون أحاديث حول تجاربهم السيئة في التعامل مع القنصلية، ويجمعون على أن هذه الطريقة هدفها الأول إذلال السوريين الذين يصنفهم النظام على أنهم أعداؤه، ويستغل حاجتهم لسحب أكبر قدر ممكن من الأموال من جيوبهم بعد أن سرق بيوتهم ودمر أرضهم. ويتساءلون متى سيتمكنون من وضع حد لمثل هذه التصرفات التي تسيء لهم ولبلدهم.
في مصر .. عليك بحلاق القنصل
ذكر موقع “اقتصاد مال وأعمال السوريين” أنه منذ نحو عام، أطلق سفير النظام في مصر، بوابة الكترونية من أجل حجز موعد لتجديد جوازات السفر، إلا أن السوريين فوجئوا بصعوبة الحصول على دور عبر هذه البوابة الالكترونية، ليبرز دور الوسيط الذي بإمكانه حجز الدور بعد أخذ عمولة بالدولار.
وبحسب الموقع فإن حلاق القنصل، (م، إ)، يملك محلاً للحلاقة في منطقة 6 أكتوبر قرب القاهرة، ويستطيع أن ينجز الأوراق والمعاملات بسرعة قياسية، مقابل عمولة مجزية بالدولار وحسب نوعية المعاملة.
واللافت أن هذا الحلاق يصرح علناً أن هذه العمولة التي يتقاضاها ليست كلها له، وإنما للقنصل، (خ، أ)، الذي تربطه علاقة معه، كونه حلاقه الشخصي.
وأصبح دكان هذا الحلاق مقصداً للكثير من السوريين، الذين تعطلت مصالحهم جراء الإجراءات البيروقراطية المقصودة في السفارة، وهم في كثير من الأحيان يتوسلون لهذا الحلاق أن يأخذ ما يشاء من الأموال، لكن الأهم أن تنجز أوراقهم ومعاملاتهم، نظراً لأهميتها في تجديد الإقامة، أو من أجل العمل والأولاد في المدارس، أو لدواعي السفر والتنقل بين المحافظات المصرية أو إلى خارج مصر.
وما يحصل في قنصلية النظام باسطنبول يتكرر في القاهرة، والمستفيد هو نظام الأسد وموظفوه الفاسدون.
في برلين السفارة تبيع جواز السفر
وفي ألمانيا استغلت سفارة النظام فرصة قبول لجوء السوريين لبيع جوازات سفر سورية لأشخاص ليسوا سوريين أصلاً.
وأفاد تقرير لشبكة الإذاعة والتلفزيون العمومية في ولايتي برلين وبراندنبورغ بألمانيا أن هناك مزاعم بأن سفارة النظام في برلين قد أصدرت جوازات سفر لأشخاص دون التحقق من أنهم يحملون الجنسية السورية.
وجاء في التقرير، الذي نُشر على الموقع الإلكتروني للشبكة في يناير/كانون الثاني 2017م أن الادعاء العام الألماني في ولاية برلين فتح تحقيقاً في الموضوع.
واستندت الشبكة إلى تقرير لصحيفة “برلينر تسايتونغ” نُشر العام الماضي ذكرت فيه أن من أصدرت لهم جوازات السفر دخلوا ألمانيا ويقدمون أنفسهم على أنهم طالبي لجوء سوريين.
وحسب الصحيفة البرلينية فإن الموظفين المسؤولين عن إصدار الجوازات تقاضوا مبلغاً إضافياً يبلغ 150 يورو، وذلك إلى جانب الرسوم الرسمية المعلنة وهي 380 يورو.
ويجبر كثير من السوريين بألمانيا على مراجعة سفارة النظام في برلين من أجل تمديد أو تجديد جواز السفر السوري. وقد دعا عدد من الناشطين العام الماضي إلى تنفيذ اعتصام أمام مكتب شؤون الأجانب في مدينة “فرانكفورت” وفي مدن “هامبورغ” و”دوسلدورف” و”دورتموند” في 22 و23 أغسطس/آب الماضي لمطالبة الحكومة الألمانية بإيجاد طريقة لإصدار الأوراق الثبوتية غير مراجعة السفارة السورية في برلين.
قصص متشابهة
ولا تختلف سفارات وقنصليات النظام في بلاد اللجوء الأخرى كثيراً عن هذه السفارات الثلاث ففي سفارة النظام في البحرين يعاني المراجعون من سوء المعاملة ومن التأجيل والابتزاز، رغم أن السفارة تخدم المراجعين السوريين المقيمين في البحرين وغيرها من دول الخليج كالسعودية، وهو ما يعني أعباءً مادية إضافية على المواطن السوري.
أما في العاصمة الماليزية كوالالمبور فذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية أن سفارة النظام هناك تواجههم مشكلة “الفكة (الفراطة)”، فحين يأتي المراجع لتسديد رسوم إنجاز معاملته يقول له الموظف: “لا يوجد فراطة” لكن الموظف لا يحتفظ بالمبلغ على سبيل إنما يعطي إيصالاً للمراجع يثبت به حقه بالمبلغ الذي غالباً لا يتجاوز 10 أو 20 يورو، وبالإمكان صرفه من المصرف المركزي السوري في دمشق. أي أن على المراجع السفر إلى سوريا للحصول على باقي مستحقاته!.
قصص كثيرة يتداولها السوريون في أماكن تواجدهم في بلاد العالم المختلفة أثناء مراجعتهم لسفارات وقنصليات النظام، التي تشترك بعمومها بصفة الفساد والابتزاز واحتقار المراجع والعمل على إذلاله، ومازال السوريون يتساءلون عن الوقت الذي سيمكنهم فيه الخلاص من نظام الأسد وفساده.
alsouria