أخبار - كُردستانشريط آخر الأخبار

كلمة كاميران حاجو، رئيس مكتب العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكوردي في اللجنة الدستورية المصغرة

Yekiti Media

منذ يومين برزت مداخلات من بعض الزملاء حول موضوع العروبة.. ولا شك بأنه لا مشكلة مع العروبة كحالة قومية وحتى كحالة حضارية، لكن هل من الحضارة بشيئ أن يكون ذلك على حساب حرمان الآخرين من حقوقهم وإنكار وجودهم؟ وهل صحيح بأن العروبة قدمت النموذج الأفضل في العالم بمواجهة مشاريع التقسيم؟ عن أي مشاريع تقسيم يتحدث السيد المداخل، وقد استند في إحدى المداخلات على حديث نبوي شريف يقول ” من تكلم العربية فهو عربي”. لقد شككت بصحة الحديث ولأنني لست ضليعا في الشأن الديني أحلت الموضوع إلى غوغل الذي أفادني بأن الحديث ضعيف جدا بحسب موقع إسلام ويب.

لنأتي الآن إلى الواقع ونرى مدى واقعية هذا الحديث: أنا أتكلم العربية ودرست بالعربية ولكنني لست عربيا ولن اصبح عربيا مهما حصل وإلى يوم القيامة ولاتوجد أي قوة تستطيع أن تحولني إلى عربي أو إلى اية قومية أخرى. وفي هذه القاعة العديد من الأمثلة التي تدحض ذلك الحديث. فمثلا السيد بيدرسون يتحدث الإنكليزية وكذلك الرئيسان المشتركان فهل هم انكليز؟ السيد نعومكن يتحدث العربية فهل هو عربي؟

السؤال الأهم هو لماذا حاول السيد المداخل استخدام الدين وعبر الاستناد إلى حديث ضعيف جدا للرسول الكريم لغاية سياسية هل يجوز ذلك؟
لا أحد يعترض على اعتزاز العربي بعروبته وبلغته العربية، لكن ما نعترض عليه هو أن البعض لا يقبل أن يعتز الكوردي بكورديته ولا الآشوري بآشوريته، وما يعتبره حقا لنفسه لا يمكن التنازل عنه، ينكره على الآخرين ويعتبر ذلك جريمة تستحق العقاب. كيف لنا ان نتحدث عن مفهوم المواطنة المتساوية ولا نقر بوجود الآخر المختلف.
نتحدث ونعتز بالتنوع الثقافي وفي نفس الوقت نقتل هذا التنوع بإنكاره.
لا نريد لمثل هذه الأفكار ان تدمر ما تبقى من سوريا المتنوعة قوميا وثقافيا.

كيف لنا ان نتحدث عن المساواة في الحقوق وأنت ترى أن العروبة هي الحضارة وتطلب من باقي المكونات السورية الإقرار بهذه الحقيقة. وهذا يعني بأنك تنكر عليهم مشاركتهم في تكوين الحضارة التي تتحدث عنها، أفليست الحضارة تعريفا هي مجموعة المظاهر العلمية والادبية والفنية وكذلك الاجتماعية الموجودة في المجتمع وان الحضارات الانسانية المختلفة هي فعل تراكمي استند في كل مرحلة الى التجارب التي سبقته؟
كيف لك ان تقنعني بالمساواة بين المواطنين السوريين والقوانين السورية تصف المواطن السوري بالعربي وليس بالسوري كقانون الجنسية رقم 276 لعام 1969 وقانون الاحوال المدنية رقم 26 لعام 2007.

دعوني أذكّر حضراتكم ببعض الأمور التي جرت باسم العروبة:
تم إنكار وجود الكورد والسريان الآشوريين وغيرهم من القوميات غير العربية.
تم تجريد مئات آلاف من الكورد من الجنسية (بموجب الإحصاء الاستثنائي)
تم تغيير أسماء مئات القرى من الكوردية إلى أسماء عربية.
تم جلب الغمر لتغيير التركيبة السكانية.
تم منع الثقافة واللغة الكوردية والسريانية.
تم منع الاحتفالات بالمناسبات القومية كعيد النيروز ورأس السنة الآشورية.
ما هذا الربط الميكانيكي السافر بين حصول القوميات غير العربية على حقوقهم وتهديد العروبة؟!!

أنا كوردي أنا سرياني أنا تركماني … فلماذ تصر على أن تضعني في القالب الذي تريده وتفصله على قياسك، عليك أن تقر بوجودي إلى جانبك حتى أطمئن وأصدق حديثك عن المواطنة المتساوية.

منذ تأسيسها (بقرار استعماري) كانت الدولة السورية دولة تنوع بكل مستوياته إلى أن محور التنوع القومي تم تغييبه عن كل الدساتير ويبدو بأنه لاتزال هناك محاولات تصب بذلك الاتجاه تحت اسم المواطنة والوطنية… هل تعرفون كيف كانت تجربتنا مع الهوية العربية لسوريا منذ نشأتها؟ أعتقد بأن الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الدراسة والدراية بقدر ما يحتاج إلى القليل من التفكير بالآخر الذي تم محاصرة وتهميش هويته واسمه وثقافته في كل المجالات والمستويات. هل شاهدتم يوما عملا دراميا سوريا ينطق أحدهم خلاله بالكوردية؟ هل تم تسمية اسم شارع وأحد بأسماء شخصيات غير عربية إسلامية؟

وعليه فإن أي هوية وطنية سورية لا تنهل من حالة التنوع القومي والديني والثقافي والحضاري وعلى كامل المسار التاريخي لنشوء الحضارة في هذه البقعة التي تسمى سوريا ستكون هوية عرجاء وناقصة ولا تعكس الهوية الحقيقية لسوريا التي لا تزال تذخر بكل ذلك التنوع وبتجلياته الواقعية في الموسيقى والغناء والأدب وأيضا اللهجات المحلية وفي أسماء مئات القرى والبلدات وما تشهد عليه الأوابد التاريخية والرقم والآثارات تحت الارض وفوقها والتي تؤكد حضور حضاري متنوع في الهوية السورية الراهنة.

إن دولة المواطنة أيتها السيدات ايها السادة يجب أن تصف تماما حالة ” دولة كل المواطنين” ، أما أذا ألحقت الدولة وهويتها بأية صبغة قومية او دينية او ايديولوجية فستكون حينها دولة بعض السوريين، ودولة الغلبة والفرض والإقصاء على البقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى