كوباني.. ملامح سيناريو مقلق
د. محمد جمعان
بتاريخ 13 الشهر الجاري وأثناء وجود الناس وبكثافةٍ عالية حصل عمل إرهابي مشين في جادة التقسيم في مدينة إستانبول حيث انفجرت عبوة ناسفة راح ضحيتها الكثير من المدنيين العزّل، ويقال إنه قُتل فيها ستة أشخاص وأكثر من ستين جريحاً.
حتى ولو كانت الرواية التركيّة صحيحة أم لا، وبأنّ المرأة التي قامت بالعمليّة هي من كوباني أو ليست من كوباني، وبالرغم من تناقض الأنباء حولها، فإنّ مجرد ذكر أو حشر اسم كوباني في تلك العمليّة فإنّ كوباني وبنظر الكثيرين هي المتهمة وبشكل ما بالقيام بتلك العمليّة الإرهابيّة.
فأنا كابن لكوباني أشعر، وهي ليست للمرة الأولى، أنّ كوباني وأهلها تعرّضوا ويتعرّضون لهجمة وخطوة واستهداف مريب من طرفي الصراع في تركيا: الدولة التركيّة وب ك ك.
لأنّ هذه العمليّة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ضد هذه المدينة الفقيرة – الضحية.
وربّ سائل يسأل: لماذا كوباني بحد ذاتها؟
ولماذا كوباني توضع من جديد في وجه مدافع الجميع؟ ولمصلحة من؟
ولتوضيح هذه المعضلة فلا بدّ من إظهار بعض الوقائع أو المعطيات
وسأوجزها بما يلي:
إنّ كوباني بقراها ومدينتها – كُرد أصلاء منذ أجيالٍ، واستطاعوا الحفاظ على شهامتهم وهويتهم الكُرديّة، رغم الفقر والحصار والظلم والاضطهاد والإهمال المتعمّد من جهات كثيرة.
– إنّهم صادقون لشرفهم وغيرتهم على أرضهم – هكذا تربّوا في بيوتاتهم الفقيرة المبنيّة من الطين ، بدون ماء ولا كهرباء تربّوا في ظروف الفقر المدقع و لكن تبوّؤا عروش الإخلاص والصدق والوفاء لكُرديتهم.
– أهل كوباني وبمساعدة أخوتهم من كلّ مكان والبشمرگة وقوات التحالف استطاعوا كسر شوكة الإرهاب الدولي – الداعشي.
– كوباني وبقرابينها وعلى مذبحة الدفاع عن المبادئ الإنسانيّة من الديموقراطيّة والحريّة والعيش المشترك وما شابه من المبادئ الخلّاقة أصبحت ولسنواتٍ طويلة على لسان الجميع في العالم كله، ومجال بحوث و مقالات في جميع صحف الإعلام العالمي.
كلّ هذا أغضب جهات عديدة، فنزل عليهم الغضب مع لعنة الله؛ وذلك نتيجة قراراتٍ من جهات عدة بتأديب هؤلاء الكُرد المحصورين جغرافياً. فمنهم مَن يُقتل على يد فراعنة / كوادر پ ك ك ومنهم بالدرونات التركيّة والأغلبيّة فقدَ ويفقد كلّ شيء من الكرامة والأمن والاستقرار وأسباب العيش، فلا يرى سوى الهرب أملاً؛ لأنّ الجحيم والنظام الذي سُلّط عليه من قبل ب ك ك والأنظمة الأخرى، لم يعد أمامه إلّا الهرب من بلده، ولكن لا مفرّ فحتى الهرب لا ينفعه، فتخونه البحار أيضاً فيعود جثة ميتة إلى مدينته المنكوبة.
وهكذا فإنّ هناك مَن يستهدفه لأنه كُردي، وهناك مَن يستغلّه لأنه كُردي صادق وبريء والنتيجة هي نفسها – القتل، والموت في كلّ مكان، فيهنّئه البعض بالشهادة، وبأنّ الأرض لا تسعه، فلا بدّ أن يذهب إلى جنة الخلد، وإن كان لا يؤمن بها – فهو يريد حياة حرة كريمة، ولكن القرار ليس بيده فهو مجبر للارتقاء إلى ربه.. ويقال له:
“أنت مشروع شهادة”. وهو في هذه الحالة لا يعرف لماذا سيقتل أو يستشهد؛ لأن هدفه غير معلن وبهذا تائه.
وباختصار فإنّ قصة كوباني تنحصر بما يلي:
إنّها قصة شعب أخلص لمبادئه وأرضه وعرضه وشرفه، فعوقب ويعاقب من الجميع وتحت أسماء وذرائع مختلفة.
وباختصار أكثر فهي قصة شعب يُباد ويُهان من الجميع، مرةً ضد الإرهاب ومرةً مع الإرهاب.
إلى متى هذا الظلم يا رب؟
أم أنّ الرب ذاته لم يعد يفرّق بين الظالم والمظلوم. ومعه الدول الكبرى، والتي تعمل فقط لتثبيت مصالحها الاستراتيجيّة على حساب شعبي، ولكن أنا كابن روج آڤاي كُردستان الصورة واضحة لدي وأعلم أنني أصبحت قرباناً لحرب بين طرفين يعملون على تثبيت مبادئ الديموقراطيّة في تركيا