كي لا تبقى الحقيقة غائبة (رداً على هذيان صلاح بدرالدين )…الجزء الثالث
فؤاد عليكو
بعد إتمام ترتيبات السفر وصلنا إلى بلغاريا في 16/9/1990، وفي 18 الشهر عقدنا اجتماعاً خاصاً باللجنة المكلّفة ، وقرّرنا اللقاء بالدكتور سعدالدين والدكتور آمين أولاً ، ثم بصلاح بدرالدين ثم بمنظمة بلغاريا لاستبيان الآراء وبعد ذلك نعقد اجتماعاً مشتركاً لمناقشة الخلاف في منظمة أوربا وكذلك بين سعدالدين وصلاح تحديداً ، وكان هدفنا الأساسي إصلاح العلاقة بين الرفاق لا أكثر ، وحينما التقينا مع الدكتورين سعد الدين وأمين اعترضا على العمل بهذه الطريقة، ورأيا بأنّ الحل الأنسب هو أن نجلس جميعنا معاً ومباشرةً ونعرض نقاط الخلاف الموجودة،بعدها يعود التقدير لكم، يقيناً منهم بأنّ هذه الطريقة لن تؤدّي إلى نتيجة، لأنّ صلاح سوف ينفي كلّ ما نقوله ويدخللكم في دوّامة الاتهامات المتبادلة، ولن تصلوا إلى نتيجةٍ حقيقية ، وسيتعقّد الوضع أكثر ، ووجدنا في كلامهم المنطق، لذلك ذهبنا للقاء صلاح وعرضنا عليه فكرة ضرورة عقد اجتماعٍ مشترك، خاصةً ونحن رفاق القيادة جميعاً، ولا يوجد بيننا ما يمنعنا من اللقاء ، لكنّ صلاح رفض الفكرة جملةً وتفصيلاً وأكّد بأنه من المستحيل الجلوس مع سعيد (وهو اسم سعد الدين المتداول عملياً ).
بعد ذلك عقدنا اجتماعاً للطلبة بحضور 28 طالباً وكان هناك عدد كبير منهم لم يتمكّنوا من الحضور بسبب وجودهم خارج العاصمة صوفيا.
وقد كان النقاش مع الطلبة محبطاً للآمال ، فقد أكّد الجميع باستثناء شخصٍ واحد على أنّ العمل غير مجدٍ أبداً مع هذا الشخص ، واستعرضوا الكثير من سلوكياته ، وأكّدوا بأنّ صلاح لا يستحقّ حتى العضوية في الحزب نتيجة تصرفاته وسلوكياته المشينة وعدم اهتمامه بالحزب والرفاق وهو عضوٌ فعّال في منظمة التحرير ،ولا تهمّه كلّ القضية الكردية بل يستغلّها لأغراضه الخاصة لا أكثر (بإمكان أيّ شخصٍ أن يتأكّد من ذلك منهم الآن لأنهم الآن كتّاب وسياسيين وكوادر علمية متقدّمة يُعتبرون ثروة ثمينة لشعبنا ) وهم موزّعون في أوروبا وكُردستان العراق وسوريا ولا أريد ذكر أسمائهم سوى اسم رفيقين لأنهما ما زالا على رأس عملهم الحزبي حتى اليوم وهما الدكتور محمد جمعان دكتوراه في القانون الدولي ويعيش في النرويج والمهندس سليمان عبدالله الموجود في النمسا. أما البقية فلا أعطي لنفسي الحق في ذكر أسمائهم دون أخذ رأيهم.
ثم عدنا للدكتور سعيد وللدكتور أمين ، وصارحناهم بأننا فشلنا في عقد لقاءٍ مشترك بينكم بسبب رفض صلاح المطلق وما عليكم إلا أن تقولوا لنا رأيكم لننقله للقيادة في الداخل ، وهذا ما حصل ، وفي جلسة العشاء مع صلاح في مطعم موسكوفا بناءً على دعوته، عدنا للحديث مجدّداً وضغطنا عليه كثيراً فما كان منه إلا أن انفعل وتفوّه بكلماتٍ نابية سوقية بحقّ الرفيق سعيد ،أترفّع عن ذكرها ، لكنني قلت منفعلاً أيضاً :لو كان هناك عضو فرقة حزبية و تفوّه مثلك لفصلناه من الحزب، هذا الكلام لا يليق برفيقٍ في موقع الأمين العام لهذا الحزب العريق.
