آراء

كل الطرق تلتقي عند بارزاني

صبحي ساله‌يي

كلما يقف الكوردستانيون على أعتاب المتغيرات المتوقعة الحادة وفي مواجهة الأزمات المفتعلة والخانقة واستحقاقات المستقبل، وأثناء المحن والمصائب والظروف الحالكة، وكلما يدركون أن التجربة الكوردستانية ومشروعها الديموقراطي في خطر، وكلما يرون أنهم يقتربون من الانقسام والتشرذم والصراعات العبثية، يتذكرون ضرورات توحيد الصفوف والخطاب، وبنبرات هادئة يدعون الى وحدة البيت الكوردي، وتتجه أنظارهم الى الرئيس مسعود بارزاني ليعلن عن مبادرة أو مشروع وطني لإنهاء الازمة، ورأب الصدع وتقريب وجهات النظر، وفتح صفحة جديدة في العلاقات وتمتين وتعزيز وحدة البيت الكوردي.

الكورد اليوم، بعد أن أدلوا بأصواتهم في الإنتخابات، وفي إطار الحراك الجاري لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، وفي سياق مراكمة وتكثيف الجهود من أجل الوصول الى صيغة توافقية تمنح الاطراف الكوردستانية مساحتها السياسية للمشاركة الفعلية في عملية صنع القرار السياسي العراقي. يقفون أمام إستحقاق إنتقالي وطني وقومي جديد يحددون فيه موقفهم السياسي، بكل معطياته وحيثياته، تجاه العملية السياسية والحكومة العراقية القادمة، وهذا يعني أنه آن الأوان لتلاقي كلمتهم وموقفهم وتوحيد صفوفهم، لأن هذا التلاقي سيشكل نقلة نوعية تمنح قوة سياسية أكبر للكوردستانيين. ويعنيالإلتقاء عند الرئيس بارزاني الملتزم بالنهج التسامحي للبارزاني الخالد، لإنهاء حالة الانقسام ودفن المؤامرات التي تحاك ضد الكورد، ولمّ الشمل ومتابعة المسعى دون يأس والجلوس حول الطاولة الكوردية المستديرة، وتقدير جسامة المسؤولية التاريخية والتحديات الكبيرة والتحرك بكل الاتجاهات وعلى كل الاصعدة من أجل حلحلة القضايا الخلافية، وضمان حقوق الكوردستانيين، والحفاظ على المكتسبات المتحققة.

الجلوس حول الطاولة الكوردية المستديرة والاتفاق على المباديء المشتركة والالتزام بالدستور، والبحث عن خارطة طريق تنهي جميع المشكلات القائمة، فاتحة خير تبرهن أن الحاضرين وطنيون وسياسيون محترفون يمكن الوثوق بهم في توجيه الأمور نحو تحقيق نتائج مذهلة بكل المقايس، ويمكن الإعتماد عليهم في إعادة الثقة المفقودة بينهم وفق رؤية إستراتيجية وطنية تنهي الصراع، والإقرار بالخلافات والتأكيد على إمكانية تطبيعها، والمبادرة بإنتقاد الذات قبل الآخرين وقراءة المشهد السياسي بعقلانية واضحة ورصينة والإسهام في إصلاح ما أفسده الدهر في العلاقات التي دفع ضريبتها الناس البسطاء. خاصة مع بدء العد التنازلي لموعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وتوافد قادة ومسؤولي الكتل والأطراف السياسية العراقية إلى أربيل للإجتماع مع الرئيس بارزاني، وهم يعوّلون على مواقفه لأنه مازال مؤثراً ومتحكماً بأوراق اللعبة في الإقليم وبالقرار الكوردي على الأرض.

وهنا يطرح السؤال نفسه : لماذا تتجه الأنظار نحو الرئيس مسعود البارزاني؟

الجواب: لأنه يحمل ذكاءاً سياسياً خارقاً وفكراً إنسانياً قومياً بعيداً عن المفردات الحزبية والانتماء السياسي، ويتخذ من القيم والمبادىء نظاماً لعمله القيادي والسياسي والوطني ويملك الدراية والمعرفة بمسالك ودهاليز السياسة، ولأنه هو رجل المرحلة وهو القادر على تحمل هذا المهمة الوطنية العظيمة والتي ستكون بداية لتحقيق آمال وطموحات كبيرة.

ولأنه يثق الجميع بأنه بصراحته المعهودة ومواقفه المبدئية الصارمة، عازم على ترتيب البيت الكوردستاني، وهذا الترتيب يأتي في مقدمة أولوياته ويشغل المساحة الاكبر من وقته وجهده، وإنه على إستعداد ليزيد من لقاءاته مع مختلف الاحزاب الكوردستانية والشرائح الاجتماعية ومكونات المجتمع الكوردستاني القومية والدينية.

ولأنه راع وطني محايد قادر على تحييد المؤثرات الإقليمية والدولية التي تمنع الإتفاقات البينية، ومقبول لدى جميع الأطراف، وقد شاهدناه مراراً وهو المترجم الأمين لرسالته الدائمة في التواضع والتفاني ونبذ سياسات العنف والإنتقام. ونورد هنا ماقاله، معهد بروكينغز للدراسات الإستراتيجية الدولية على لسان كينس بولاك رئيس مركز سابات بشأنه: (بالنسبة لمن لايعرفون السيد مسعود بارزاني أقول إن هذا البيشمركه هو في الشرق الأوسط بمثابة باريس لفرنسا، حيث تلتقي كل الطرق عند بارزاني).

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عــن رأي Yekiti Media

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى