
كوباني في مهب الجفاف.. فشل الموسم الزراعي يهدّد لقمة العيش
Yekiti Media
في قلب سهول الفرات، تعيش كوباني اليوم واحدة من أقسى أزماتها الزراعية، مع فشل الموسم الزراعي للعام
الحالي، وتدهور الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة. لم يعد الأمر مجرّد انخفاض في محصول القمح أو الشعير، بل بات يهدّد أسس الحياة الاقتصادية والاجتماعية في منطقة تعتمد كليًا على الزراعة كمصدر وحيد للدخل.
جفاف وأعباء مالية
شهدت كوباني هذا العام شحًّا في الأمطار، وتأخّر هطولها عن موعدها الطبيعي، ما أدّى إلى ضعف الإنبات، وجفاف مساحات واسعة من الأراضي البعلية، التي تشكّل النسبة الأكبر من المساحات المزروعة. ومع انعدام مصادر بديلة للري، أصبح الأمل بالحصول على محصول مجزٍ شبه معدوم. تُضاف إلى هذه الكارثة البيئية أزمة أخرى لا تقلّ خطراً، وهي الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي من أسمدة، وبذور، محروقات، بالإضافة إلى صعوبة توفير الآليات الزراعية الضرورية. وقد اضطرّ العديد من المزارعين للاقتراض من أجل تأمين مستلزمات الموسم، ما يضعهم اليوم أمام عجز حقيقي عن سداد ديونهم.
الزراعة… عماد الاقتصاد المنهك
تشكّل الزراعة الركيزة الاقتصادية الأولى في كوباني، وتشغّل نسبة كبيرة من السكان، خصوصًا في الأرياف. ومع غياب المصانع أو المشاريع الاستثمارية الكبرى، تعتمد آلاف العائلات على دخلها من زراعة الحبوب والخضراوات. ومع فشل هذا الموسم، بدأت تداعيات الأزمة تتوسع لتشمل الأسواق، والقدرة الشرائية، وحتى الاستقرار الاجتماعي.
يكيتي ميديا تلتقي مع المزارعين…
بالصدد، كان لموقعنا لقاءات مع بعض المزارعين، الذين أوضحوا بدورهم الصعوبات التي يواجهونها في هذا الموسم مع انحسار الأمطار وانعدام الدعم من قبل إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي، والمحسوبيات لدى المنظمات العاملة في المنطقة.
فواز بوزان، وهو مزارع من ريف كوباني الشرقي، يسرد لمراسلنا بالقول: ” لم نرَ موسماً أسوأ من الموسم الحالي، الأرض يابسة، والمطر كان متأخراً، والأسعار بالنسبة للسنوات الماضية عالية جداً، زرعنا على أمل أن نعيش، ولكن كثرت علينا الديون. كل تعبنا راح سدى.”
بدوره أوضح المزارع علي مصطفى قائلاً: ” نعمل بالسنة كلها لكي نؤمّن الخبز لأطفالنا. ولكن السنة، حتى الحصاد لم يكن بوسعنا إكماله، لا حصادات، ولا دعم، ولا شي. وكأننا نعمل بمفردنا بدون أن يسمع صوتنا أحدا”.
الأرقام تتحدث
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 115 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في منطقة كوباني تعتمد على مياه الأمطار، فيما لا تتجاوز المساحات المروية 59 ألف هكتار. ومع فشل الموسم البعلي، فإن أكثر من ثلثي المساحات المزروعة كانت عرضة لخطر الجفاف.
غياب واضح للدعم
رغم جسامة الأزمة، يشكو المزارعون من غياب حقيقي للدعم الحكومي أو المؤسساتي، سواء في شكل مساعدات مالية، أو تخفيض أسعار المستلزمات، كما أن نقص عدد الحصادات في المنطقة زاد من تفاقم الوضع، حيث توجهت العديد منها لمناطق أخرى.
مستقبل مهدد
إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فإنّ الموسم الزراعي المقبل مهدد بنفس المصير، وربما أسوأ. ويؤكد المزارعون أن الاستمرار في هذه الظروف يعني التخلي عن الأرض، والهجرة نحو المدن، أو حتى إلى الخارج، بحثًا عن فرص للعيش.
تجدر الإشارة إلى إن انحسار الأمطار في الموسم الزراعي شمل جميع مناطق كُـردستان سوريا.