ومن الجدير بالذكر أيضاً وأثناء فترة وجودنا هناك طلب صلاح اللقاء منفرداً بالأستاذ حسن وعرض عليه مبلغاً من المال بداعي أنّ ظرفه العائلي المادي صعب ، حسب ما يعلم، لكنّ الأستاذ حسن رفض ذلك بشكلٍ قاطع وقال : إذا كنت تريد مساعدة الحزب فهذا أفضل والحزب بحاجةٍ ماسة لذلك .
لكنه رفض ذلك .وبعد يومين جرت نفس المحاولة معي لكن بلقمةٍ أكبر، لكنني قلت له : نحن لسنا للبيع .
حينها فهم من كلامي بأنّ الأستاذ حسن قد أسرّ بالكلام ، عما حصل معه ، وانقطع الاتصال بيننا في بلغاريا.
لكنّ الصدفة لعبت دورها، فأثناء عودة الرفيق جميل حسن إلى تركيا من بلغاريا شاءت الصدفة أن يكون مقعده بجانب مقعد أحد رفاقنا من قامشلو (عبدالكريم) وهو شقيق الأستاذ عبدالسلام أبو زورو المعروف في القامشلي كما ان هناك صلة قرابة بينهم والأستاذ حسن.
وأثناء اقترابهم من الحدود التركية أسرّ الرفيق جميل لعبدالكريم بأنّ في حوزته مبلغٌ من المال ويمكنه أن يحمل قسماً منه حتى يجتازوا نقاط التفتيش على الحدود، لأنّ المبلغ كبير وقد يتعرّض الشخص الذي يحمله كله للمساءلة ، لذلك قام بتسليمه 3000 دولار ثم عاد إليه بعد ذلك. لكن (لعنة) هذا المبلغ التافه قد فجّر الأزمة مع الأسف ، لأنّ عبدالكريم قد نقل ماحصل معه للأستاذ حسن وهو بدوره نقله لي ولأبو آشتي واتفقنا أن لانذكر شيئاً عن الموضوع في الاجتماع القادم ،فلربما سلم صلاح المبلغ للأستاذ جميل ليقدّمه للحزب كمساعدة، لكنّ الاجتماع انتهى بمشاحناتٍ عقيمة ،ولم يقل كلمة في الموضوع ، ثم انتظرنا شهراً آخر للاجتماع، وفي هذا الاجتماع صارحناه بتفاصيل الموضوع فما كان منه الا أن انفعل وقال بحدية: نحن لم نعد رفاق وقد سلّمت المبلغ للرفيق سامي ليتصرّف به على أمور الحزب وهكذا بدا لنا رأي صلاح النهائي في معالجة أزمة الحزب. حينها خرجنا من الاجتماع دون استكماله، وتأكّد لنا بأننا وصلنا إلى طريقٍ مسدود.
ولم يدم الأمر طويلاً حتى فؤجئنا بعقد اجتماعٍ خاص بدوننا واتخذ بحقنا عقوبة التجميد ، نحن الخمسة حتى المؤتمر القادم، دون تحديد موعد للمؤتمر ،وقد سُلّم القرار لنا عن طريق الرفيق محمد أمين عمر وهو عضو في اللجنة المنطقية والمجمّدون هم (حسن صالح، فؤاد عليكو ،عبدالباقي يوسف ،سعيد ملا، دكتور آمين ).وهكذا اتخِذ القرار من قبل خمسة رفاق من المركزية بحق خمسة رفاق من المركزية، إنه حقاً أمر يدعو للاستهجان .
لكنهم برّروا موقفهم بأننا مع صلاح نشكّل سته ضد خمسة ، علماً في هذه الفترة كان الرفيقان مصطفى أوصمان ومصطفى جمعة في خدمة العلم .
– تحرّك الفروع :عندما علمت منظمات القاعدة في الحزب تحرّكوا جميعاً للملمة الوضع، وتجاوزَ الفروع اللجنة المركزية والمنطقيات وعقدوا اجتماعاً لفروع الجزيرة وشكّلوا لجنة برئاسة المرحوم الرفيق عبدالصمد أبو داوود ،وذهبوا إلى حلب وهناك التقوا بفروع حلب وعفرين والطلبة واتفق الجميع على رفض الإجراء وانشقاق الحزب، وفرضوا على أطراف المركزية عقد اجتماعٍ تحت رعايتهم أي الفروع في حلب.
وحضرنا نحن الثلاثة ومن الطرف الآخر حضر المرحوم الرفيق سامي والرفيق جلال منلا، ودارت نقاشات حادة وعميقة، وتوصّل الفروع إلى القرار التالي:(قبول الرفاق الثلاثة بقرار تجميدهم مقابل تعهد الرفاق الآخرين بعقد المؤتمر خلال مدة أقصاها ثلاثة اشهر وبمشاركة الفروع معهم بالتحضير للمؤتمر مع التأكيد على حضور جميع أعضاء المركزية المؤتمر ومايقرّره المؤتمر بالأكثرية سوف يلتزم به الجميع ).
وقد قبلنا بالقرار وتعهّدنا بعدم القيام بأيّ نشاطٍ مضاد خلال هذه الفترة ،كما قبل الرفيق جلال منلا بالاتفاق لكنّ الرفيق سامي رفض الالتزام بفترة 3 أشهر لعقد المؤتمر وكذلك أن يتمّ مناقشة وضع الرفاق المجمّدين قبيل المؤتمر وحينها نقرّر حضورهم من عدمه للمؤتمر .
وهكذا التزمنا بقرار الفروع لمدة 3 أشهر، لكنها كانت غلطة كبيرة منا، حيث استغلّ الطرف هذا القرار وترك لهم حرية الحركة وتشويه صورتنا أمام رفاقنا، خاصةً في كوباني وحلب وعفرين ،دون أن يسمح لنا بالتواصل مع أحد .
وبعد مضي هذه المدة لم يتمكّن الفروع من الضغط عليهم للالتزام بعقد المؤتمر، ووجدنا انفسنا أمام حزبٍ منشقٍ على نفسه ، بعد ذلك قمنا بعقد المؤتمر في أيلول 1991 وانتخاب قيادة جديدة وانتخاب مصطفى أبو أوصمان سكرتيراً للحزب.
كما عقد الطرف الآخر مؤتمرهم في عام 1992 ولم يترشّح للقيادة المرحوم نذير شيخموس والسيد موسى أوسكى، لكنّ مسلسل الأزمة مع صلاح لم ينتهِ بخروجنا من الحزب، فلقد انسحب المرحوم المهندس محمد أمين أبو كاوا عضو اللجنة المركزية 1996 والتحق بصفوف البارتي .
ثم استفحل الوضع في القيادة تدريجياً حتى عام 2000 حيث تقرّر تشكيل لجنة من المكتب السياسي (المرحوم مشعل تمو، جلال منلا، بشار آمين، مصطفى جمعة) للقاء صلاح بدر الدين في الأردن وفي هذا اللقاء لم يتوصّلوا إلى شيءٍ واستغلّ الوضع أكثر، وقد التقيت مع المرحوم مشعل تمو بعد عودته في مكتب المهندس اكرم حسين ، حيث أكّد لنا بأننا وصلنا إلى طريقٍ مسدود مثلكم وأنه ومجموعة من الرفاق سوف يعتكفون عن العمل السياسي حالياً علماً أنّ الأكثرية في القيادة معهم ، وحينها استقال كلٌّ من مشعل تمو وجلال منلا عضوا المكتب السياسي وريزان شيخموس وجميل حسن عضوا اللجنة المركزية.وقد تأكّد لنا فيما بعد صحة كلامه من حيث استمرارية الأزمة ،وشعر صلاح بأنّ القيادة لم تعد تتواصل معه كالسابق ولم تعد تعتد بآرائه(نقل على لسان أعضاء المكتب السياسي آنئذ)، حينها أدرك بأنه قد وصل إلى نهاية مشواره الحزبي ، وفضّل الانسحاب بدلاً من أن يُطرد في المؤتمر القادم وهكذا استقال . لكنه خرج جريحاً ومهزوماً وحاقداً على الحركة الكُردية، واعتبر في مقابلته في الجزء الثاني بأنّ الحركة الكُرديةالتقليدية قد ماتت بعد (هبّة) 2004 حسب توصيفه للانتفاضة، أي إنّ الحركة الكُردية انتهت بنهايته ، ولنا عودةٌ إلى موضوع الانتفاضة لاحقاً.
في الجزء الرابع، سنستعرض موضوع انتخابات مجلس الشعب 1990وعلاقة اللواء محمد منصورة بالانتخابات وعلاقة صلاح بدرالدين باللواء محمد ناصيف.